قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية إن الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب تعد لإجراء سلسلة من التحقيقات مع الرئيس جو بايدن وعدد من أعضاء حكومته بهدف "عزله".
ورأت أن الجمهوريين أوضحوا أن مهمتهم الأولى في الكونجرس الـ 118 ستتمثل في "إجراء سلسلة من التحقيقات مع إدارة بايدن، ربما تفضي في نهاية المطاف إلى عزله والعديد من أعضاء حكومته".
ورغم أن الجمهوريين يملكون أغلبية في مجلس النواب، إلا أنها أغلبة ضئيلة (222 - 212) تجعل من الصعب تحويل أجندتهم التشريعية إلى قوانين، لكن في ظل استعدادهم لاستغلال سلطة الاستدعاء التي باتوا يتمتعون بها في الكونجرس، شكل الجمهوريون 3 لجان تحقيق خاصة أو فرعية.
ويتوقع أن يجري الجمهوريون تحقيقات عدة في إطار اللجان الحالية للمجلس، والتي باتوا يسيطرون عليها، وسط تقلد كبار الجمهوريين الأدوار الأبرز فيها.
ورغم تصريح رئيس مجلس النواب الجديد كيفين مكارثي، العام الماضي، بأنه "لم ير بعد أسباباً لعزل بايدن"، قدم الجمهوريون بالفعل مجموعة من المواد كفيلة بعزل الرئيس وأعضاء حكومته، فيما قال أعضاء نافذون من اليمين الجمهوري إنهم "يستمتعون باحتمالية محاكمة الرئيس على خلفية جرائم وجنح كبيرة".
وفي هذا الإطار وضعت"نيويورك تايمز" مجموعة من القضايا التي يعتقد أن تحقيقات الأعضاء الجمهوريين في مجلس النواب سيتناولونها.
تسليح الحكومة
وبحسب الصحيفة، فإن اللجنة المعنية بهذا التحقيق هي لجنة خاصة فرعية منبثقة عن اللجنة القضائية التي يرأسها النائب الجمهوري عن ولاية أوهايو جيم جوردان.
وأضافت الصحيفة أنه "لم تُعرف بعد القضايا التي سيتناولها التحقيق في هذا الملف"، مشيرة إلى أن نص القرار المؤسس للجنة الفرعية يمنحها اختصاصاً مفتوحاً لتدقيق أي قضية تتعلق بالحريات المدنية أو بحث الطريقة التي اتبعتها أي وكالة تابعة للحكومة الفيدرالية في جمع أو تحليل أو استخدام معلومات عن الأميركيين، بما في ذلك التحقيقات الجنائية المنظورة.
ولفتت الصحيفة إلى أن نص القرار يمنح اللجنة الفرعية أيضاً "سلطة الحصول على المعلومات السرية، التي عادة ما تقدم فقط للجنة الاستخبارات، بما في ذلك بعض أسرار الحكومة الأكثر حماية".
وفيما يتعلق بالأجندة السياسية لهذه اللجنة، قالت "نيويورك تايمز" إنه أثناء حملتهم الانتخابية لعام 2022، وعد الجمهوريون باستخدام سلطتهم الجديدة في الكونجرس لتدقيق ما قالوا إنه جهد منسق من قبل الحكومة لإسكات ومعاقبة المحافظين على جميع المستويات"، بدءاً من المحتجين في اجتماعات مجالس أمناء المدارس، وصولاً إلى الرئيس السابق دونالد ترمب.
كما يمكن أن تصبح اللجنة "منصة لاستهداف العاملين الفيدراليين المتهمين بتنفيذ أجندة حزبية، فضلاً عن إعادة التقاضي بشأن ما تم الكشف عنه بخصوص سلوك ترمب، بما في ذلك الحقائق المحيطة بجهوده لإلغاء انتخابات 2020، أو نقله لوثائق سرية من البيت الأبيض، وفشله في إعادتها.
انتخاب مكارثي
وانتزع كيفين مكارثي، رئاسة مجلس النواب بعد أن تعرض لضغوط من داخل الحزب الجمهوري، أدت إلى إطالة أمد التصويت عبر جلسات اقتراع متعددة غير ناجحة.
وفي هذا السياق أشارت "نيويورك تايمز" إلى الأشياء التي اضطر الرئيس الجديد لمجلس النواب إلى التنازل عنها حتى يحظى بهذا المقعد.
وأشارت الصحيفة إلى أنه من خلال هذه التنازلات، منح مكارثي النواب اليمينيين المتشددين "شيكاً على بياض لتعطيل أعمال المجلس، واحتجازه كرهينة لمطالبهم"، فيما رجحت الصحيفة أن تفضي تلك الحالة إلى "إغلاق الحكومة أو التخلف عن سداد التزامات الديون".
