استخدمت الشرطة الفرنسية الجمعة، قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين أكراد تجمّعوا قرب مركز ثقافي كردي في وسط باريس بعدما أودى مسلّح أمامه بحياة ثلاثة أشخاص ظهراً، وإصابة 3 آخرين.
وبدأت الصدامات عندما حاول الحشد اختراق طوق أمني فرضته الشرطة حول وزير الداخلية جيرالد دارمانان الذي توجّه إلى مكان الهجوم للاطّلاع على آخر مستجدّات التحقيق والتحدّث إلى الصحافيين.
وأطلقت القوات الأمنية قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين الذين ألقوا بدورهم مقذوفات باتجاهها وأحرقوا حاويات قمامة وأقاموا حواجز في الشارع.
وحُطّمت نوافذ سيارات عدّة كانت مركونة في المنطقة وكذلك سيارات للشرطة. وردّد بعض المتظاهرين هتافات مؤيّدة لحزب العمال الكردستاني، وهو منظمة كردية تصنّفها تركيا والاتحاد الأوروبي ودول أخرى على أنها "إرهابية". وهتف البعض "الشّهداء لا يموتون".
وحاول العديد من المتظاهرين في وقت سابق تجاوز الطوق الأمني للوصول إلى المركز الثقافي.
والمركز الذي يحمل اسم المغني الراحل أحمد كايا تستخدمه مؤسسة خيريّة تنظّم حفلات موسيقيّة ومعارض، وتساعد الشّتات الكردي في منطقة باريس.
ماكرون يستنكر
من جانبه، وفي أول رد فعلٍ على الحادث، استنكر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "الهجوم المشين" الذي "استهدف الأكراد في فرنسا".
وأضاف ماكرون في تغريدة على تويتر: "كل التعاطف مع الضحايا، الأشخاص الذين يكافحون من أجل العيش، أسرهم وأحبائهم. كلّ التقدير لقوات شرطتنا على شجاعتها ورباطة جأشها".
بدورها، قالت حكومة إقليم كردستان العراق في بيان إنها "تثق في مؤسسات الحكومة الفرنسية لمحاسبة (المهاجم والمجرمين)".
"استهداف أجانب"
وقال وزير الداخلية الفرنسي إنّ المسلّح الذي أطلق النار على مركز ثقافي كردي وصالون حلاقة في باريس "استهدف بوضوح أجانب".
وقال دارمانان للصحافيين إنّ الرجل البالغ 69 عاماً وهو سائق قطار متقاعد "استهدف بوضوح أجانب"، مضيفاً أنّه "ليس مؤكّدا" ما إذا كان حاول قتل "الأكراد على وجه الخصوص" أم لا". وتابع الوزير "ما زلنا لا نعرف دوافعه بالضبط".
وأكّد دارمانان عدم وجود معلومات حتى الآن عن صلات للمشتبه به مع نشطاء من اليمين المتطرّف.
وبحسب الوزير الفرنسي فإنّ الرجل عضو في نادي رياضي للرماية "ولديه عدة أسلحة مسجّلة".
وردّاً على سؤال حول ما إذا كان أيّ من الضحايا في إطلاق النار الجمعة على صلة بحزب العمال الكردستاني المصنّف منظمة "إرهابية" في الاتحاد الأوروبي ودول أخرى، قال دارمانان إنّ الضحايا هم على ما يبدو غير معروفين للأجهزة الأمنية الفرنسية.
وأوضح الوزير أنّه أمر بتشديد الإجراءات الأمنية في أماكن التجمّع الكردية في فرنسا وكذلك في محيط المقرّات الدبلوماسية التركية.
ولفت إلى أنّ المسؤولين المعنيين سيجتمعون لتقييم احتمال وجود تهديدات أخرى للجالية الكردية في باريس أو في أيّ مكان آخر في فرنسا.
"فتح تحقيق"
وكانت النيابة العامة الفرنسية أعلنت أن ثلاثةَ أشخاصٍ لقوا حتفهم وأصيب آخرون، في إطلاق نار وسط العاصمة باريس، الجمعة، فيما تم توقيف المشتبه به الرئيسي في الهجوم.
وحدث إطلاق النار في شارع دانجيين في الدائرة العاشرة وسط باريس، فيما أفادت رئيسة البلدية بأن الحادث وقع في مركز ثقافي كردي، في وقت أشار محام لمركز الجالية الكردية، إلى أن الضحايا هم من الأكراد.
وقالت رئيسة بلدية الدائرة العاشرة، ألكسندرا كوردبرد، إن "إطلاق النار وقع في مركز للجالية الكردية في شارع دونجان، وكذلك في مطعم يواجه المركز الكردي، ومحل لتصفيف الشعر".
وقالت النيابة العامة: "فُتح تحقيق في جرائم اغتيال والقتل العمد والعنف المشدد"، و"أُوكلت التحقيقات في الوقت الحالي إلى الدائرة الثانية للشرطة القضائية".
"اتهامات سابقة"
ونقلت صحيفة "لوباريزيان" عن مصدر أمني قوله إن المشتبه به في الهجوم فرنسي الجنسية، وهو متقاعد كان يعمل سائقاً في الشركة الفرنسية للسكك الحديد، وله سوابق في محاولتي قتل.
وأضاف المصدر الأمني أن قوات الأمن تمكنت من الوصول إلى السلاح الذي استخدم في إطلاق النار.
وكشف مصدر في الشرطة لوكالة "فرانس برس" أن الرجل المعتقل يبلغ 69 عاماً، وهو "أبيض البشرة"، فيما ذكرت قناة "بي.إف.إم" الفرنسية أنه هاجم قبل عام مركزاً للمهاجرين.
وكتب نائب رئيس البلدية إيمانويل جريجوار على تويتر: "وقع هجوم مسلح. شكراً لقوات الأمن على تحركها السريع"، مضيفاً: "قلوبنا مع الضحايا، ومن شهدوا هذه الفاجعة".
وقالت امرأة من متجر في مبنى مجاور، طلبت عدم كشف عن هويتها، لـ"فرانس برس": "سبع أو ثماني طلقات في الشارع، إنه أمر مخيف، بقينا محبوسين في الداخل".
تضامن أميركي وإدانة ألمانية
من جانبه، أعرب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، عن عميق تعاطفه مع الشعبين الكردي والفرنسي بعد أن أردى مسلّح 3 أشخاص.
وكتب بلينكن في تغريدة على تويتر: "كل التعاطف مع ضحايا الهجوم على المركز الثقافي الكردي في باريس".
وأضاف: "تعاطفي مع أبناء الجالية الكردية وشعب فرنسا في هذا اليوم الحزين".
كما أدان المستشار الألماني أولاف شولتز الهجوم "المروّع" الذي وقع في وسط باريس، وقال شولتز في تغريدة على تويتر إنّ "عملاً مروّعاً هزّ اليوم باريس وفرنسا. كلّ التعاطف مع الضحايا وعائلاتهم".