مسؤول جزائري لـ"الشرق": ليس لدينا الكثير لنقدّمه لفرنسا بشأن أزمة الطاقة

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مؤتمر صحافي في الجزائر العاصمة- 6 ديسمبر 2017 - REUTERS
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مؤتمر صحافي في الجزائر العاصمة- 6 ديسمبر 2017 - REUTERS
دبي- عبد الرزاق طاهير

قال مصدر رسمي جزائري لـ "الشرق"، إن بلاده "ليس لديها ما تقدمه للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مسائل الطاقة"، لكنه شدد على أن "كل المسائل ستطرح على الطاولة وسنرى ما سيؤول إليه الأمر".

وأضاف المصدر الجزائري، إن "المتوقع أن يطلب الرئيس ماكرون المساعدة لتجاوز أزمة الطاقة الحادة التي تواجهها فرنسا وأوروبا عموماً، ولكن لا توجد لدينا خيارات كثيرة متاحة حالياً، بسبب ارتباطاتنا مع الشريكين الأوروبيين الآخرين إيطاليا وإسبانيا، بعقود توريد الغاز الجزائري".

"الذاكرة والغاز والتأشيرات"

وكانت وكالة "رويترز" نقلت عن المتحدث باسم الحكومة الفرنسية أوليفييه فيران، قوله الأربعاء، إن ماكرون سيناقش قضايا الطاقة والهجرة خلال زيارته للجزائر المقررة الخميس.

وعلى المستوى السياسي، قال المصدر الجزائري لـ"الشرق" إن "ملف الذاكرة سيكون حجر الأساس" في زيارة ماكرون على الأقل من منظور الجانب الجزائري.

وأضاف المصدر أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون "سيحرص على تجديد المطالب التي تمسّك بها ضمن برنامجه الانتخابي.. ومن الواضح بالنسبة لنا أن القضايا المرتبطة بالذاكرة والتاريخ المشترك تبقى مسائل سيادية".

وذكر المصدر أن السلطات الرسمية في الجزائر لم تعد تنظر إلى "اعتذار فرنسا عن جرائمها في فترة الاحتلال باعتباره أولوية"، لكنه اعتبر في الوقت ذاته أن "المرونة في التعامل مع الاعتذار لن تكون كذلك في قضية تعويض المتضررين من ضحايا التجارب النووية الفرنسية في الجزائر".

وشدد على أن الرئيس تبون سيبُلغ نظيره الفرنسي بالأمر من أجل "حسم الموضوع بشكل نهائي خلال هذه الزيارة".

ووفقاً للمصدر ذاته، فإن من القضايا التي ستُطرح على الطاولة خلال هذه زيارة ماكرون "مطلب إعادة تفعيل اتفاقية تنقّل المواطنين بين البلدين"، التي تمنح للجزائريين الأفضلية، كما أن الجانب الجزائري سيطلب "توضيحات بشأن أسباب تقليص حصة الجزائريين من التأشيرات الفرنسية".

ومع تراجع حصة الاستثمارات الفرنسية في الجزائر قياساً بالوجود الصيني والتركي، أفاد المصدر لـ"الشرق" بأن الجزائر ستُدافع عن موقفها لأن "استعادة فرنسا مكانتها كشريك اقتصادي مُفضل تتوقف على المفاوضات وعروض الاستثمار التي سيُقدمها الشريك الفرنسي".

أما بشأن مسألة الصحراء فقال المصدر إن "الجزائر تنتظر من فرنسا تأكيد موقفها الحيادي من النزاع".

 

ويبدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس، زيارة رسمية للجزائر تستمر ثلاثة أيام، تتوجه في المقام الأول إلى "الشباب والمستقبل" بحسب الإليزيه، وذلك من أجل إعادة بناء مستدامة لعلاقة البلدين، التي تضررت بسبب شهور من الخصومات المتعلقة بذاكرة الاستعمار.

والثلاثاء، قال الإليزيه إن "رئيس الجمهورية ماكرون اختار توجيه هذه الزيارة نحو المستقبل والشركات الناشئة والابتكار والشباب وقطاعات جديدة".

كما سيجري ماكرون "حواراً مطولاً"، الجمعة، مع رجال الأعمال الشباب في العاصمة الجزائر، ويلتقي بشباب في وهران، ثاني مدن البلاد، بمناسبة عرض لرقص البريك دانس.

وشدّدت الرئاسة الفرنسية على أن الزيارة الثانية لماكرون إلى الجزائر منذ توليه الحكم في عام 2017، تهدف إلى "إرساء أساس لإعادة بناء وتطوير" العلاقة بين باريس والجزائر.

علاقات متعثرة

زيارة ماكرون تأتي في أعقاب فترة حملت في طياتها كثيراً من الرمزية، لا سيما بعد إحياء الذكرى السنوية الستين لتوقيع اتفاقيات إيفيان (18 مارس 1962)، التي وضعت حداً لحرب استمرّت سبع سنوات بين الثوار الجزائريين والجيش الفرنسي، واستقلال الجزائر (في 5 يوليو 1962) بعد استعمار فرنسي دام 132 عاماً.

وكانت العلاقة الجزائرية الفرنسية في عهد ماكرون، الذي يُعد أول رئيس للجمهورية الفرنسية الخامسة مولود بعد حرب الجزائر، تبدو على المسار الصحيح، لكنها سرعان ما تعثرت عقب سلسلة من الخلافات بشأن هذا التاريخ المشترك. إذ ضاعف ماكرون مبادراته، لكنه لم يُقدّم اعتذاراً عن الاستعمار الفرنسي للجزائر.

وفي سبتمبر 2021 تدهورت العلاقات بين باريس والجزائر، بعدما وصف ماكرون النظام السياسي الجزائري بـ"العسكري"، واتهمه بتكريس سياسة "ريع الذاكرة" بشأن حرب الاستقلال، وشكك في وجود "أمة جزائرية" قبل الاستعمار الفرنسي.

واستدعت الجزائر سفيرها في فرنسا حينذاك، ليعود لاحقاً بينما بدا أن البلدين أعادا ترميم العلاقات التي تمليها أولويات أخرى، من الحرب في أوكرانيا إلى أمن منطقة الساحل بإفريقيا.

ويعتزم الرئيس الفرنسي "مواصلة العمل لتهدئة الذاكرة"، إذ سيذهب إلى مقبرة بولوجين (سانت أوجين) في الجزائر العاصمة، حيث دُفن العديد من الفرنسيين المولودين في الجزائر، لكن هذا "ليس الهدف الرئيسي لهذه الزيارة"، حسبما أشار الإليزيه.

وبمناسبة إعادة إحياء هذه العلاقة، سيقيم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي سيستقبل نظيره الفرنسي لدى وصوله بعد ظهر الخميس، مأدبة عشاء رسمية على شرفه. وسيجري الرئيسان قبل ذلك محادثات ثنائية بعد أن يزورا معاً نصب الشهداء.

تصنيفات