قال وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، الاثنين، إن تذبذب أسواق النفط وضعف السيولة "يعطيان إشارات خاطئة للأسواق"، مؤكداً أن تحالف "أوبك+" يمكنه التعامل مع التحديات بعدة وسائل منها "إمكانية خفض الإنتاج في أي وقت وبطرقٍ مختلفة"، معلناً بدء العمل "قريباً" على صياغة اتفاق جديد لما بعد عام 2022.
وأشار الأمير عبد العزيز بن سلمان في تصريحات لـ"بلومبرغ"، وأوردتها وكالة الأنباء السعودية "واس" أيضاً، إلى أن "سوق النفط الآجلة وقعت في حلقةٍ سلبية مفرغة ومتكررة تتكون من ضعف شديد في السيولة وتذبذب في الأسواق تعملان معاً على تقويض أهم الوظائف الأساسية للسوق؛ ألا وهي الوصول بفاعلية إلى الأسعار المناسبة والصحيحة".
وأضاف أنها "تجعل تكلفة التحوط وإدارة المخاطر كبيرة جداً على المتعاملين في السوق الفورية"، معتبراً أن "لهذا الوضع تأثيره السلبي الكبير في سلاسة وفاعلية التعامل في أسواق النفط، وأسواق منتجات الطاقة الأخرى، والسلع الأخرى لأنه يُوجِد أنواعًا جديدة من المخاطر والقلق".
وأوضح أن الحلقة سلبيةً تزداد "مع المزاعم التي لا تستند إلى دليل في الواقع حول انخفاض الطلب في السوق، والأخبار المتكررة بشأن عودة كميات كبيرة من الإمدادات إلى الأسواق، والغموض وعدم اليقين بشأن الآثار المحتملة لوضع حد سعري على البترول الخام ومنتجاته، وإجراءات الحظر، وفرض العقوبات".
وانخفضت العقود الآجلة القياسية للنفط الخام بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة في لندن ونيويورك في ظل القلق بشأن التوقعات المرتبطة بالاقتصاد العالمي وإمكانية وصول النفط الإيراني إلى السوق.
تذبذب الأسواق
وعن تذبذب أداء الأسواق، وصف الأمير عبد العزيز بن سلمان الوضع بـ"شديد الضرر"، وأضاف: "لأنه بدون سيولة كافية لا يمكن للسوق أن تعكس واقعها الحقيقي بشكلٍ هادفٍ، بل يمكنها، في الواقع، أن تعطي إحساساً خاطئاً بالأمان، في وقت أن الطاقة الإنتاجية الاحتياطية محدودة للغاية، ومخاطر الانقطاعات الشديدة في الإمدادات مرتفعة جداً".
وأعرب عن عدم الحاجة لـ"النظر بعيداً لنرى الدليل على هذا، فالسوق الآجلة والسوق الفورية أصبحتا منفصلتين عن بعضهما بشكلٍ متزايد، وأصبحت السوق، بشكلٍ ما، تعاني من حال انفصام".
وأكد أن الوضع الحالي "يوجد سوقاً تعاني من التذبذب بين الارتفاع والانخفاض"، ولفت إلى أنه كذلك "يبعث برسائل خاطئة في وقتٍ تشتد فيه الحاجة إلى مزيد من الشفافية والوضوح، وإلى أسواق تعمل بفاعليةٍ وكفاءة عاليةٍ أكثر من أي وقت مضى، ليتمكن المتعاملون في السوق من التحوط، وإدارة المخاطر الكبيرة، والتعامل مع حال عدم اليقين التي يواجهونها بفاعلية".
تحركات "أوبك+"
وأشار الوزير السعودي إلى أن التحالف "أوبك+" واجه "أوضاعاً أكثر تحدياً في الماضي، وخرج منها أكثر قوةً وتماسكاً من أي وقت مضى"، معتبراً أنه "أصبح أكثر التزاماً ومرونة".
ولفت إلى أن لدى التحالف "وسائل ضمن إطار آليات إعلان التعاون تُمكّنها من التعامل مع هذه التحديات وإرشاد الأسواق"، مبيناً أنها تشمل "إمكانية خفض الإنتاج في أي وقت، وبطرقٍ مختلفة، وهو ما أثبتتهُ مجموعة أوبك بلس مراراً وبوضوح خلال عامي 2020 و2021".
وأعلن أن التحالف سيبدأ "قريباً على صياغة اتفاقية جديدة لما بعد العام الجاري"، مؤكداً أنه "سيواصل البناء على خبراته وإنجازاته ونجاحاته السابقة".
وتابع: "نحن مصممون على جعل الاتفاقية الجديدة أكثر فاعلية، والواقع أن ما شهدناه، خلال الفترة الماضية، من تقلُّباتٍ خطيرة أثرت سلبًا في أساسيات أداء السوق، وقوضت استقرارها، لا يزيدنا إلا إصرارًا على تحقيق ذلك".
يأتي ذلك بالتزامن مع هبوط أسعار النفط 4% خلال التعاملات الاثنين، ولكن النفط قلص خسائره بعد التصريحات ليصبح خام "برنت" منخفضاً 1.26% عند 95.5 دولار للبرميل، في حين أن الخام الأميركي انخفض 0.94% عند 89.92 دولار.
وينخفض النفط بفعل مخاوف بأن زيادات كبيرة في أسعار الفائدة الأميركية ربما تؤدي إلى تباطؤ اقتصادي عالمي وتقوض الطلب على الوقود، بحسب وكالة "رويترز".
مباحثات أميركية
وتعليقاً على سؤال لـ"الشرق"، قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس خلال الإحاطة اليومية، إن الولايات المتحدة تجري مباحثات مستمرة مع شركائها حول العالم، في أطر ثنائية ومتعددة الأطراف، لضمان وجود إمدادات مستقرة من الطاقة في أنحاء العالم.
وأفاد المتحدث بأن واشنطن لديها علاقات وثيقة مع الدول الأعضاء في "أوبك"، على الرغم من عدم عضويتها في المنظمة، وكذلك تحالف "أوبك بلس"، مشيراً إلى أن المحادثات التي تجريها واشنطن مع شركائها تأتي في ظل وضع للطاقة "زاد من تفاقمه العدوان الروسي على أوكرانيا".
وأشار إلى أن واشنطن "فعلت ما بوسعها على المستوى المحلي"، من خلال الاستفادة من الاحتياطي الاستراتيجي من النفط "بوتيرة غير مسبوقة"، والعمل مع شركاء في مناطق تتوسط العالم، بهدف خدمة إمدادات الغاز الطبيعي لحلفاء وشركاء واشنطن، الذين يحتاجون لتلك الإمدادات، خاصة مع اقتراب الشتاء.
وذكر أن الولايات المتحدة بالتعاون مع شركائها الأوروبيين أطلقت فريق عمل يركز على تسريع الانتقال إلى الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، "وكيف يمكننا الانتقال بعيداً عن الاعتماد على روسيا وغيرها من مصادر الطاقة العالمية غير الموثوقة"، مشيراً إلى أن تلك المناقشات مستمرة أيضاً.