سجّلت صادرات الغاز لشركة "غازبروم" الروسية إلى أوروبا، أدنى مستوياتها على الإطلاق خلال العقدين الأخيرين، فيما تمكنت أوروبا من الحفاظ على خزاناتها ممتلئة بعدما شهدت فصل خريف دافئ.
وقال الرئيس التنفيذي لـ"غازبروم" أليكسي ميلر في مؤتمر صحافي عبر الهاتف، الأربعاء، بمناسبة نهاية العام: "أود أن أؤكد أن عام 2022 كان بالطبع صعباً للغاية". وأشار إلى حدوث "تغييرات جذرية في أسواق الطاقة" جراء "العقوبات الدولية" المفروضة على موسكو، بعد تدخلها العسكري في أوكرانيا.
وأوضح ميلر أنه خلال عام 2022 "استخرجت شركة غازبروم، التي باتت مملوكة للدولة الروسية كلياً تقريباً، 412.6 مليار متر مكعب من الغاز"، منها ما يزيد قليلاً عن 100 مليار متر مكعب مخصصة للتصدير. وهذا مستوى أقل مما كان عليه في عام 2021.
وتحاول روسيا منذ سنوات، زيادة إمداداتها من الغاز للاقتصاد الصيني الذي يستهلك الطاقة بشكل كبير، وسرعت هذه الوتيرة في الأشهر الأخيرة وسط العقوبات الدولية التي تستهدفها.
ومضى ميلر قائلاً: "الآن خط أنابيب الغاز سيبيريا (الذي يربط بين روسيا والصين) يعمل على امتداد طوله، أي أكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر".
وفي الوقت الراهن، يتدفق الغاز إلى أوروبا عبر نقطة واحدة فقط من نقاط روسيا العابرة للحدود مع أوكرانيا، وعبر إحدى مراحل خط أنابيب "ترك ستريم" عبر تركيا إلى المجر وصربيا.
وانخفضت الصادرات إلى البلدان خارج رابطة الدول المستقلة (التي تضم عدة دول من الاتحاد السوفييتي السابق) بنسبة 44.5%، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021، لتصل إلى 95.2 مليار متر مكعب.
وفي عام 2021 كانت روسيا عبر "غازبروم"، أول مصدر للغاز في العالم، وأكبر مزود للغاز للاتحاد الأوروبي، لكن الدول الأعضاء الـ27 في الاتحاد، خفضت وارداتها إلى حد كبير، لتصل إلى أقل من 10% من إجمالي كمية الغاز المستورد، بحسب بروكسل.
واتفقت دول الاتحاد الأوروبي في وقت سابق من الشهر الجاري، على وضع حد أقصى لأسعار الغاز، بعد أن ناقشت لأشهر مدى جدوى الإجراء في دعم أو تثبيط جهود أوروبا للتعامل مع أزمة الطاقة.
والهدف من وضع سقف لسعر الغاز، مثلما يقول التكتل الأوروبي، هو حماية الأسر والشركات من ارتفاع أسعار الغاز الذي عانت منه أوروبا منذ الغزو الروسي لأوكرانيا. وتسبب ارتفاع أسعار الطاقة في أوروبا في رفع التضخم لأعلى مستوياته منذ عقود.
خزانات أوروبا ممتلئة
وحافضت أوروبا على خزاناتها ممتلئة، بعدما حالف الحظ الأوروبيين هذا العام، لأن اعتدال الطقس في الخريف، كان وراء تأخر استعمال وسائل التدفئة.
وذكر موقع "يوروستات"، الذي يُزود الاتحاد الأوروبي بالمعلومات الإحصائية، أن ما حدث كان "مفاجئاً"، إذ انخفض استهلاك الطاقة إلى حد كبير وبنسبة -20% في الاتحاد الأوروبي في الفترة الممتدة بين أغسطس ونوفمبر، مقارنة بالسنوات الخمس الماضية.
وعلى الرغم من اتخاذ أوروبا تدابير لملء خزاناتها بالغاز، بفضل آخر الإمدادات من روسيا، فإنها تواجه مخاوف من خلال الشتاء المقبل، مع غياب الإمدادات لملء الخزانات خلال فصليْ الربيع والصيف.
وقبل الغزو الروسي لأوكرانيا، كان الغاز وفيراً وتكلفته قليلة، وقد ناهز سعره المرجعي في السوق الأوروبية حوالى 20 يورو لكل ميجاواط في الساعة، لكنه ارتفع هذا العام إلى 300 قبل أن يتراجع إلى حوالى 100 يورو.
ماذا عن 2023؟
لتفريغ الغاز الطبيعي المسال من الناقلات، هناك حاجة إلى موانئ قادرة على إعادة تحويله إلى غاز وضخّه في شبكات الأنابيب. وسارعت ألمانيا إلى إنشاء أول منصة من هذا النوع في ديسمبر.
وفي هذا الصدد، أُعلن عن العمل على إنشاء 26 محطة جديدة في القارة، بينها محطة خامسة في فرنسا، أقيمت في لوهافر، بحسب "جلوبال إنرجي مونيتور"، التي تخشى من أن يؤدي الأمر إلى اعتماد أوروبا على الغاز مجدداً، في وقت تسعى للانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة.
ويبدو أنه لن يكون هناك المزيد من الغاز الروسي لملء الخزانات خلال الربيع والصيف، تمهيداً للشتاء المقبل. وقالت لورا بايج الخبيرة في قطاع الغاز في شركة "كبلر" لـ "فرانس برس"، إنه "كلما كان الشتاء أكثر برودة، سيتعين شراء المزيد من الغاز الطبيعي المسال منذ الربيع، وستشتد بالتالي المعركة بين أوروبا وآسيا".
ولن تنتج مشاريع الغاز الطبيعي المسال الجديدة ملايين الأطنان الإضافية حتى عام 2025 أو 2026.