شركات عائلة بايدن
وبحسب "نيويورك تايمز"، فإن اللجان المشاركة في هذا التحقيق هي لجنة الرقابة والإصلاح الحكومي برئاسة النائب الجمهوري عن ولاية كنتاكي جيمس كومر، وربما اللجنة القضائية الفرعية الجديدة.
وقالت لجنة الرقابة إن الهدف من التحقيق في هذ الشأن هو "تعزيز قوانين الأخلاق الفيدرالية وضمان تمتع المؤسسات المالية بالضوابط الداخلية وبرامج الامتثال التي تساعدها على لفت انتباه الوكالات الفيدرالية ضد أي نشاط يتعلق بغسيل أموال محتمل".
وكان كومر تعهد منذ أشهر بالتحقيق مع عائلة بايدن وتدقيق علاقاتها التجارية، إذ حصل فريق عمله على محتويات جهاز كمبيوتر محمول خاص بهانتر بايدن، نجل الرئيس، الذي تخضع أنشطته التجارية للتحقيق الفيدرالي.
وعقد كومر مؤتمراً صحافياً في مبنى الكابيتول، لشرح تفاصيل خطته لتوسيع دائرة التحقيق إلى ما هو أبعد من نجل الرئيس، إذ أعلن أن هذا التحقيق مع "جو بايدن نفسه".
منشأ فيروس كورونا
اللجان المشاركة في هذا التحقيق هي اللجنة الخاصة الفرعية عن لجنة الرقابة ولجنة الطاقة والتجارة برئاسة النائبة الجمهورية عن واشنطن كاثي مكموريس رودجرز.
وحول هذا التحقيق، قال المشرعون إنهم يريدون استكشاف ما إذا كانت الحكومة الأميركية يجب أن تمول ما يسمى بـ "أبحاث الإضافة الوظيفية"، وهو مجال بحثي يمكن أن يتضمن التلاعب بالفيروسات بطريقة تجعلها أكثر خطورة.
ويأتي هذا النوع من الأبحاث في قلب تأكيدات الجمهوريين بأن كورونا ربما نجم عن تسرب مخبري، وهو الاقتراح الذي عارضه العلماء الذين أثبتت جهودهم البحثية أن تفشي الوباء بدأ على الأرجح في سوق للحيوانات الحية بمدينة ووهان الصينية.
ويقول جمهوريون، بينهم كومر وجوردان "من دون دليل" وفقاً للصحيفة، إن خبير الأمراض المعدية أنتوني فاوتشي "تغاضى عن فكرة التسرب المخبري".
من جانبه، قال فاوتشي، وهو المدير السابق للمعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، إنه يتمتع "بعقلية منفتحة تماماً" بشأن ما إذا كان الوباء نشأ في مختبر، لكن "الأدلة ترجح أن الوباء نشأ بشكل طبيعي"، حسبما أوردت "نيويورك تايمز".
المنافسة مع الصين
وفقاً لـ"نيويورك تايمز"، فإن اللجنة المعنية بهذا الأمر هي لجنة جديدة مختارة تركز على المنافسة الاستراتيجية بين حكومتي الولايات المتحدة والصين، ويتولى رئاستها النائب الجمهوري عن ولاية ويسكونسن مايك جالاجر.
وتهدف اللجنة إلى التحقيق في "التقدم الاقتصادي والتكنولوجي والأمني الذي حققته الحكومة الصينية، ومنافستها للولايات المتحدة"، كما ستبحث العديد من المواضيع، بما في ذلك "اعتماد الولايات المتحدة اقتصادياً على سلاسل التوريد الصينية، والمساعدات الأمنية التي تقدمها واشنطن إلى تايوان، والضغوط التي تمارسها الحكومة الصينية للتأثير على الحكومات الأميركية، سواء على مستوى الولايات أو الدولة، إلى جانب المؤسسات الأكاديمية".
وستقدم اللجنة بعد ذلك توصياتها بشأن كيفية مواجهة الولايات المتحدة تفوق الصين في هذه المجالات"، وأشارت الصحيفة إلى أن هذه اللجنة تحظى بدعم من كلا الحزبين، مرجحة عدم إجراء هذا التحقيق "في أجواء من الشحن السياسي" كغيره من التحقيقات التي يقودها الجمهوريون.
ورغم ذلك، يشعر بعض الديمقراطيين بـ"القلق" من أن يؤدي التركيز المكثف على الصين إلى تأجيج خطاب معاد للأجانب يغذي مشاعر معاداة الآسيويين في الولايات المتحدة.
