الرئيس الجزائري يدعو فرنسا إلى "صفحة جديدة" قبل زيارة باريس

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خلال مقابلة مع صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية - Facebook@AlgerianPresidency
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خلال مقابلة مع صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية - Facebook@AlgerianPresidency
الجزائر-الشرق

دعا الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون فرنسا إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، كاشفاً عن زيارة دولة سيقوم بها إلى باريس العام المقبل.

وقال تبون في مقابلة مع صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية، إن "فرنسا يجب أن تحرّر نفسها من عقدة المستَعمِر، والجزائر كذلك يجب أن تتحرّر من عقدة المستَعمَر"، مشيراً إلى أن "من الضروري فتح صفحة جديدة بين البلدين، فبعد أكثر من 60 عاماً على نهاية الحرب، علينا المضي قدماً". 

وتابع: "إذا كانت الذاكرة جزءاً من جيناتنا المشتركة، فإننا نتشارك أيضاً في العديد من الاهتمامات الأساسية، حتى لو كانت وجهات نظرنا مختلفة". 

وتحدث تبون عن لجنة المؤرخين المشتركة التي قرر البلدان إنشاءها للنظر في مسائل الذاكرة، وقال "يجب أن نأخذ بعين الاعتبار 132 عاماً من الاستعمار، لأن هذا لم يبدأ فقط مع الحرب التحريرية. هناك حقائق مثبتة، مؤرشفة، وموثقة لا يمكن إخفاؤها"، ولكنه دعا إلى "نزع الطابع السياسي عن فترة من الاستعمار، وتركها للتاريخ".

وقال تبون أيضاً إن "باستطاعة الرئيس إيمانويل ماكرون أن يجسّد الجيل الجديد المنقذ للعلاقات بين بلدينا".

أزمة التأشيرات

واعتبر تبون أن عودة "معدل منح التأشيرات الفرنسية للجزائريين إلى سابق عهده يدخل في إطار منطق الأشياء"، مشدداً على أن للجزائر "وضعاً خاصاً" باعتبار أن "اتفاقيات إيفيان (الموقعة بعد الاستقلال) تمنح الجزائريين خصوصية" في تسهيل الدخول إلى فرنسا، من بين الدول المغاربية الأخرى، لذا من الأنسب أن "يُحترم ذلك".

وخلال زيارة إلى الجزائر في 19 ديسمبر الجاري، أعلن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان، أن فرنسا والجزائر قررتا العودة إلى "علاقات قنصلية عادية، خصوصاً ما يتعلق بملف التأشيرات".

وأضاف أن ذلك يشمل "كل ما يتعلق بالتأشيرات والمبادلات بين شعبي البلدين، لنرتقي بهذا التبادل إلى مستوى علاقات الصداقة القوية والخاصة التي تربط الجزائر وفرنسا".

صادرات الغاز لفرنسا

ونفى الرئيس الجزائري تبون تقديم السلطات الفرنسية طلباً لرفع صادرات الغاز الجزائري، مؤكداً أنها "لو تقدمت بذلك، فإننا مستعدون لرفعها".

وأشار تبون إلى أن الجزائر قررت بعث مشروع بناء أنبوب جديد للغاز يربطها مباشرة مع إيطاليا، بالإضافة إلى الأنبوب الآخر الذي يمر عبر تونس، من أجل رفع صادرات الغاز من 25 مليار متر مكعب سنوياً إلى 35 مليار متر مكعب سنوياً، وجعل إيطاليا "مركزاً للغاز الجزائري إلى بقية أوروبا".

وخلال زيارته إلى الجزائر في أغسطس الماضي، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه لم يأتِ لـ"تسوّل" الغاز من الجزائر كما جاء في بعض التقارير الإعلامية، لأن فرنسا تعتمد بنسبة قليلة على الغاز في احتياجاتها من الطاقة، أي نحو 20%، وفي المجموع تمثل الجزائر 8 % إلى 9%.

وأشاد ماكرون بقرار الجزائر زيادة الكميات في أنبوب الغاز الذي يغذّي إيطاليا، معتبراً أن ذلك جيد لروما ولأوروبا، ويعزز تنويع المصادر في القارة التي كانت تعتمد بشدة على الغاز الروسي.

التجارب النووية الفرنسية

وفي ردّه على التجارب النووية الفرنسية التي تُعد من مسائل الخلاف الرئيسية بين البلدين، قال تبون إن المطلوب من باريس هو "تنظيف مواقع التجارب النووية في رقان وتمنغست، حيث التلوث كبير جداً، كما نأمل في أن يتم تقديم الرعاية الطبية للأشخاص ضحايا هذه التجارب".

ونفّذت فرنسا، التي احتلت الجزائر بين عامي 1830 و1962، 17 تجربة نووية في الصحراء بين 1960 و1966 في منطقتي رقان وإن إيكر. 

وكانت السلطات الفرنسية أكدت بعد ثلاثة أيام من أول تجربة نووية بالجزائر، في 13 فبراير 1960، أن الإشعاع كان في أدنى مستويات السلامة المقبولة. لكن وثائق رفعت عنها السرية في عام 2013، أظهرت أن الإشعاع أعلى بكثير مما أعلن حينها، ويصل إلى كامل غرب إفريقيا وجنوب أوروبا.

وجرت 11 تجربة من تلك التجارب، وجميعها تحت الأرض، بعد توقيع اتفاقيات إيفيان عام 1962، التي قادت إلى استقلال الجزائر، ولكنها تضمنت بنوداً تسمح لفرنسا باستعمال مواقع في الصحراء حتى عام 1967.

ووفق دراسات تاريخية تم إجراؤها في الجزائر، تسببت 17 تجربة نووية أجرتها فرنسا في الصحراء الجزائرية، ما بين 1960 و1966، في مصرع 42 ألف جزائري وإصابة آلاف آخرين بإشعاعات نووية.

"الفرنسية لم تتراجع"

تحدث الرئيس الجزائري عن واقع اللغة الفرنسية في الجزائر، نافياً تراجع هذه اللغة، خلافاً لما ذكرته تقارير فرنسية مؤخراً. وقال: "27 مليون جزائري يتقنون اللغة الفرنسية الأكاديمية"، وهو رقم "أكبر مما كانت عليه البلاد خلال الاستقلال في عام 1962".

وأضاف: "لا يمكن فرض اللغة الفرنسية على الجزائريين، فذلك قرار العائلات. والجزائر لم تحرر نفسها لتكون جزءاً من كومنولث لغوي"، مشيراً إلى أن "اللغة الإنجليزية لها مكانة، وهي لغة عالمية".

وعبّر تبون عن تمنيه "لعب مباراة كرة قدم بين منتخبي الجزائر وفرنسا في مدينتي وهران أو العاصمة، أو أي مكان آخر في الجزائر"، ولكنه شدد على أنه "لن يقبل أبداً  التصفير على النشيد الوطني" الفرنسي.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات