أعلن حزب المحافظين البريطاني الاثنين، فوز ليز ترَس بزعامة الحزب ورئاسة الوزراء، خلفاً لبوريس جونسون، في وقت تواجه فيه البلاد أزمة في تكاليف المعيشة واضطرابات بالقطاعات الإنتاجية وركوداً.
وأعربت ترَس في كلمتها بعد إعلان فوزها، عن شكرها لناخبيها من حزب المحافظين، وأثنت على سياسة جونسون بقولها: "أنت من أنجزت عملية البريكست وأنت من قهرت جيرمي كوربن (زعم حزب العمال المعارض) وأنت من وزعت اللقاحات ووقفت في وجه فلاديمير بوتين. نحن معجبون بك".
وأعربت عن إيمانها بـ"الحرية" وضرورة "خفض الضرائب"، لافتة إلى أن هذه التفاصيل والأسباب التي "جعلت الناس تصوت لنا بهذا العدد الكبير في انتخابات 2019".
وشددت على أنها ستفي بوعودها للناخبين في جمع أنحاء البلاد، مؤكدةً أنها سوف تعمل على "خطة لتنمية الاقتصاد والوقوف بوجه أزمة الطاقة.. ووضع خطة جريئة لخفض الضرائب".
وسترث الزعيمة الجديدة للحزب أغلبية برلمانية وبالتالي ستتولى رئاسة الحكومة بعد إجراءات التسليم الرسمية، الثلاثاء.
إعلان النتائج
ونالت وزيرة الخارجية (47 عاماً) 57% من الأصوات في حين نال منافسها وزير المال السابق ريشي سوناك 43%، وفق النتائج التي أعلنها جراهام برادي المسؤول عن تنظيم الاقتراع الداخلي إثر استقالة جونسون بداية يوليو.
وقال برادي رئيس لجنة عام 1922، وهي مجموعة من أعضاء البرلمان المحافظين الذين ليسوا وزراء في الحكومة، إن عملية الاقتراع كانت آمنة وحرة ونزيهة.
وأعلن أنّ ترَس حصلت على 81 ألفاً و236 صوتاً مقابل 60 ألفاً و399 صوتاً لمنافسها سوناك، مشيراً إلى أن عدد الناخبين بلغ 172 ألفاً و 437، فيما بلغت نسبة المشاركة 82.6٪، وبلغت بطاقات التصويت المرفوضة 654 بطاقة.
وأصبحت ترَس التي ظلت وفيّة حتى النهاية لجونسون حين سجلت استقالات بالعشرات من السلطة التنفيذية بداية يوليو، رئيسة الوزراء الرابعة في بريطانيا منذ الاستفتاء على بريكست في 2016، والمرأة الثالثة التي تتولى هذا المنصب في تاريخ المملكة المتحدة بعد مارجريت تاتشر وتيريزا ماي.
وليز ترَس نائبة في البرلمان منذ عام 2010، وتولت مناصب وزارية مختلفة في ظل 3 رؤساء وزراء منذ 2012. وانخرطت في شبابها في الحزب الديمقراطي الليبرالي (وسط) قبل الانضمام إلى حزب المحافظين، وفي عام 2016 عارضت خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست" قبل أن تعتمد موقفاً متشدداً داعماً للقضية.
جونسون: ترَس لديها "الخطة الصحيحة"
من جانبه، قال رئيس الوزراء البريطاني المنتهية ولايته بوريس جونسون على تويتر، إن خليفته ليز ترَس لديها الخطة الصحيحة لمعالجة ارتفاع تكاليف المعيشة وتوحيد حزب المحافظين الحاكم.
وقال جونسون: "تهانينا لليز ترَس على فوزها الحاسم".
وأضاف: "أعلم أن لديها الخطة الصحيحة لمعالجة أزمة تكلفة المعيشة وتوحيد حزبنا ومواصلة العمل العظيم لتوحيد بلدنا ورفع مستواه. الآن هو الوقت المناسب لجميع المحافظين لدعمها بنسبة 100 بالمئة".
