تقرير: "أزمة هوية" تهدد الحزب الجمهوري الأميركي بسبب ترمب

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال حفل عشاء نظمه الحزب الجمهوري في ولاية كارولاينا الشمالية - 5 يونيو 2021 - REUTERS
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال حفل عشاء نظمه الحزب الجمهوري في ولاية كارولاينا الشمالية - 5 يونيو 2021 - REUTERS
دبي- الشرق

يتصرّف الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة الآن مثل حزب يبحث عن نفسه، قبل أقل من 3 أشهر من انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، التي كان من المرجّح أن يستعيد الجمهوريون من خلالها قيادة مجلسَي النواب والشيوخ، ويستعدوا لانتخابات الرئاسة عام 2024، بحسب "بلومبرغ".

وسيكون أغسطس الجاري شهراً محورياً إذا تعثر الحزب، كما تشير استطلاعات الرأي بشكل متزايد.

وبدأ الأمر بحملة الدهم، التي نفذها "مكتب التحقيقات الفيدرالي" (إف بي آي) لمنزل الرئيس السابق دونالد ترمب في فلوريدا، ودفاع الحزب عنه بشكل عدائي، في تناقض مع صورته كمؤيّد لتطبيق القانون.

وباتت نقاط ضعف المرشحين لمجلس الشيوخ، الذين اختارهم ترمب شخصياً، صارخة مع انتهاء الاقتراع التمهيدي، إذ ينصبّ التركيز على عدد ضئيل من الناخبين المؤيّدين للحزب، والانتقال إلى الانتخابات العامة، التي تتطلّب جذب مجموعة متنوّعة من الناخبين.

"هل نحن حزب ترمب؟"

كذلك سُلط الضوء على شخصيتين جمهوريتين بارزتين، بشكل أبرز الانقسامات في الحزب. فالنائبة ليز تشيني، التي قادت جلسات الاستماع في لجنة التحقيق بشأن أحداث 6 يناير 2021 ودور ترمب في تحريض أنصاره على اقتحام مبنى الكابيتول، خسرت في الانتخابات التمهيدية أمام مرشحة مؤيّدة للرئيس السابق، لتولّي ولاية ثالثة في مجلس النواب عن ولاية وايومنج. أما حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس، فبدأ يكتسب زخماً بوصفه بديلاً لترمب.

الرئيس السابق لم يُظهر أي ميل إلى إفساح المجال لمرشحين آخرين، واستخدم حلفاؤه التحقيق الذي يجريه "إف بي آي" من أجل تشجيعه على خوض معركة الرئاسة للمرة الثالثة، ما يرجّح صداماً مع وريثه المحتمل، بحسب "بلومبرغ".

إنها لحظة حاسمة بالنسبة للجمهوريين، الذين كانوا يعتمدون على تقديمهم أداءً قوياً في انتخابات الكونجرس، للعودة إلى البيت الأبيض في عام 2024. لكن أزمة الهوية التي يعاني منها الحزب، واضحة في الأداء المتفاوت للمرشحين لمجلس الشيوخ في ولايات يُرجّح أن تشهد معارك انتخابية، مثل بنسلفانيا وجورجيا وأريزونا وأوهايو، ومسائل أخرى، تعرّض للخطر آفاق حصوله على أغلبية في الكونجرس.

وقال روبرت بليزارد، وهو استراتيجي جمهوري: "ثمة فصائل كثيرة داخل الحزب. الأمر يبدو معقداً. هل نحن حزب ترمب؟ هل بلغنا مرحلة أن نكون حزب ديسانتيس؟".

توتر بين ترمب وماكونيل

في غضون ذلك، طرأ تحسّن على وضع الرئيس جو بايدن والديمقراطيين. ففي أغسطس، حققوا انتصارات من خلال تشريع بشأن الوضع الصحي للمحاربين القدامى، وتمرير الحزبين مشروع قانون يعزّز تصنيع رقائق أشباه الموصلات في الولايات المتحدة، إضافة إلى مشروع قانون لكبح الاحتباس الحراري، وخفض تكاليف الأدوية التي تُشرى من خلال وصفة طبية.

كذلك أشرف بايدن على تصفية زعيم تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهري في كابول، وأوفى هذا الأسبوع بتعهد حملته الانتخابية بإعفاء طلاب من ديون.

كما أن فشل استفتاء نظمته ولاية كانساس هذا الشهر لحظر الإجهاض، بعد قرار المحكمة العليا في هذا الصدد، أثار تفاؤل الديمقراطيين بشأن انتخابات الكونجرس.

