للمرة الرابعة في أقل من شهر، دعا الفرنسيون إلى تعبئة ضد إصلاح لنظام التقاعد لا يحظى بشعبية، ويريده الرئيس إيمانويل ماكرون الذي حضّ على التحلي بـ"روح المسؤولية"، مثيراً غضب النقابات.
وتأمل النقابات في مشاركة كبيرة بيوم التحرك الجديد الذي ينظم السبت، ليتاح للعاملين الذين لا يمكنهم القيام بإضراب، المشاركة في التظاهرات.
وقال لوران بيرجيه رئيس النقابة الإصلاحية "الكونفدرالية الفرنسية الديمقراطية للعمل" (سي إف دي تي) إن "تجاوز عدد المشاركين المليون سيشكل نجاحاً كبيراً"، وفقاً لما أوردته وكالة "فرانس برس".
وذكر مصدر في الشرطة أنه يتوقع مشاركة بين 600 و800 ألف شخص في التظاهرات بينهم 90 و120 ألفاً في باريس.
توتر متصاعد
ومنذ بداية الاحتجاج على الإصلاح الذي يتبناه الرئيس ماكرون، والذي تجري مناقشته حالياً في الجمعية الوطنية (البرلمان) وسط أجواء من التوتر، تحدثت النقابات عن تعبئة واسعة، وإن تراجع عدد المتظاهرين والمضربين في يوم التحرك السابق، الثلاثاء.
وشارك بين 757 ألفاً ومليوني متظاهر، الثلاثاء، بحسب المصادر، مقابل ما بين 1.27 وأكثر من 2.5 مليون في 31 يناير الماضي.
وكشفت استطلاعات رأي أن معظم الفرنسيين يرفضون جوهر الإصلاح الذي ينص على رفع سن التقاعد القانوني من 62 إلى 64 عاماً.
لكن الحكومة تؤكد تصميمها على تنفيذ هذا الإصلاح. ومع مرور الوقت، وافقت على إدخال بعض التعديلات من دون أن تمس لب المشروع.
وردت النقابات بحدة على تصريحات لإيمانويل ماكرون في بروكسل، الجمعة.
"روح المسؤولية"
وفي تعليق نادر على هذه القضية الساخنة، دعا الرئيس الفرنسي منظمي الاحتجاجات إلى مواصلة التحلي بـ"روح المسؤولية" حتى "يتم التعبير عن نقاط الخلاف لكن بهدوء وفي إطار احترام للممتلكات والأشخاص، ورغبة في عدم تعطيل حياة بقية البلاد".
وتساءل لوران بيرجيه رئيس النقابة الإصلاحية بغضب: "عفواً.. لم نكن مسؤولين منذ البداية؟"، بينما جرت التظاهرات حتى الآن من دون حوادث تذكر. وتحدث عن نوع من "الازدراء".
أما رئيس اتحاد النقابات "الكونفدرالية العامة للعمل" (سي جي تي) فيليب مارتينيز، فقال: "يمكن أن نرد عليه بعبارات التهذيب ذاتها"، مضيفاً: "عندما يكون هناك استياء كهذا في البلاد ونتحلى بروح المسؤولية، فنحن نصغي" للمطالب.
ويضم الاتحاد النقابي 8 منظمات، وسبق له أن أعلن أنه يريد مواصلة التحرك لأمد طويل، لذلك دعا إلى يومي تعبئة آخرين في 16 فبراير الجاري، و7 مارس المقبل. وتحدث مارتينيز عن احتمال تنظيم "إضرابات أقوى وأكثر عدداً وأوسع وقابلة للتمديد".
إصرار حكومي
من جانبها، دافعت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيث بورن التي تقف بالصف الأول في المواجهة، الخميس، مجدداً عن الإصلاح، مشددة على ضرورة "ضمان مستقبل نظام المعاشات التقاعدية" للشعب الفرنسي.
وفرنسا واحدة من الدول الأوروبية التي تعتمد أدنى سن قانوني للتقاعد من دون أن تكون أنظمتها متطابقة.
واختارت الحكومة تمديد مدة العمل، لمعالجة التدهور المالي لصناديق التقاعد، وشيخوخة السكان. وهي تؤكد في دفاعها عن مشروعها أنه "سيحقق تقدماً اجتماعياً"، لا سيما عبر رفع المعاشات الصغيرة.
ولا تتمتع الحكومة بأغلبية مطلقة في الجمعية الوطنية تسمح لها بتمرير مشروعها. وهي تعوّل خصوصاً على دعم اليمين التقليدي، لكنه ليس مضموناً حالياً.
ولم تُفضِ النقاشات بشأن النص في الجمعية الوطنية حتى الآن سوى إلى جدل متكرر وتبادل اتهامات.
وقال لوران بيرجيه: "سيكون من الأفضل أن يصبح البرلمان أكثر من ساحة عرض"، داعياً إلى مناقشة "جوهر المسألة".
وتقدمت المعارضة اليسارية بطلبات لآلاف التعديلات على مسودة المشروع.
اقرأ أيضاً: