لا تزال قضية سفينة الأبحاث التابعة للبحرية الصينية التي رست، الثلاثاء، في ميناء بجنوب سريلانكا، تتفاعل، وأثارت موجة اعتراضات من الولايات المتحدة الأميركية والهند.
ولفتت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية إلى أن السفينة "يوان وانج 5" وصلت قبل الساعة 8 من صباح الثلاثاء (بالتوقيت المحلي) وستبقى لمدة ثلاثة أيام، وفقاً لمجموعة ميناء هامبانتوتا الدولي، وهو ما يمثل انتصاراً صغيراُ لبكين على واشنطن ونيودلهي.
وتم استقبال السفينة، التي يقال إنها كانت تقل ألفي بحار، بمراسم سريلانكية تقليدية حضرها السفير الصيني تشي تشن هونج ومشرعون سريلانكيون.
وأظهرت لقطات من الحدث عدداً من كبار الشخصيات جالسين على سجادة حمراء أمام السفينة الصينية الراسية بينما كان طاقمها يحمل لافتة حمراء ضخمة على السطح كتب عليها: "مرحباً سريلانكا، تحيا سريلانكا، الصداقة الصينية".
وكان مسؤولون هنود وأميركيون قد أثاروا مخاوف بشأن الجوانب السياسية لسفينة تابعة للبحرية الصينية ترسو في ميناء هامبانتوتا الدولي، الذي أجرته الحكومة السريلانكية لشركة "تشاينا ميرشانتس بورت هولدنجز" المملوكة للدولة الصينية في عام 2017، بعدما فشلت سريلانكا في سداد ديونها لبكين.
وأدانت الولايات المتحدة نقل السيطرة على الميناء باعتباره مثالاً رئيسياً على ممارسات الإقراض الضارة للصين، وتأثيرها المتزايد على الدولة الجزرية، وهي مزاعم نفتها الصين بشدة.
موطئ قدم
وينظر إلى الميناء أيضاً على أنه موطئ قدم استراتيجي محتمل للبحرية الصينية لاستعراض قوتها في المحيط الهندي.
وحذرت الهند في الأسابيع الماضية من أن السفينة "يوان وانج 5"، وهي سفينة يقال إنها غير مسلحة ولكنها مزودة بأجهزة استشعار متقدمة، يمكن أن تتجسس على المنشآت الدفاعية الهندية. وقالت الهند إنها ستتخذ الإجراءات المضادة اللازمة لحماية الأمن القومي.
كما قال مسؤولون هنود إن نيودلهي قدمت مساعدات مالية كبيرة هذا العام إلى سريلانكا (حوالي 4 مليارات دولار) مع دخول الاقتصاد السريلانكي مرحلة السقوط الحر. وقالوا إن سريلانكا يجب أن ترفض دخول السفينة الصينية إلى ميناء حساس سياسياً قريب جداً من الهند.
وتعوّل الدولة الجزرية المفلسة، التي تسعى إلى إعادة هيكلة ديونها، على الصين والهند من بين دائنيها.
وقال براهما تشيلاني، العضو السابق في المجلس الاستشاري للأمن القومي الهندي، عبر "تويتر"، الثلاثاء: "عندما توجه دولة صغيرة مفلسة مثل سريلانكا صفعة دبلوماسية إلى نيودلهي من خلال استضافة سفينة مراقبة صينية في ميناء هامبانتوتا التجاري، فهذا تذكير مذهل بكل من السياسة الخارجية الهندية العاجزة وتراجع نفوذها في فنائها الخلفي الاستراتيجي".
وكان الجيش الهندي قد منح سريلانكا، الاثنين، قبل أقل من يوم من رسو السفينة الصينية في هامبانتوتا، طائرتي استطلاع كبادرة صداقة.
غضب صيني
وتحت ضغط من الهند، طلبت سريلانكا من الصين الأسبوع الماضي تأجيل وصول السفينة. وردت بكين بغضب، واتهمت دولاً أخرى بالتدخل في تعاملاتها مع سريلانكا.
وقال مسؤولون سريلانكيون كبار، تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم، الثلاثاء، إن الصينيين "لم يتهاونوا في إصرارهم" على أن ترسو السفينة. وكان من المقرر أصلاً أن تصل السفينة في 11 أغسطس، لكن وصولها تأجل بينما كان المسؤولون السريلانكيون يتفاوضون مع مختلف الحكومات.
وذكرت وزارة الخارجية السريلانكية في بيان أن سريلانكا "دخلت في مشاورات مكثفة على مستوى عالٍ من خلال القنوات الدبلوماسية مع جميع الأطراف المعنية" قبل منح التصريح النهائي.
وقال ديان جاياتيليكا، السفير السريلانكي السابق لدى روسيا، إن سريلانكا قد تتوقع رد فعل غاضباً من الحكومة الهندية، التي تشتبه منذ فترة طويلة في أن ميناء هامبانتوتا يمكن أن تستخدمه الصين في نهاية المطاف لأغراض مدنية وعسكرية.
وأضاف أن وصول سفينة عسكرية صينية "لا يمكن أن يفلت من رد فعل من القوة الكبرى الأخرى في المنطقة. سيكون هناك رد من الهند، التي يمكن أن تتراجع عن المساعدات الاقتصادية المقدمة لسريلانكا، أو شيء أكثر حزماً".