أميركا تعزّز شراكتها مع جزر المحيط الهادئ لمواجهة الصين

الرئيس الأميركي جو بايدن متوسّطاً رئيس ميكرونيزيا ديفيد بانويلو  ورئيس وزراء فيجي فرانك باينيماراما ورئيس وزراء جزر سليمان ماناسي سوغافاري ورئيس وزراء بابوا غينيا الجديدة جيمس ماراب (من اليسار إلى اليمين) خلال قمة جمعت الولايات المتجدة ودول جزر المحيط الهادئ في واشنطن - 29 سبتمبر 2022 - REUTERS
الرئيس الأميركي جو بايدن متوسّطاً رئيس ميكرونيزيا ديفيد بانويلو ورئيس وزراء فيجي فرانك باينيماراما ورئيس وزراء جزر سليمان ماناسي سوغافاري ورئيس وزراء بابوا غينيا الجديدة جيمس ماراب (من اليسار إلى اليمين) خلال قمة جمعت الولايات المتجدة ودول جزر المحيط الهادئ في واشنطن - 29 سبتمبر 2022 - REUTERS
واشنطن- وكالات

وقّعت الولايات المتحدة و14 من دول جزر المحيط الهادئ، بما في ذلك جزر سليمان، اتفاقاً لتعزيز شراكتها، تؤكد من خلاله واشنطن التزامها بتعزيز وجودها في المنطقة، في ظلّ تنافس شديد مع الصين، وأن تصبح شريكاً أكثر تعاوناً بمواجهة "التهديد الوجودي" للاحتباس الحراري.

وجاء اتفاق الشراكة المكوّن من 10 نقاط، بعد أول اجتماع بين رئيس أميركي وزعماء كل دولة كبرى في المحيط الهادئ، ويتضمّن التزامات بزيادة العمل بشأن تغيّر المناخ والتنمية الاقتصادية والتعاون الأمني، كما أفادت "بلومبرغ".

ووَرَدَ في الإعلان الذي أصدره البيت الأبيض بعد القمة التي دامت يومين في واشنطن: "قادة المحيط الهادئ يرحّبون بالتزام الولايات المتحدة بتعزيز مشاركتها، بما في ذلك من خلال توسيع وجودها الدبلوماسي، والعلاقات بين شعوبنا، والتعاون الإنمائي للولايات المتحدة في كل أنحاء المنطقة".

وأعلنت تلك الدول أنها تتشارك في رؤية لمنطقة "يمكن للديمقراطية أن تزدهر فيها".

وتأتي الخطوة بعدما أصدرت واشنطن وثيقة استراتيجية لفتت إلى "تأثيرات التنافس الجيوسياسي المتزايد" بالنسبة لدول جزر المحيط الهادئ، التي تمسّ أيضاً الولايات المتحدة بشكل مباشر.

وأضافت: "تشمل هذه التأثيرات بشكل متزايد الضغط والإكراه الاقتصادي من الصين، الأمر الذي يهدّد بتقويض السلام والازدهار والأمن في المنطقة، وبالتالي تقويض الولايات المتحدة. تتطلّب هذه التحديات انخراطاً أميركياً متجدداً عبر منطقة جزر المحيط الهادئ بالكامل".

أهمية جزر المحيط الهادئ

وقال الرئيس الأميركي جو بايدن في مستهل القمة: "سيُكتب مقدار كبير من تاريخ عالمنا في المحيطين الهندي والهادئ، خلال السنوات والعقود المقبلة. وجزر المحيط الهادئ هي صوت حاسم في تشكيل المستقبل، ولهذا السبب جعلت حكومتي من أولوياتنا تعزيز شراكتنا مع بلدانكم".

وتعهد بايدن بمساعدة الدول الجزرية على مواجهة "التهديد الوجودي" الذي تشكّله أزمة المناخ، وهي أولويتها القصوى.

وزاد: "نشهد بشكل واضح جداً عواقب تغيّر المناخ في كل أنحاء العالم، بما في ذلك في الولايات المتحدة الآن، وأعلم أن دولكم تشعر بها بشدة".

كذلك تعهد الرئيس الأميركي بـ"التنسيق بشكل أكثر فاعلية مع حلفائنا وشركائنا في كل أنحاء العالم، لتلبية احتياجات الناس في كل أنحاء المحيط الهادئ بشكل أفضل"، بحسب وكالة "رويترز".

ولم يُشر بايدن إلى الصين في تصريحاته، مستدركاً أن "أمن أميركا، بصراحة تامة والعالم، يعتمد على أمنكم وأمن جزر المحيط الهادئ".

مساعدات أميركية

وأتت تصريحات بايدن بعدما كشفت إدارته عن استراتيجيتها في المحيط الهادئ، لمساعدة قادة المنطقة في ملفات ملحّة، مثل تغيّر المناخ والأمن البحري وحماية المنطقة من الصيد الجائر.

كذلك تعهدت الإدارة بأن تؤمن الولايات المتحدة مساعدات إضافية لدول جزر المحيط الهادئ خلال العقد المقبل، بقيمة 810 ملايين دولار، بما في ذلك 130 مليون دولار لجهود كبح تداعيات تغيّر المناخ.