الحزبان متعادلان في مجلس الشيوخ، مع 50 مقعداً لكلّ منهما، علماً أن لدى نائبة الرئيس كامالا هاريس صوتاً مرجّحاً، بصفتها رئيسة للمجلس أيضاً. وبات الديمقراطيون مرشحين لتعزيز أغلبيتهم في المجلس، وفقاً لموقع FiveThirtyEight.

لكن الجمهوريين ما زالوا مرشحين للفوز بمجلس النواب، نظراً إلى كيفية حسم السباقات في المقاطعات لمصلحة الحزب الذي يسيطر على الهيئة التشريعية في الولايات.

وحذر ميتش ماكونيل، زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ، من أن "لجودة المرشح علاقة كبيرة بنتيجة" الاقتراع في مجلس الشيوخ. وشكّل ذلك اعترافاً ضمنياً بأن المرشح الذي يؤيّده ترمب في ولايات تشهد تنافساً، يواجه خصماً ديمقراطياً قوياً ويمكن أن يخسر في السباق، بحسب "بلومبرغ".

وأشعل ذلك حرباً كلامية في الحزب، إذ أبدى ترمب استياءً واضحاً من تصريحات ماكونيل، وحضّ على "اختيار زعيم جمهوري جديد في مجلس الشيوخ فوراً".

قاعدة مفتونة بترمب

وقال تيري سوليفان، وهو خبير استراتيجي أدار حملة انتخابات الرئاسة للسيناتور الجمهوري ماركو روبيو في عام 2016: "إذا لم تتمكّن من الفوز بصفتك جمهورياً في هذه الدورة، فأنت تواجه مشكلات جدية".

لكن ثمة قاعدة واضحة وصاخبة، لا تزال مفتونة بترمب وتريد عودته، فيما يتيح رون ديسانتيس، الذي درس القانون في جامعتَي ييل وهارفرد، نظرة أكثر منهجية لشعار "اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" الذي يرفعه الرئيس السابق.

أما ليز تشيني فتمثّل حزباً قد لا يكون موجوداً بعد الآن وأُعيد تشكيله على صورة ترمب.

ثمة شخصيات جمهورية تحتل مكانة بين ديسانتيس وتشيني، وتحاول جذب انتباه الرأي العام بشأن ملفات أخرى، بينها السيناتوران جوش هاولي وتوم كوتون اللذان يقدمان نفسيهما بوصفهما صقرين مناهضين للصين.

أما السيناتور عن ولاية تكساس، تيد كروز، وحاكم الولاية جريج أبوت، فركّزا على الهجرة، فيما ركّز السيناتور عن فلوريدا ريك سكوت على ملفات الحرب الثقافية، من أجل إغراء الناخبين المحافظين.

تبدّل نسيج الحزب الجمهوري

يشعر الجمهوريون بقلق متزايد من أنهم أهدروا فرصة سانحة، نتيجة ضعف شعبية بايدن وغضب من ارتفاع معدلات التضخم والجريمة. فشعبية الرئيس الديمقراطي ترتفع، وأسعار البنزين تتراجع، فيما يسجّل التضخم بوادر حلحلة، كما أن البطالة لا تزال منخفضة.

ويلفت مستشارون سياسيون جمهوريون، مثل سوليفان، إلى تبدّل نسيج الحزب الجمهوري. فمن خلال تبنّيه هوية أكثر شعبوية، ضحّى بأولئك من ذوي التعليم العالي والطبقة المتوسطة العليا في الضواحي، الذين باتوا ناخبين مستقلين.

يمكن لهذه الشريحة من السكان الآن أن تصوّت للحزبين، لكن الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للجمهوريين، في ولايات مثل ويسكونسن أو بنسلفانيا. وأشار سوليفان إلى حملة "ترقيع" لرفع أسهم الحزب.

ونبّه الخبير الاستراتيجي الجمهوري جون توماس إلى أن هوية الحزب الجمهوري باتت الآن مترسّخة بشكل كامل على شكل ترمب، من خلال دهم منزله في فلوريدا.

حتى ذلك الحين، كان توماس يعمل في لجنة عمل سياسي مؤيدة لديسانتيس، وقال: "كانت تلك لحظة مفصلية ومحورية في الحزب الجمهوري. لكي تكون الرجل (المناسب)، عليك أن تهزم الرجل (الذي يتزعم الحزب). في الوقت الحالي، لم يهزم أي جمهوري ترمب. على رون (ديسانتيس) أن ينتزع ذلك من ترمب، ولا أرى حصول هذا الأمر الآن".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات