وجَّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأحد، ببلورة مبادرات جديدة لتحفيز وجذب الاستثمارات الأجنبية إلى مصر خلال الفترة القادمة، وذلك بالتزامن مع التحديات التي يشهدها اقتصاد البلاد منذ بداية العام، وهي ممتدّة نتيجة تداعيات جائحة كورونا، وفاقمتها الأزمة الروسية الأوكرانية.
ووفقاً للمتحدث باسم الرئاسة المصرية، اجتمع الرئيس السيسي، الأحد، مع رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، ومحافظ البنك المركزي حسن عبد الله، حيث تناول الاجتماع متابعة مؤشرات السياسة النقدية، وأداء القطاع المصرفي في الدولة.
وخلال الاجتماع، وجَّه الرئيس المصري بالاستمرار في خطط وجهود البنك المركزي، والمنظومة المصرفية لـ"توفير المستلزمات ذات الأولوية للإنتاج والصناعة، والمتابعة الدقيقة لمنظومة الاستيراد والإجراءات ذات الصلة".
وبحسب بيان الرئاسة المصرية "استعرض محافظ البنك المركزي أبرز مؤشرات الوضع الاقتصادي العالمي وقرارات وإجراءات البنوك المركزية في كبرى الدول الاقتصادية على مستوى العالم مؤخراً، وذلك للتعامل مع التداعيات والتطورات الاقتصادية الحادَّة في ظل الظروف الدولية الراهنة جرَّاء الأزمة الروسية الأوكرانية".
كما تطرَّق المحافظ إلى ما تستتبعه هذه القرارات والإجراءات "من تغيرات مستمرة في السياسات النقدية العالمية للموائمة مع تداعيات تلك الأزمة".
وأشار المحافظ إلى "تطور مؤشرات الاقتصاد الكلي المحلي وأداء القطاع المصرفي لمصر، وجهود توفير مستلزمات الإنتاج لعملية التنمية والقطاعات الأخرى ذات الأولوية، وذلك في إطار خطط السياسة النقدية، والبنك المركزي على المدى القصير والمتوسط وطويل الأجل"، لافتاً إلى أنَّ ذلك "يأتي بهدف الحفاظ على المسار الاقتصادي الآمن والوضع النقدي المتزن الذي تنتهجه الدولة".
علاقات التعاون مع الكويت
وفي سياق ذي صلة، استقبل الرئيس المصري، الأحد، وفداً اقتصادياً كويتياً برئاسة محمد جاسم الصقر رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الكويت، وبحضور رئيس مجلس الوزراء المصري، ووزير التجارة والصناعة في مصر المهندس أحمد سمير صالح.
وبحسب بيان صادر عن الرئاسة المصرية، أكد السيسي "تطلُّع مصر لتطوير علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري مع مجتمع رجال الأعمال والشركات الكويتية، وتنمية استثماراتها في مصر".
وشدد على أن مصر لديها "فرص استثمارية متنوعة في كافة القطاعات، وذلك في ضوء ما تتمتع به مصر من بنية أساسية حديثة... وكذلك الإطار التشريعي المتطور لعملية الاستثمار، بالإضافة إلى القرار السياسي الداعم من أعلى مستوى".
من جانبهم، أكد رجال الأعمال الكويتيون "تطلُّعهم لبحث إمكانات تعظيم التعاون بين البلدين"، خاصةً مع "توافر العديد من المجالات والفرص الاستثمارية الواعدة في مصر، لاسيما في قطاعات الطاقة المتجددة والسياحة والإنشاءات والتطوير العقاري والزراعة والصناعة والرعاية الصحية".
وأشاد الحضور من الجانب الكويتي بما شهدته مصر خلال السنوات الماضية من نقلة نوعية لافتة في جميع القطاعات التنموية في البلاد على نحو غير مسبوق وفي فترة زمنية قياسية.
كما أشادوا بالمتابعة الشخصية الحثيثة والمنتظمة من الرئيس المصري للإجراءات المتخذة لتسهيل تدفق الاستثمارات إلى مصر وكافة الإجراءات ذات الصلة.
ووفقاً للرئاسة المصرية، شهد اللقاء التباحث بشأن آفاق تكثيف التعاون الاقتصادي بين مصر والكويت لتحقيق المصالح المشتركة للجانبين، مع استعراض خطط رجال الأعمال الكويتيين للاستثمار في مصر أو للتوسع في مشروعاتهم القائمة في العديد من المجالات.
هبوط الجنيه
وفي نهاية الشهر الماضي، سجل متوسط سعر العملة المصرية أدنى مستوياته على الإطلاق، ليصل إلى 19.54 جنيه مقابل الدولار، بحسب بيانات البنك المركزي المصري، وسط زيادة الطلب على العملة الصعبة، وتأخر الحكومة في إبرام اتفاقية تمويل جديدة مع صندوق النقد الدولي.
وجرى الترويج خلال الشهور الأخيرة بأن قرضاً جديداً من صندوق النقد الدولي، بموازاة تعويم الجنيه، هما الشرطان الأساسيان لعودة عجلة اقتصاد البلاد إلى وتيرة التسارع.
وتأمل مصر أن تتمكن من التوصل إلى اتفاق للحصول على دعم صندوق النقد الدولي في غضون شهر أو اثنين، كما تستكشف الحكومة أيضاً خيارات تمويل تشمل قروضاً ميسورة التكلفة من الصين واليابان، وفق تصريحات وزير المالية محمد معيط الأسبوع الماضي، مضيفاً أن حجم برنامج تمويل صندوق النقد الدولي الجديد لم يتقرر بعد، إذ "عادةً ما يتم تحديده في المرحلة النهائية من المفاوضات"، على حدّ قوله.
هبوط صافي الأصول الأجنبية
وفي سياق متصل، تفاقم عجز صافي الأصول الأجنبية المصرية بنحو 5% في أغسطس، على أساسٍ شهري، ليبلغ سالب 385.8 مليار جنيه (19.7 مليار دولار على أساس سعر صرف 19.56 جنيه)، بحسب أحدث بيانات للبنك المركزي.
صافي الأصول الأجنبية في القطاع المصرفي بدأ في التراجع منذ أكتوبر 2021، ثم تحوّل إلى قيمة سالبة، أي إنَّ التزاماته أكبر من أصوله بالعملة الأجنبية، بدايةً من شهر فبراير الماضي، بالتزامن مع الحرب الروسية - الأوكرانية.
وزادت التزامات البنوك المصرية بالعملة الأجنبية 7% في أغسطس، على أساس شهري، إلى 523.7 مليار جنيه، بينما تراجعت أصول هذه البنوك بالعملة الأجنبية 2% خلال الفترة نفسها إلى حوالي 292.5 مليار جنيه.
ويمثل صافي الأصول الأجنبية، أصول النظام المصرفي بالعملة الصعبة مخصوماً منها الالتزامات، مع شمول تلك الخاصية بالبنك المركزي.
في الوقت الذي زادت فيه التزامات البنوك بالعملة الأجنبية، تراجعت التزامات المركزي 1.6% على أساس شهري إلى 775.4 مليار جنيه، في حين زادت أصوله 1.5% إلى 620.8 مليار جنيه في أغسطس، مما يعني أنَّ الالتزامات كانت على كاهل البنوك المصرية.