حمّل حزب "الشعب الجمهوري"، أكبر أحزاب المعارضة التركية، الاثنين، حكومة حزب العدالة والتنمية، مسؤولية عدم اتخاذ الحيطة اللازمة قبل حادث انفجار منجم في مقاطعة بارتين الذي أوقع عدداً كبيراً من الضحايا، مرجعاً سببه إلى "الإهمال".
والجمعة، وقع انفجار في منجم للمعادن بمنطقة "أماسرا" بولاية بارتين شمالي البلاد، أودى بحياة 41 عاملاً، وكان يوجد 110 عمال على عمق 300 متر، نجا منهم 58 شخصاً إما بفضل فرق الإنقاذ، أو بأنفسهم.
وفي وقت سابق الاثنين، توجه وفدٌ يضم 25 نائباً من حزب "الشعب الجمهوري" المعارض إلى ولاية بارتين.
وخلال الزيارة، قالت عضو الحزب والنائبة عن الولاية، آيسو بانك أوغلو، في بيان صحافي: "هناك مزاعم خطيرة بأن هناك بعض الإهمال والأخطاء وراء انفجار أماسرا. يجب محاسبة المسؤولين عنها. 3 أيام مرت على الفاجعة، ولا يوجد حتى الآن أي تصريح واضح من قبل السلطات الرسمية بشأن تسرب الغاز الذي تسبب بالانفجار".
"مبررات" أردوغان تُثير الغضب
بعض الصحف التركية المعارضة، نقلت حديث شقيقة أحد الضحايا التي خاطبت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال مشاركته في جنازة أخيها والدموع في عينيها، قائلة: "سيدي الرئيس، أخي كان يعلم، تحدث عن تسرب للغاز من 10 أو 15 يوماً. قال سيفجروننا قريباً، إنه إهمال. قال سيفجروننا، كان يعرف ذلك".
بدوره، صمت أردوغان لدقيقة، ثم رد عليها بالقول: "آسف على خسارتكم، ألهمكم الله الصبر".
وفي تصريح صحافي، ربط أردوغان مصرع العمال، بالقدر، قائلاً: "نحن أناس نؤمن بالقضاء والقدر، ومثل هذه الحوادث ستحدث دائماً، يجب أن ندرك ذلك"، مشدداً في الوقت ذاته على عدم السماح "بأدنى إهمال أن يمر دون إجابة".
وتسببت تصريحات الرئيس التركي بغضب الكثيرين، ومن بينهم رئيس حزب "الشعب الجمهوري"، كمال كيليجدار أوغلو، الذي تساءل "في أي عصر نعيش؟ لماذا تقع حوادث المناجم في تركيا وحدها؟".
وشدّد كيليجدار أوغلو، في تصريحات أطلقها من موقع الانفجار، أن الدولة مُلزمة بضمان سلامة العمال وكافة الشعب، لافتاً إلى أن الجميع يتذكر ضحايا مناجم سوما وأرمينك، والآن انضم إليهم 41 آخرين.
وأضاف زعيم المعارضة: "في أي عصر نعيش؟ لماذا تقع حوادث التعدين والوفيات الجماعية في تركيا فقط؟ ألا يتم التعدين في بلد آخر في العالم؟ لماذا لا يموت أحد هناك؟ يقولون الآن إنهم سيتخذون الاحتياطات أين كانوا منذ 20 عاماً؟ متى ستتخذون الإجراءات؟ من سيكون مسؤولاً أمام هذه العائلات؟ هل حياة الإنسان رخيصة في تركيا؟". وتوعد بمحاسبة المتسببين.
حوادث سابقة
من ناحيته، قال علي باباجان، رئيس "حزب الديمقراطية والتقدم" المعارض، ووزير الاقتصاد السابق المنشق عن حزب العدالة والتنمية الحاكم: "نحن كمجتمع تركي حان الوقت للاعتراض. نعترض على الخسائر في الأرواح والإصابات. كلنا نؤمن بالقدر، ولكن الاحتياط يجب أن يكون من أولوياتنا".
وأردف باباجان في تصريح له خلال مشاركته في جنازة الضحايا: "هناك ادعاءات بشأن وجود إهمال وتقصير في اتخاذ الاحتياطات ما تسبب بالانفجار. يجب أن تكون آليات المراقبة مستقلة عن الحكومة لنكتشف سبب الانفجار الحقيقي. ينبغي إنشاء لجنة محايدة لبحث ومعالجة حوادث التعدين ومنعها".
بدوره، رفض أمين كوراماز رئيس اتحاد غرف المهندسين والمعماريين الأتراك، وصف الانفجار بالحادث، وكتب عبر حسابه بموقع تويتر أنه "إذا أرسلت عمال مناجم مئات الأمتار تحت الأرض بدون اتخاذ الاحتياطات اللازمة، بدون تفتيش وتهيئة ظروف آمنة، فلا يمكنك أن تُسمي ما جرى حادثاً".
وفي سياق متصل، كشف تقرير لمجلس السلامة المهنية وصحة العمال التركي، أن 1989 على الأقل من عمال المناجم فقدوا حياتهم في الحوادث المهنية خلال سنوات حكم حزب العدالة والتنمية، 70 منهم العام الماضي، و97 في 2022.
تعويضات للمتضررين
وزيرة الأسرة والخدمات الاجتماعية دريا يانيك أعلنت السبت، أنه سيتم دفع مبالغ مالية كتعويضات للعمال المصابين، ولأسر الذين لاقوا حتفهم في حادثة المنجم.
وقالت يانيك عبر تغريدة عبر حسابها في تويتر، إن وزارتها ستقدم 50 ألف ليرة لأسر ضحايا الانفجار المأساوي، و25 ألف ليرة تركية للعمال المصابين، لتلبية احتياجاتهم الماسة.
وكان وزير الطاقة فاتح دونماز، أعلن أن التحقيقات الأولية أظهرت أن الانفجار، الذي وقع الجمعة في بارتن، ناجم عن تسرب غاز.
وفي شأن حالة العمال المصابين الـ11، قال وزير الصحة فخر الدين قوجه في آخر تصريح له، إن 4 منهم أنهوا علاجهم وهم بصحة جيدة، موضحاً أن الباقين 5 منهم وضعهم حرج، واثنين منهم إصاباتهم متوسطة، وأن الأطباء اتخذوا كافة التدابير الطبية الضرورية ويشرفون على الجرحى الـ7 على مدار الساعة.
يشار إلى أن حوادث المناجم شائعة في تركيا، وكان أكبرها انفجار منجم صوما بولاية مانيسا غربي البلاد، في 13 مايو 2014، حيث لقي 301 عاملاً حتفهم، وتم انتشال جثثهم في عمليات بحث داخل المنجم على عمق حوالي 400 متراً، استغرقت 96 ساعة.