أزمة اقتصادية
ويأتي فوز ترَس وسط ظروف اقتصادية واجتماعية متدهورة، مع نسبة تضخم تجاوزت 10% ومرشحة للازدياد، وارتفاع غير مسبوق في فواتير الطاقة التي تثقل كاهل العائلات والشركات والخدمات العامة.
وتعهدت ترَس، بالتحرك سريعاً لمعالجة أزمة تكلفة المعيشة في بريطانيا، قائلة إنها ستضع من الأسبوع الأول خطة لمعالجة ارتفاع فواتير الطاقة وتأمين إمدادات الوقود في المستقبل.
وفي حديثها خلال مقابلة تلفزيونية، الأحد، أحجمت ترَس عن الإدلاء بتفاصيل عن الإجراءات التي تقول إنها ستطمئن الملايين ممن يخشون من عدم القدرة على دفع فواتير الوقود مع اقتراب فصل الشتاء.
كما أحجمت عن التعليق على تقرير يفيد بأن خطتها للطاقة قد تتجاوز قيمتها 100 مليار جنيه إسترليني (115 مليار دولار)، لكن كواسي كوارتنج وزير التجارة وعضو البرلمان الذي من المرجح أن يكون وزيراً للمالية في حكومتها كتب، الاثنين، أنه بإمكان الحكومة المزيد من الاقتراض لتمويل الدعم للمنازل والشركات.
وخلال السباق لخلافة رئيس الوزراء، وعدت ليز ترَس بخفض كبير للضرائب وتبنت خطاباً شديد اللهجة ضد النقابات، في حين خسر ريشي سوناك، المصرفي السابق، نقاطاً حين دعا إلى سياسة اقتصادية واقعية واعتبر تالياً شخصية تكنوقراطية تكتفي بإعطاء الدروس وغير قادرة على إدراك الصعوبات التي يواجهها المواطنون.
هذا، بالإضافة إلى تعهد ترَس بمراجعة وضع بنك إنجلترا مع حماية استقلاليته، دفع بعض المستثمرين إلى التخلص من الجنيه الإسترليني والسندات الحكومية.
وعبر صحيفتين واسعتي الانتشار هما "ذي صن" و"دايلي ميل"، وعدت كذلك بأن تبذل "ما في وسعها" ليحظى كل من البريطانيين "بفرصة المضي بعيداً بمقدار ما تسمح له موهبته وعمله الدؤوب".
وألقى معهد الدراسات المالية في بريطانيا الشهر الماضي بظلال من الشك على قدرة رئيس الوزراء المقبل على إجراء تخفيضات ضريبية كبيرة ودائمة.
أولى المهام
وكشفت وسائل إعلام في المملكة المتحدة عن أول مهمة ستؤديها ترَس حينما تتولى رئاسة الحكومة، هي المهمة التي تعرف بـ"الوعود النووية" والتي تتمثل في كتابة 4 رسائل متطابقة الصياغة بخط اليد موجهة إلى الضباط القادة في غواصات الصواريخ الباليستية البريطانية الأربع (ترايدنت)، على أن تكون الرسائل مختومة ويتم حفظها داخل خزانتين متداخلتين في غرفة التحكم.
ويُجرى كتابة الخطابات في اليوم الأول لوجود رئيس الوزراء في منصبه، بعد اجتماع "سري" يتعرف من خلاله على إمكانيات بلاده النووية لوضع الخطط في حال تعرضت بلاده للهجوم النووي، على أن يتم تدميرها من دون فتحها في حال غادر رئيس الوزراء منصبه.
وتحتوي الخطابات بحسب تصريحات سابقة لرؤساء وزراء سابقين إلى وسائل إعلام بريطانية، على أوامر بشأن الإجراء الذي يجب على قائد الغواصة اتّخاذه في حال تعرضت بريطانيا لضربة نووية قضى على إثرها رئيس الوزراء ومن ينوب عنه.
وتتضمن فعاليات اليوم الأول لرئيس الوزراء الجديد كذلك، لقاء الملكة إليزابيث الثانية لتسلم حقيبة رئاسة الوزراء رسمياً من الرئيس السابق، وبعد ذلك الإدلاء بخطاب في مقر رئاسة الحكومة المعروف بـ(10 داوننج ستريت) ومن ثم تشكيل الحكومة.