انسحبت القوات الإسرائيلية الخميس من مخيم جنين، بعد عملية عسكرية استمرت عدة ساعات قتلت خلالها 9 فلسطينيين، وأوقعت عشرات الجرحى، ووُصفت بأنها الأكبر والأكثر عنفاً منذ بدء المواجهات في الضفة الغربية المحتلة قبل نحو عام.
وأفاد شهود لـ"الشرق"، بأن قوة كبيرة من الجيش الإسرائيلي اقتحمت المخيم، في السابعة صباحاً بالتوقيت المحلي، حيث تصدى لها عشرات المسلحين.
وأشارت مصادر محلية إلى أن قوة من "المستعربين" المتخفين بزي مدني محلي، اقتحموا المخيم مستخدمين شاحنة لتوزيع الألبان صادروها من الطريق العام، ونصبوا كمائن داخله، قبل أن تتبعهم قوة كبيرة من الجيش اقتحمت المخيم من ثلاث جهات، مستخدمة جرافات هدمت من خلالها الأسوار والعوائق.
وأعلنت القوات الإسرائيلية اعتقال أحد الشبان، بزعم أنه مطلوب من قبل السلطات الإسرائيلية، قبل أن تنسحب.
ويرى العديد من المراقبين، أن الحكومة الإسرائيلية تعمدت القيام بعملية عسكرية كبيرة ودموية في المخيم، بهدف التأثير على المظاهرات التي يشهدها الشارع الإسرائيلي على خلفية التغيرات التي يعتزم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إجرائها في النظام القضائي.
مناشدات بالتحرك
من جهتها، طالبت وزارة الخارجية الفلسطينية المجتمع الدولي والإدارة الأميركية، بـ"التحرك ووقف الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي" في محافظة جنين ومخيمها.
وأدانت الخارجية في بيان "الاقتحام الدموي والهمجي الذي ترتكبه قوات الاحتلال... ضد أهلنا في جنين ومخيمها"، معتبرة أن إسرائيل ضربت "بعرض الحائط جميع القيم والمبادئ الإنسانية".
وأشارت إلى أن "قوات الاحتلال حاصرت المخيم، وأغلقت مداخله، وأطلقت الرصاص الحي بهدف القتل بدم بارد، ومنعت الطواقم الطبية وسيارات الإسعاف من الوصول إلى الجرحى، وتركتهم ينزفون وهم على الأرض حتى الموت، واعتدت بقنابل الغاز المسيل على مستشفى جنين، في صورة تعبر عن عنجهية الاحتلال وإصراره على تصعيد الأوضاع في ساحة الصراع، بما يهدد بتفجيرها بالكامل".
وندد رئيس الوزراء محمد أشتية بمواصلة القوات الإسرائيلية تنفيذ عمليات "القتل والإعدامات بحق أبناء شعبنا، مدفوعة بشعور القدرة على الإفلات من العقاب".
وطالب الأمم المتحدة وجميع المنظمات الحقوقية الدولية، بـ"التدخل العاجل لتوفير الحماية لشعبنا، ووقف متوالية الدم التي يذهب ضحيتها الأطفال والشباب والنساء".
9 ضحايا
وزارة الصحة أفادت بأن حصيلة الضحايا الذين سقطوا برصاص القوات الإسرائيلية ارتفع إلى 9 بينهم سيدة مسنة، مشيرة إلى تسجيل 20 إصابة بينها 4 بحالة خطيرة.
وأضافت أنه "أصيب أكثر من 16 شاباً، بينهم طفل، برصاص الاحتلال، نقلوا إلى مستشفيات جنين الحكومي، وابن سينا"، مبينة أن الإصابات تركزت في الصدر، والكتف، والبطن، والقدم.
وهدمت القوات الإسرائيلية نادي مخيم جنين بالكامل بالجرافة، واستهدفت منزل عائلة بصواريخ "أنيرجا"، ما أدى لتضرر جزء كبيرة منه، وفقاً للمصدر نفسه.
وأفادت وزارة الصحة، بأن "قوات الاحتلال أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع بشكل مباشر على مستشفى جنين الحكومي، ما أدى لإصابة عشرات المرضى بالاختناق".
أما وزيرة الصحة مي الكيلة، فقالت إن الوضع في مخيم جنين "حرج للغاية"، مشيرة إلى "وجود إصابات عديدة يصعب إنقاذها وإخلاؤها حتى الآن".
وأضافت: "الاحتلال الإسرائيلي أعاق دخول مركبات الإسعاف إلى داخل مخيم جنين لإنقاذ الجرحى".
وأكدت الكيلة أن "قوات الاحتلال اقتحمت مستشفى جنين الحكومي، وأطلقت بشكلٍ متعمد قنابل الغاز المسيل للدموع تجاه قسم الأطفال في المستشفى، ما أدى لإصابة أطفال بحالات اختناق".
ونبهت وزيرة الصحة الفلسطينية إلى أنها دعت إلى اجتماع عاجل مع منظمة الصليب الأحمر الدولي ومنظمة الصحة العالمية، "لوقف هذا العدوان، والتدخل لإنقاذ حياة أبناء شعبنا".
وناشدت الكيلة كافة المؤسسات الحقوقية والمجتمع الدولي بضروري التحرك الفوري والعاجل "لكبح الممارسات العنصرية التي يقوم بها جيش الاحتلال الآن في جنين".