تواجه وزيرة داخلية بريطانيا سويلا برايفرمان، دعوات جديدة للاستقالة من منصبها الذي أعيدت إليه الأسبوع الماضي، بعدما استقالت في أكتوبر على وقع تجدد الفضائح السياسية التي تواجهها.
برايفرمان التي استقالت في 19 أكتوبر، إثر استخدامها البريد الإلكتروني الشخصي لإرسال وثائق خاصة بوزارتها، وأعادها رئيس الوزراء الجديد ريشي سوناك الأسبوع الماضي لنفس المنصب، تسعى للتشبث بمنصبها على خلفية مزاعم بخرقها القانون لاحتجازها آلاف المهاجرين الذين لا يحملون أوراقاً ثبوتية في ظروف غير ملائمة بقاعدة عسكرية سابقة في جنوب شرقي إنجلترا حسبما ذكرت مجلة "بوليتيكو" الأميركية.
وفي بيان لمجلس العموم، الاثنين، نفت الوزيرة المحافظة المتشددة تقارير منتشرة على نطاق واسع تفيد بأنها منعت بشكل شخصي المسؤولين من إجراء حجز جماعي لغرف فندقية لمئات من طالبي اللجوء الذين لم يعد بالإمكان استضافتهم في منشأة مانستون المكتظة بالمهاجرين، في كينت.
وقال خبراء لـ"بوليتيكو" إنه في حال ثبت هذا الأمر، فإنه قد "يرقى إلى حد خرق القانون الوزراي، ما قد يستدعي الاستقالة".
ومع دعوة أعضاء مجلس العموم المعارضين لوزيرة الداخلية لتقديم استقالتها، قالت بريفرمان إنه "على غرار غالبية الشعب البريطاني، أشعر بقلق بالغ تجاه الإقامة في الفنادق (بسبب التكلفة)، ولكنني لم أمنع استخدامها".
وأضافت: "كمدعية عامة سابقة، أدرك أهمية أخذ المشورة القانونية في الاعتبار"، حسبما أوردت المجلة.
"أوضاع مزرية"
وتؤوي منشأة مانستون في الوقت الحالي نحو 4 آلاف شخص، ما يفوق قدرتها الاستيعابية، البالغة 1600 شخص، بأكثر من 3 أضعاف.
ويتم إجبار كثيرين على الإقامة في هذه المنشأة لفترة أطول بكثير من الـ24 ساعة المسموح بها قانوناً.
وتشير تقارير إلى أن المئات يفترشون الأرضيات العارية، فضلاً عن تفشي الأمراض.
وقال ديفيد نيل، كبير المفتشين المستقلين لشؤون الحدود والهجرة بحكومة المملكة المتحدة، لأعضاء مجلس العموم، الأسبوع الماضي، إنه لم يستطع أن ينبس بكلمة أمام ما عاينه من "أوضاع مزرية".
وكشف نيل، أن بعض المهاجرين من أفغانستان تم احتجازهم في خيمة لمدة 32 يوماً، برغم أن المنشأة مصممة لاستضافة الأشخاص لمدة 24 ساعة على الأكثر أثناء خضوعهم لإجراءات الفحص، قبل نقلهم إلى مراكز الاحتجاز أو الفنادق.
ووفقاً لأرقام وزارة الدفاع البريطانية، فقد نشبت الأزمة بسبب "الزيادة الهائلة في أعداد المهاجرين غير الشرعيين الذين يحاولون عبور القناة الإنجليزية"، وبلغت أعدادهم حتى هذا الوقت من العام "نحو 40 ألفاً".
وأضافت وزارة الدفاع أن "حوالي 468 شخصاً" قاموا الأحد، بهذه الرحلة الخطرة "على متن 8 قوارب".
ومنذ خروجها من الاتحاد الأوربي، تطالب المملكة المتحدة بإبرام اتفاق ثنائي مع فرنسا والاتحاد الأوروبي بوجه عام لإعادة هؤلاء الذين يعبرون القناة لأول دولة آمنة يدخلون إليها. ولكن لا اتفاق قريباً يلوح في الأفق، وفقاً لـ"بوليتيكو".
"منظومة محطمة"
برايفرمان أقرت بأن "المنظومة محطمة"، مضيفة أن "الهجرة غير الشرعية خارجة عن السيطرة"، وأن كثيرين "مهتمون بممارسة الألاعيب السياسية وإخفاء الحقيقة أكثر من اهتمامهم بحل المشكلة".
الوزيرة قالت إن وزارتها تناقش حالياً مع مقدمي الخدمات من القطاع الخاص إمكانية توفير مقار إضافية لإقامة المهاجرين غير الشرعيين، وتبحث معهم "جميع الخيارات المتاحة" لمواجهة الزحام في المراكز المخصصة بالمملكة المتحدة.
وقالت أيضاً لأعضاء مجلس العموم إنها "شعرت بالفزع" عندما علمت، لدى أول تعيين لها كوزيرة للداخلية، في سبتمبر الماضي، أن هناك "أكثر من 35 ألف مهاجر" يقيمون بالفنادق في جميع أنحاء الممكة المتحدة "بتكلفة باهظة" على دافع الضرائب البريطاني.
وأضافت أنها حثت على إجراء مراجعة عاجلة لطرح خيارات بديلة، ولكن الوزارة واصلت حجز غرف فندقية في هذه الأثناء.
"وضع عمدي"
النائب عن حزب المحافظين، روجر جيل، وصف الاثنين، الزحام في منشأة مانستون للمهاجرين، بأنه "غير مقبول على الإطلاق"، مشيراً إلى أن هذا الوضع ربما سُمح به "عن عمد".
وقال: "أبٌلغت بأن وزيرة الداخلية تجد صعوبة في تأمين إقامة فندقية. الآن أتفهم أن القضية تتعلق بسياسة الوزارة، وأن ثمة قراراً اتُخذ بعدم حجز أي فنادق إضافية".
ووفقاً لـ"بوليتيكو"، فإن هذه الاتهامات تفاقم الضغوط التي تعانيها وزيرة الداخلية، والتي أثارت عودتها إلى منصبها السابق في الحكومة، الأسبوع الماضي، عاصفة من الأسئلة في ضوء أنه سبق إجبارها على الاستقالة قبل أقل من أسبوعين، بعد أن تبين أنها تستخدم حساب بريدها الإلكتروني الشخصي لمشاركة وثائق حكومية حساسة.
ووجدت مراجعة وزارة الداخلية، التي نشرت الاثنين، أن برايفرمان أرسلت "6 وثائق تابعة لوزارة الداخلية إلى عنوان بريدها الإلكتروني الشخصي في الفترة بين 15 سبتمبر و16 أكتوبر".
إحدى تلك الوثائق أرسلت إلى "حليف في مجلس العموم لإطلاعه عليها"، وهو ما يمثل "انتهاكاً صارخاً" للقواعد الأمنية وفقاً لـ"بوليتيكو".
"مؤامرة"
وبنبرة تحد، اعترفت برايفرمان أمام مجلس العموم، بأنها ارتكبت أخطاءً، ولكنها أصرت على أن المزاعم الأشمل بشأن سلوكها "ليست سوى مؤامرة" لإبقائها بعيدة عن هذا المنصب الرفيع.
وقالت لأعضاء البرلمان إن البعض يرغب في "التخلص مني"، مضيفة: "دعوهم يحاولون".
أحد حلفاء برايفرمان قال إن وزيرة الداخلية تواجه "صعوبة بالغة"، ولكنه حذر من أنه "تم الزج بها عن عمد في وضعية مستحيلة من قبل من يفضلون ألا يرونها في هذا المكان".
وأشار إلى أن الضغوط التي تواجهها وزيرة الداخلية "لا تتراجع بأي طريقة، وأعتقد أنها ستشكل عبئاً فوق طاقتها".