الانسحاب من أفغانستان
اللجان المعنية بالتحقيق في الانسحاب من أفغانستان وفقاً لـ"نيويورك تايمز"، هي "لجنة الشؤون الخارجية"، التي يرأسها النائب الجمهوري عن ولاية تكساس مايكل ماكول، ولجنة القوات المسلحة التي يرأسها النائب الجمهوري مايك روجرز، ولجنة الرقابة.
ونشر الجمهوريون الأعضاء في لجنة الشؤون الخارجية بالفعل تقريراً مؤقتاً يحمل عنوان "الفشل الاستراتيجي: تقييم انسحاب الإدارة من أفغانستان"، ويخطط رئيس اللجنة مواصلة التحقيق، حيث تتمتع لجنته الآن بسلطة الاستدعاء.
وتوقعت "نيويورك تايمز" أن تركز اللجنة في هذا التحقيق على "الفترة السابقة للانسحاب، والجهود الفاشلة لإجلاء المترجمين الأفغان الذين ساعدوا الحكومة الأميركية، والعواقب التي ترتبت على هذا الانسحاب".
وينظر الجمهوريون إلى هذا التحقيق باعتباره أحد أهم التحقيقات التي يقومون بها، ومن ثم قدرت "نيويورك تايمز" أن يُستخدم هذا التحقيق أيضاً من أجل "تقويض الثقة في كفاءة إدارة بايدن".
قانون الحدود
وتعد لجنة الأمن الداخلي التي يرأسها النائب الجمهوري مارك جرين، فضلاً عن اللجنة القضائية ولجنة الرقابة، أبرز اللجان المشاركة في هذا التحقيق، وفقاً لـ"نيويورك تايمز".
وقدر التقرير أن التحقيق بشأن مقاربة إدارة بايدن للحدود سيكون "محط اهتمام وجهود الجمهوريين على مدى العامين القادمين"، لكن رغم ذلك أشار التقرير إلى أنه "لم تُحدد بعد التوصيات السياسية التي سيقدمها المحققون"، مرجحاً عدم تمرير أي قانون جديد في ظل حالة الانقسام التي يعانيها الكونجرس.
وتهدف التحقيقات التي ستجريها هذه اللجنة إلى "مواجهة موجات الهجرة غير المسبوقة على الحدود الجنوبية"، التي استنفدت الكثير من الجهود والموارد، نظراً لحالة "التخبط" التي تعانيها إدارة بايدن في معالجة ما يطلق عليه الأعضاء من كلا الحزبين "أزمة".
وفي الوقت ذاته، أشارت الصحيفة إلى مساعي الجمهوريين إلى استخدام سياسات بايدن الحدودية "كسلاح سياسي ضده وضد الديمقراطيين بوجه عام".
أحداث 6 يناير
لم تتضح بعد اللجان المشاركة في هذا التحقيق، لكن الصحيفة رجحت أن تتولى لجنة الرقابة أو اللجنة القضائية تلك المهمة.
وقالت الصحيفة إنه أثناء اجتماع مغلق عقد في نوفمبر الماضي، "انتزع" المشرعون اليمينيون، بمن فيهم النائبة الجمهورية مارجوري تايلور جرين، "وعداً" بأن يجري قادتهم تحقيقاً مع نانسي بيلوسي، الرئيسة السابقة لمجلس النواب ووزير العدل بشأن المعاملة التي تلقاها المحتجزون على خلفية هجوم الكابيتول في 6 يناير 2021.
ونشرت جرين تقريراً عن الأوضاع في سجن العاصمة، فيما أقر مسؤولون محليون بأن المنشأة تعاني من العديد من المشكلات منذ فترة.
وتحظى هذه القضية باهتمام بالغ في دوائر الجمهوريين المتشددين في الكونجرس، الذين حاولوا التقليل من شأن الأحداث التي وقعت خلال أحداث الكابيتول بدعوى أن "الضحايا الذين دخلوا مبنى الكابيتول هيل، تعرضوا للاضطهاد على خلفية انتمائهم السياسي".
ويريد كثير من الجمهوريين المتشددين الانتقام من التحقيقات المكثفة التي أجراها الديمقراطيون بشأن أعمال الشغب عبر سلسلة من جلسات الاستماع وتقرير حول المؤامرة التي حاكها ترمب من أجل التشبث بالسلطة بعد خسارته انتخابات 2020 الرئاسية بمساعدة حلفاء داخل وخارج الكونجرس.
ولكن، بحسب "نيويورك تايمز"، يفضل بعض الجمهوريين عدم التركيز على هذه القضية، لأن ذلك سيتضمن إعادة التحقيق في مجريات الهجوم والأدوار التي اضطلعوا بها ضمن جهود ترمب لإلغاء نتيجة الانتخابات.