محققة دولية: تحقيق إيران بشأن الطائرة الأوكرانية ينتهك المعايير الدولية

فريق الإنقاذ في موقع تحطم الطائرة الأوكرانية بعد إقلاعها من مطار الخميني في ضواحي طهران- 8 يناير 2020 - REUTERS
فريق الإنقاذ في موقع تحطم الطائرة الأوكرانية بعد إقلاعها من مطار الخميني في ضواحي طهران- 8 يناير 2020 - REUTERS
دبي -الشرق

قالت أنياس كالامار، محققة الأمم المتحدة المعنية بالقتل خارج نطاق القضاء والإعدام الفوري والتعسفي، إن إيران "ارتكبت انتهاكات متعددة لحقوق الإنسان"، بإسقاطها طائرة الخطوط الجوية الدولية الأوكرانية "بي إس 752"، وفي أعقاب هذا الهجوم المميت، مشيرة إلى أن التحقيق الإيراني في الحادثة، تم بطريقة "غير لائقة بما ينتهك حقوق العائلات، وهو انتهاك للمعايير الدولية".

وأضافت خلال مؤتمر صحافي افتراضي، الأربعاء، في مقر الأمم المتحدة: "يبدو أن التناقضات في التفسيرات الرسمية مصمَّمة لخلق أقصى قدر من الارتباك، وأدنى حد من الوضوح. يبدو أنها مفتعلة لتضلل وتحيّر"، حسب بيان مركز أنباء الأمم المتحدة.

وأشارت المسؤولة الأممية إلى أنها أوضحت هذا الأمر في رسالة رسمية من 45 صفحة موجهة إلى إيران، نُشرت الأربعاء.

ومضت قائلة: "الأخطاء التي تم الاعتراف بها، تشير إلى تجاهل متهور للإجراءات المعيارية ومبادئ الاحتياط، التي كان ينبغي تنفيذها على أكمل وجه نظراً لظروف وموقع وحدة الصواريخ التي تقع على مقربة من مطار مدني".

60 يوماً من دون رد

وبعد تحقيق في مقتل 176 شخصاً على متن الرحلة أجرته الخبيرة الأممية، واستمر ستة أشهر، أرسلت أنياس كالامار في ديسمبر 2020 إلى الحكومة الإيرانية ملاحظات وأسئلة مفصلة حول ملابسات الضربة.

ولفتت كالامار إلى أنها لم تتلقَّ رداً حتى الآن على رسالتها إلى إيران التي بقيت سرية لمدة 60 يوماً بالتوافق مع سياسة مجلس حقوق الإنسان بشأن طريقة الاتصالات بالدول.

وتسلط الرسالة الضوء على الانتهاكات المتعددة للقانون الدولي من قبل السلطات الإيرانية، وأهمها انتهاكات الحق في الحياة لـ176 راكباً وطاقم الطائرة.

وأوضحت أنه: "في حالات التوتر العسكري الشديد، فإن أكثر الوسائل فاعلية لمنع الهجمات على الطيران المدني هي إغلاق المجال الجوي. لو أن إيران، وهي تعلم جيداً أن الأعمال العدائية مع الولايات المتحدة يمكن أن تتصاعد بسهولة، أغلقت مجالها الجوي أمام حركة المرور المدنية ذلك المساء، لما قتل 176 شخصاً".

من المسؤول؟

رداً على أسئلة أحد الصحافيين بشأن إذا ما كانت قد تمت مقاضاة أي شخص في إيران حتى الآن، قالت كالامار إنه قد تم القبض على أشخاص في البداية، ووُجهت إليهم تهم، لكن لم يتم إخبارها بالكثير من المعلومات، غير تلك المتعلقة بطبيعة التهم، ومكان وجودهم في تلك اللحظة بالذات.

وأضافت: "يجب أن تكون مسؤولية دولة إيران، ولم أرَ ذلك يحدث بالفعل. في الواقع، لقد رأيت السلطات تلقي القبض على شخصين ككبش فداء، وهذا ليس ما أتوقعه. الدولة، أي السلطات داخل الدولة من العسكريين إلى المدنيين، هي المسؤولة عن الضربة".

وتابعت قائلة: "لقد تحدثت بالفعل عن فشل إغلاق المجال الجوي. من اتخذ القرار بعدم إغلاق المجال الجوي... في رأيي، فإن الخط الأول من المساءلة يقع على عاتق أولئك الذين رفضوا إغلاق المجال الجوي".

واعتبرت أن الشخص الذي أشرف على قرار "عدم الإعلان عن أن هذه كانت ضربة إيرانية لمدة ثلاثة أيام، مسؤول أيضاً، يجب أن نعرف الأفراد المشاركين في اتخاذ القرار لإبقاء المعلومات سرية. فهذا انتهاك خطير للغاية للحق في الحياة".

تحقيق "ينتهك حقوق العائلات"

وشددت على أن التحقيق قد تم بطريقة غير لائقة بما ينتهك حقوق العائلات، وهو انتهاك للمعايير الدولية، مضيفة "يجب أن يكون هذا أيضاً موضوع البحث عن المسؤولية الفردية. من أشرف على هذا التحقيق؟".

وأوضحت أنه "بدلاً من فتح تحقيق مناسب، سمحت السلطات بنهب موقع التحطم ثم جرفه، مما أعاق جمع الأدلة وحرم العائلات من تذكار لا يمكن تعويضه لمن فقدوه"، كما أغفل التحقيق الذي أجرته السلطات الإيرانية مسؤولية كبار المسؤولين.

وأعربت المسؤولة الأممية عن اعتقادها بأن قائمة الأفراد المسؤولين عن إسقاط الطائرة الأوكرانية كبيرة بالفعل، "وبالتأكيد لا تقتصر على أعضاء الطاقم الثلاثة الذين ربما كانوا في الواقع في تلك المسؤوليات الفردية، الأقل مسؤولية، ويأتون في نهاية تضاعف حالات الفشل".

اغتيال سليماني

وفي الـ8 من يناير 2020، أسقطت إيران طائرة ركاب مملوكة للخطوط الأوكرانية بعد دقائق من إقلاعها من مطار طهران، ما أسفر عن وفاة جميع الركاب البالغ عددهم 176 شخصاً.

واعترفت إيران لاحقاً بمسؤوليتها عن الحادث الذي أرجعته إلى "خطأ بشري"، إثر حالة الاستنفار التي كانت قائمة وقتها تحسباً لهجمات أميركية على أراضيها.

ووقعت الضربة في سياق التوترات المتصاعدة في أعقاب اغتيال الولايات المتحدة القائد السابق لـ"فيلق القدس" التابع لـ"الحرس الثوري الإيراني"، قاسم سليماني، في غارة بطائرة مسيرة بالعراق.

وكانت واشنطن اتهمته قبلها بأنه العقل المدبر لهجمات شنتها فصائل مسلحة متحالفة مع إيران على قوات أميركية بالمنطقة.

وبعد أيام من الضربة الأميركية بطائرة مسيرة، ردت إيران بهجوم صاروخي على قاعدة جوية عراقية كانت تتمركز فيها قوات تابعة للولايات المتحدة، وأسقطت القوات الإيرانية التي كانت في حالة تأهب قصوى بطريق الخطأ طائرة الركاب الأوكرانية.