وأشار البيت الأبيض إلى أن 600 مليون دولار ستكون على شكل حزمة مساعدات مدتها 10 سنين، تستهدف تنظيف المياه الملوّثة لدعم صيد سمك التونة، كما ستزيد واشنطن دعمها في مجال البيئة ومساعداتها التنموية وحضورها الدبلوماسي، وفق وكالة "فرانس برس".

وبثّت "هيئة الإذاعة الأسترالية" أن الاتفاق مشابه لصفقة حاولت الصين إبرامها مع دول المحيط الهادئ في مايو الماضي، ورفضها قادة المنطقة في نهاية المطاف.

وقال رئيس "منتدى جزر المحيط الهادئ" في يوليو الماضي، إن بكين لم تمنح القادة الوقت الكافي للتشاور بشأن الاتفاق.

وأشارت الهيئة إلى أن حكومة جزر سليمان أبلغت في البداية الدول الأخرى بالمحيط الهادئ، أنها سترفض التوقيع على الاتفاق الذي اقترحته الولايات المتحدة.

جزر سليمان والصين

ووقف رئيس وزراء جزر سليمان، ماناسيه سوجافاري، على الجانب الأيسر من بايدن خلال التقاط صورة جماعية للقادة بعد القمة.

وقال سوجافاري لـ"فرانس برس"، إن المفاوضات في واشنطن لتبنّي إعلان مشترك في نهاية القمة أخذت "إيجاباً" في الاعتبار مخاوفه بشأن تحالفَي "آسيان" و"كواد" الإقليميين، علماً أن الأخير يضمّ الولايات المتحدة وأستراليا واليابان والهند.

وأعلنت واشنطن عن مساعدة بقيمة 20 مليون دولار، للسياحة وتأمين بدائل لقطع الأشجار في جزر سليمان.

وكان سوجافاري قد وقّع مع بكين في أبريل الماضي، اتفاقاً أمنياً يكتنفه كثير من الغموض، بحسب "فرانس برس".

وتخشى دول غربية، لا سيّما الولايات المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا، أن يمكّن الاتفاق الصين من تشييد قاعدة عسكرية في جزر سليمان، وهذا أمر نفته الأخيرة.

واعتُبر الاتفاق نصراً دبلوماسياً ضخماً لبكين، علماً أنه شمل استثمارات وتدريب قوات أمن، ويتيح للشرطة الصينية المساهمة في حفظ النظام الاجتماعي بجزر سليمان.

سفارات أميركية

وإضافة إلى فتح سفارة للولايات المتحدة في جزر سليمان، سيؤمّن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (إف بي آي) ووزارة الخارجية الأميركية تدريبات على تطبيق القانون في تلك الدولة، وفقاً للاتفاق الذي أعلنه البيت الأبيض.

كذلك أعلن البيت الأبيض أن الولايات المتحدة ستعترف بجزر كوك ونييوي، وهما منطقتان تتمتعان بحكم ذاتي وترتبطان بنيوزيلندا دبلوماسياً وعسكرياً ونقدياً.

وبذلك ستكون واشنطن قادرة على زيادة وجودها الدبلوماسي في الجزر، التي لا يتجاوز مجموع سكانها 20 ألف نسمة، ولكنها تقع في منطقة اقتصادية مهمة بجنوب المحيط الهادئ، بحسب "فرانس برس".

وفي إطار هذه الاستراتيجية الجديدة، عيّن بايدن للمرة الأولى سفيراً للمشاركة في "منتدى جزر المحيط الهادئ"، هو الدبلوماسي فرانكي ريد الخبير في شؤون المنطقة.

وأشار البيت الأبيض إلى افتتاح سفارتين أميركيتين في جزر تونجا وكيريباتي.

جزر مارشال والاختبارات النووية

جزر مارشال جمّدت هذا الشهر محادثات لتجديد شراكتها الأمنية مع الولايات المتحدة، مشيرة إلى تأثير مديد للتجارب النووية الأميركية في المنطقة قبل نحو 70 عاماً.

وتضمّن بيان مشترك صدر في نهاية القمة، إشارة إلى تلك المخاوف. وذكر أن واشنطن "ملتزمة بمعالجة المخاوف المستمرة المتصلة بالبيئة والصحة العامة لجمهورية جزر مارشال، ومخاوف أخرى مرتبطة بالرفاهية، وإزالة الذخائر غير المنفجرة والتخلّص منها بشكل آمن"، كما أفادت وكالة "أسوشيتد برس".

وتفتتح الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بعثة في فيجي بحلول سبتمبر 2023، وسيُنشر أعضاء من برنامج "فيلق السلام" التطوعي الأميركي، في فيجي وتونجا وساموا وفانواتو وربما في جزر سليمان، بحسب البيت الأبيض.

وشارك في القمة قادة فيجي وجزر مارشال وميكرونيزيا وبالاو وبابوا غينيا الجديدة وساموا وجزر سليمان وتونغا وتوفالو وجزر كوك، إضافة إلى بولينيزيا الفرنسية وكاليدونيا الجديدة.

وأرسلت فانواتو وناورو ممثلين عنهما، كما أرسلت أستراليا ونيوزيلندا والأمين العام لـ"منتدى جزر المحيط الهادئ" مراقبين.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات