قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الأحد، إنه كان يعتزم الدعوة إلى تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة، في حال رفض الشعب قرارات الإصلاح الاقتصادي وتحرير سعر الصرف، التي اتخذتها الحكومة المصرية في عام 2016، معتبراً أن "أحداث 2011 و2013 قضت على ما تبقى من قدرات الدولة، وكادت أن تقضي تماماً على حاضر ومستقبل مصر".
جاء ذلك خلال كلمة الرئيس السيسي في اليوم الأول للمؤتمر الاقتصادي الذي تنظمه الحكومة المصرية خلال الفترة من 23 إلى 25 أكتوبر، لمناقشة أوضاع ومستقبل الاقتصاد المصري، بمشاركة اقتصاديين، ومفكرين وخبراء.
وأضاف السيسي أنه اجتمع قبل اتخاذ قرار تحرير سعر الصرف مع كبار مسؤولي الحكومة والأجهزة الأمنية، والذين رفضوا جميعاً القرار وحذروا من تبعاته الشعبية، لكن الرئيس أكد لهم أهمية اتخاذه في التوقيت الحالي قبل تفاقم الأزمة الاقتصادية.
وأشار السيسي إلى أن ردود الأفعال الشعبية على الإصلاحات الاقتصادية التي تتخذها الدولة "كانت تشكل هاجساً لدى متخذي القرار والأجهزة الأمنية"، مضيفاً أن التجربة التي خاضتها مصر خلال الأعوام السبعة الماضية "أثبتت أننا لا نقدر قيمة المواطن المصري الذي أثبت قدرته على التضحية من أجل البناء"، حسب تعبيره.
"الدعم الشعبي"
وتابع الرئيس المصري أن تخفيف الدعم عن الوقود جزئياً صاحبه بعض التعليقات بأن "السيسي يغامر بشعبيته"، مضيفاً "كان تقديري في الوقت ده، أنه لابد من استثمار أكبر حجم (من الشعبية) في الإصلاح والبناء لأن الفرصة لن تعوض، وقد لا يتواجد مسئول آخر في هذا المكان بعد الآن يكون لديه هذا الحجم من الأرصدة التي (تؤهله) ممكن الناس تقبل منه (القرارات الإصلاحية)".
وذكر السيسي أن "حجم الثقة في قدرة أجهزة الدولة على إيجاد مسار ناجح وسط خيارات صعبة تتطلب عملا صعباً وشاقاً ومستمرا لم يكن متوفراً في ظل جهود الإسلام السياسي المستمرة للتشكيك والتشويه وأحياناً التخريب علماً بأنهم لم يكن لديهم مشروع أو خارطة طريق حقيقة لإعادة بناء الدولة".
كذلك، لفت الرئيس المصري إلى أن غياب الثقة في الدولة يرجع إلى "غياب الرؤية من جانب الكثير من المثقفين والمفكرين والمهتمين لحجم التحديات المطلوب مجابهتها".
قدرات الدولة
وقال السيسي إن رصيد القيادة السياسية والحكومة خلال العقود الماضية لم يكن بالقوة اللازمة "ليشكل قاعدة لانطلاق خارطة طريق صعبة ومريرة تحتاج لسنوات عمل شاقة وطويلة"، وذلك باستثناء فترة حكم الرئيس السابق جمال عبدالناصر.
وشدد السيسي على أن "قدرات الدولة المصرية لم تكن أبداً كافية لتلقي ضربات هائلة مثل الصراعات والحروب التي مرت بها، والتي كانت بلا شك أرضية لتفريغ والقضاء على هذه القدرات، وهو ما انعكس بالسلب على تفاقم التحديات".
كما لفت إلى أن مصر "عانت على مدار عقود من غياب الوعي والفهم لدى النخبة المسئولة لتشخيص ما نحن فيه، وكذا إدراك متطلبات العبور للفجوة التي تعاني منها البلاد".
وتابع أن "تكلفة الإصلاح كانت تزداد يوماً بعد يوم، وأصبح تعاظم الأزمات وتشابكها يمثل حالة إحباط لدى الاغلبية، مع تصدير الطرح بأنه ليس في الإمكان أحسن مما كان"، وكذلك "لم تستطع الدولة بناء سياق فكري إصلاحي للوضع، كما لم تكن مؤسساتها عملية وقادرة على تنفيذه حتى لو تم طرحه والتأكد من سلامته".
"الاعتماد على النفس"
واعتبر الرئيس المصري أن "الأشقاء والأصدقاء تولد لديهم انطباع أن الدولة المصرية غير قادرة على الوقوف مرة أخرى، وأن الدعم والمساعدة عبر السنوات شكل ثقافة للاعتماد عليها لحل الأزمات والمشكلات".
وأضاف أن ذلك "استدعى أهمية الالتفات للاعتماد على أنفسنا، خاصةً من خلال اتباع مسارات خلاقة لتجاوز محدودية القدرات، وعن طريق استراتيجية المحاور المتوازية".
وقال الرئيس المصري إنَّ المدن الجديدة التي تمّ إطلاقها خلال السنوات الأخيرة، والبالغ عددها 40 مدينة، أضافت 10 تريليونات جنيه (حوالي 500 مليار دولار) من الأصول إلى محفظة الدولة المصرية، مشيراً إلى أنَّ "استراتيجيتنا تقوم على إصلاح القديم بالتوزاي مع بناء الجديد".
وكشف السيسي، في كلمته بالمؤتمر الذي حمل عنوان "المؤتمر الاقتصادي مصر 2022: خارطة طريق لاقتصاد أكثر تنافسية"، المنعقد في العاصمة الإدارية الجديدة في القاهرة، أنَّ الشركة التي تُدير العاصمة الإدارية تحديداً، لديها سيولة نقدية في البنوك تتراوح ما بين 42 إلى 45 مليار جنيه، ومثل هذا المبلغ كائتمان لدى المطورين العقاريين لمشروعات العاصمة الإدارية الجديدة.
ترسيم الحدود
كما أشار إلى أنه تم إنفاق 7 تريليونات جنيه (350 مليار دولار) على البنية التحتية خلال السنوات الماضية، ووصف ذلك بالرقم "المتواضع جداً"، نظراً لدولة بحجم مصر وتركز السكان فيها على مساحة ضئيلة، محذراً من حالة التشكيك في إنجازات الدولة.
وأضاف السيسي أن اتفاقيات ترسيم الحدود البحرية بين مصر وكل من قبرص واليونان في البحر المتوسط والمملكة العربية السعودية في البحر الأحمر وفرت لمصر نحو 120 مليار دولار سنوياً لتشغيل محطات الكهرباء، لأنها مكنت الدولة من العمل على اكتشاف حقول جديدة للغاز الطبيعي مثل حقل ظهر في البحر المتوسط.
اقرأ أيضاً: