أثار الغضب العام من قيود الإغلاق الجديدة، بسبب فيروس كورونا (كوفيد-19)، احتجاجات نادرة في الصين، حيث شهدت مدينة شنغهاي مواجهات بين متظاهرين والشرطة، فيما دعا بعض المحتجين إلى استقالة الرئيس شي جين بينج، الذي انتخب أخيراً لولاية ثالثة "تاريخية" على رأس الحزب الشيوعي، وفقاً لما أورد موقع "أكسيوس".
موجة العصيان المدني، التي امتدت إلى مدن أخرى من بينها بكين، لم يسبق لها مثيل في بر الصين الرئيس، منذ أن تولى شي جين بينج السلطة قبل 10 سنوات، وتأتي وسط إحباط متزايد بسبب إقراره (ِشي) لسياسة "صفر كوفيد".
وتعيش الصين منذ ما يقرب من ثلاث سنوات في ظل أكثر قيود "كوفيد" صرامة في العالم. وتعد هذه الاحتجاجات أحدث دليل على الإحباط المتزايد من نهج الحكومة المتشدد للسيطرة على الوباء، فالصين هي الدولة الوحيد الكبيرة التي لا تزال تكافح عبر الإغلاقات والفحص الجماعي، وفقاً لوكالة "أسوشيتد برس".
وأطلق حريق المبنى السكني الشاهق في مدينة أورومتشي شرارة احتجاجات بعد أن أدت مقاطع مصورة للحادث، نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى اتهامات بأن الإغلاق كان عاملاً في سقوط ضحايا، بحسب ما ذكرته وكالة "رويترز".
"ارفعوا الإغلاق"
وسار المتظاهرون في أنحاء شينجيانج وهم يهتفون: "ارفعوا الإغلاق". وفي بكين، نظم سكان خاضعون للإغلاق احتجاجات محدودة أو تحدثوا لمسؤولين محليين عن القيود المفروضة على التنقلات، ونجح بعضهم في الضغط عليهم لرفع القيود قبل موعدها.
كما تظاهر المئات مساء الأحد في مدينة ووهان (وسط الصين) احتجاجاً على القيود الصحية، بعد نحو ثلاثة أعوام من رصد أول اصابة بكوفيد-19 على مستوى العالم في المدينة.
وأظهرت مقاطع فيديو مباشرة على مواقع التواصل الاجتماعي تحققت وكالة "فرانس برس" من موقعها الجغرافي، حشداً من السكان الغاضبين يتجمعون في هذه المدينة التي اكتشفت فيها أول إصابة بفيروس كورونا في ديسمبر 2019.
كما أظهرت فيديوهات تم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي متظاهرين في أورومتشي، عاصمة إقليم شينجيانج، وهم يهتفون ضد قيود كوفيد، وذلك بعدما أسفر حريق، الخميس، عن وفاة عشرة أشخاص في بناية مرتفعة.
ويزعم بعض المتظاهرين أنَّ ضحايا الحادث لم يتمكنوا من مغادرة مسكنهم بسبب الإغلاق، فيما ينفي المسؤولون أن تكون القيود منعت أي شخص من مغادرة المبنى.
هتافات ضد الحكومة
وفي شنغهاي، العاصمة المالية للصين، تجمع مئات الأشخاص السبت لتأبين ضحايا الحريق في أورومتشي.
ولوح بعض المتجمهرين بأوراق بيضاء، في احتجاج على الرقابة، وهتفوا: "نحتاج إلى حقوق الإنسان، نحتاج إلى الحرية"، فيما هتف بعضهم "يسقط الحزب الشيوعي الصيني ويسقط شي جين بينج"، و"لا نريد الديكتاتورية، نريد الديمقراطية".
وتم تفريق المتظاهرين بعدما اعتقلت الشرطة عدداً منهم. لكن مساء الأحد، تجمع المئات من سكان شنغهاي مرة أخرى وسط انتشار مكثف للشرطة. وبحسب شبكة "سي إن إن" الأميركية، هتف بعض المتجمهرين مطالبين بالإفراج عن المعتقلين.
ووعد المسؤولون برفع الإغلاق قريباً، لكنهم قالوا إنهم ينتظرون من بكين المزيد من الأوامر حول كيفية تنفيذ بروتوكولات كوفيد في المستقبل.
خيارات صعبة
وتلتزم الصين بسياسة صفر كوفيد حتى في الوقت الذي يحاول فيه معظم العالم التعايش مع فيروس كورونا. وعلى الرغم من أن عدد الإصابات بالصين يعتبر منخفضاً طبقاً للمعايير العالمية، فقد سجلت الإصابات مستويات قياسية في الأيام الأخيرة مع إعلان السلطات الصحية، الأحد، تسجيل ما يقرب من 40 ألف إصابة في يوم واحد.
وفي بداية انتشار الوباء، اعتبر العديد من الصينيين أن الحكومة حمت الناس من خلال هذه السياسة المتشددة، لكن الآن باتت هذه السياسة بعينها سبباً في الاضطرابات المدنية.
وتواجه الحكومة الصينية حالياً خياراً صعباً بين مواصلة عمليات الإغلاق، مع ما يعنيه ذلك من مواجهة الاضطرابات المدنية، وبين التعايش مع الفيروس.
تجدر الإشارة إلى أن الاحتجاجات العامة أمر نادر الحدوث في الصين، ولكن المواطنين الصينيين يظهرون بع الانتقادات للحكومة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.