أعلنت رئاسة مجلس النواب العراقي، الاثنين، عقد جلسة برلمانية الأربعاء للتصويت على قرار استقالة رئيس المجلس محمد الحلبوسي وانتخاب نائبه الأول، فيما قال الحلبوسي إنه "لم يتداول قرار الاستقالة مع أحد"، مطالباً الجميع بمراعاة "حساسية المرحلة".
وأضاف الحلبوسي خلال فعاليات أعمال ملتقى الرافدين للحوار المقام في بغداد، أنه "كان من المفترض عقد جلسة البرلمان قبل زيارة الأربعين (17 سبتمبر)، ولكن نظراً للمظاهرات وما شهدته من مشاكل، ارتأت القوى السياسية ورئيس مجلس النواب ونائبه على تأجيل الجلسات بعد ذلك".
وأشار إلى أنه "كان من المقرر أيضاً عقد جلسة في 20 من الشهر الجاري، لكن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي اقترح تأجيلها لحين عودته من مشاركته في مؤتمر دولي، إضافة إلى خوفه من حدوث اضطرابات أمنية".
وأكد الحلبوسي أن "قرار الاستقالة لم يتداوله مع أي أحد"، مشيراً إلى أن "المناصب تكليف وليس تشريفاً.. ويجب أن يعي الجميع حساسية المرحلة".
وتأتي استقالة الحلبوسي بعد أسابيع من استقالة نائبه الأول حاكم الزاملي مع باقي استقالات الكتلة الصدرية التي يمثلونها في البرلمان، ما جعل منصب نائب رئيس مجلس النواب من حصة "الإطار التنسيقي".
"التوجهات اختلفت 180 درجة"
وأضاف الحلبوسي أن خطوة الاستقالة "كانت تراودني دائماً"، لافتاً إلى أنه ومع استقالة 73 عضواً تابعين لـ"التيار الصدري" من المجلس "تغيرت تركيبة المجلس والتوجهات اختلفت 180 درجة".
وحث على أن "تكون العلاقة طبيعية بين القوى السياسية المشكّلة من المجلس والعملية السياسية"، مبيناً أن "العلاقة شابها الكثير من المشاكل والاختلاف في وجهات النظر، وعلينا أن نبدأ بمرحلة تنتهي بها الأزمات".
وفي سؤاله عن إمكانية عرقلة الجلسة البرلمانية المقبلة من خلال عدم حضور نواب كتلة "التقدم" والتي يتزعمها، أجاب الحلبوسي بأنه "لن يتم عرقلة الجلسة، ولكن الخيار لتحلف السيادة بما فيهم نواب تقدم".
وأثار قرار الحلبوسي استغراباً في الأوساط السياسية في العراق، إذ لم يفصح رئيس البرلمان سابقاً عن نيته اتخاذ هذه الخطوة التي فجّرت تكهنات بشأن الأسباب التي دفعته لاتخاذ القرار.
وذكر القيادي في الحزب "الديمقراطي الكردستاني" ووزير الإعمار والإسكان السابق بكين ريكاني عبر "تويتر"، أن هناك رفضاً بالإجماع لاستقالة الحلبوسي.
وكان الحلبوسي علّق في يوليو الماضي جلسات البرلمان عقب اقتحام أنصار التيار الصدري المجلس، داعياً في بيان حينها رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي والكتل السياسية إلى "عقد لقاء وطني عاجل".
رئيس الوزراء العراقي سبق له أن دعا إلى جولة ثالثة من "الحوار الوطني" بين الأطراف السياسية في البلاد، عقب جولتين لم تشهدا مشاركة التيار الصدري.
المادة الـ12 من قانون مجلس النواب العراقي رقم 30 لسنة 2017 تنص على:
- عند تقديم أحد أعضاء هيئة الرئاسة الاستقالة من منصبه تقبل بعد موافقة المجلس بأغلبية عدد أعضائه الحاضرين.
- لمجلس النواب إقالة أي عضو من هيئة رئاسته وفق القانون.
- إذا خلا منصب رئيس المجلس أو أي من نائبيه لأي سبب كان ينتخب المجلس بالأغلبية المطلقة خلفاً له في أول جلسة يعقدها لسد الشاغر وفقاً لضوابط التوازنات السياسية بين الكتل.
"قبول كبير للسوداني"
يأتي قرار استقالة الحلبوسي بعد ساعات من تأكيد ائتلاف "دولة القانون" العراقي بزعامة نوري المالكي، الاثنين، أن مرشح "الإطار التنسيقي" لرئاسة الحكومة العراقية المقبلة محمد شياع السوداني يحظى بـ"قبول كبير" لدى غالبية الأطراف السياسية "رغم اعتراضات البعض عليه"، داعياً إلى "الحوار والتفاهم".
وقال عضو دولة القانون وائل الركابي لـ"الشرق" إن "أي طرف لديه اعتراض على السوداني، عليه أولاً أن يكون جزءاً من هذه الحكومة ومشاركاً فيها ولا بد أن يأتي إلى الحوار كي يتفاهم ويطرح رأيه بشكل كامل"، في إشارة إلى التيار الصدري.
وكان ترشيح السوداني دافعاً لنزول متظاهرين أغلبهم من أنصار التيار الصدري للاحتجاج في يوليو الماضي والاعتصام في وسط بغداد، وقوبل ذلك بمظاهرات مماثلة من أنصار "الإطار التنسيقي"، لتتأزم الأوضاع بعد ذلك، وتتحوّل في أغسطس الماضي إلى مواجهات سقط فيها العديد من الأشخاص. وذلك عقب إعلان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر اعتزال العمل السياسي.
واعتبر الركابي أن "حظوظ رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في ولاية ثانية أصبحت شبه معدومة"، لافتاً إلى أنه "ليس مرفوضاً من قوى الإطار التنسيقي فحسب، وإنما القوى الكردية والسنية ليست مع التجديد للكاظمي لولاية ثانية".
ولفت إلى أنه "في حال اتفق التيار والإطار على المضي في العملية السياسية، فذلك سيعجّل بتشكيل الحكومة وتحديد موعد لحل البرلمان".
عند سؤاله عن إمكانية زيارة وفد إلى الحنانة في النجف للقاء الصدر، أجاب الركابي: "لا توجد لغاية الآن أي بوادر أو موعد محدد لذهاب الوفد الثلاثي إلى الحنانة".
وتابع: "هناك أطراف تلعب دور الوساطة في إيصال ما تريده الكتل السياسية ورغبتها في عقد جلسة البرلمان التي من المتوقع أن تجري الأسبوع الحالي أو المقبل إلى زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وإعادة الجواب وفق ما يطرح من رؤية للتيار".
وأكد الركابي أن "الأمور ماضية إلى اتفاقات وتفاهمات أكثر من خلافات وتقاطع للرؤى"، مشدداً على أن "الجميع سيمضي إلى عقد جلسة برلمانية وتشكيل حكومة برئاسة الإطار التنسيقي وإنهاء حالة الجدل والانسداد السياسي في العراق".
أولويات السوداني
وكشف السوداني، الأحد، عن أولويات برنامج الحكومة العراقية المقبلة، وقال إن ملفات "الكهرباء والصحة والخدمات البلدية ومكافحة الفساد أولوية عمل الحكومة".
وأوضح السوداني في بيان أنه يسعى إلى "تصحيح مسار الدولة وقد اتفق مع قادة الكتل أنه سيكون مسؤولاً عن محاسبة الوزير حال إخفاقه واستبداله إذا تطلب الأمر"، نافياً ما يُتداول من أسماء عن تعيينه مديراً لمكتبه أو كابينته الوزارية المرشحة.
تحالف "إدارة الدولة"
أعلن القيادي في "الإطار التنسيقي" تركي جدعان، الاثنين، أن "الإعلان الرسمي عن ولادة تحالف إدارة الدولة المؤلف من الإطار التنسيقي وقوى كردية وسنية وأطياف أخرى، سيتم خلال 48 ساعة".
وأضاف جدعان لوكالة "بغداد اليوم" أن التحالف "لم يعلن حتى الآن بشكل رسمي"، معتبراً أن "التسريبات التي برزت مساء الأحد أشارت إلى بعض ملامح التحالف الجديد الذي سيقود المرحلة المقبلة، بداية من تشكيل الحكومة ودفع مرحلة الانسداد السياسي إلى وضع آخر يعالج أزمات البلاد".
وذكر أنه "من المتوقع أن يجري الإعلان عن التحالف الجديد خلال الـ48 ساعة القادمة ثم يجري بعدها عقد أولى جلسات مجلس النواب إيذاناً بمرحلة جديدة من ناحية تشكيل الحكومة وإكمال ما تبقى من الاستحقاقات الدستورية".
وكان "الإطار التنسيقي" أكد في بيان خلال الشهر الجاري تمسكه الكامل بمرشحه لرئاسة الوزراء محمد شياع السوداني، معلناً "التوصل إلى تفاهمات متقدمة مع القوى الوطنية".
ولا تزال الأزمة السياسية في البلاد قائمة بقوة، إذ يعيش العراق شللاً سياسياً تاماً منذ الانتخابات التشريعية في أكتوبر 2021. ولم تفضِ مفاوضات لامتناهية بين القوى السياسية الكبرى إلى انتخاب رئيس للجمهورية أو تكليف رئيس للحكومة.
ويطالب زعيم التيار الصدري بحلّ البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، فيما يشترط الإطار تعيين رئيس جديد للحكومة قبل إجراء أي انتخابات جديدة.