حذّرت هيئة رقابية في بريطانيا من أن البلاد يجب أن تكون "أكثر قلقاً" بشأن كاميرات المراقبة صينية الصنع المنتشرة في الشوارع، وبشكل يفوق قلقها من مناطيد التجسس التي تُحلّق على ارتفاع 60 ألف قدم فوق الأرض.
وأظهرت نتائج مسح جديد أجراه مكتب مفوض المسؤول عن القياسات "البيومترية" (الحيوية) وكاميرات المراقبة في بريطانيا (OBSCC)، أن قوات الشرطة البريطانية "مخترقة" بكاميرات صينية، وطائرات مسيرة، ومعدات مراقبة أخرى.
وأشار المسح إلى أن الهيئات التي تستخدم المعدات "كانت تدرك بشكل عام أن هناك مخاوف أمنية وأخلاقية بشأن الشركات التي تزودها بمعداتها"، وفقاً لما أوردته شبكة "سكاي نيوز" البريطانية.
تأتي هذه المعطيات وسط مخاوف متزايدة في الأيام الأخيرة بشأن تهديد مناطيد التجسس الصينية، بعد أن أسقطت الولايات المتحدة 4 أجسام تحلق في مجالها الجوي هذا الشهر، ما دفع المملكة المتحدة إلى مراجعة إجراءاتها الأمنية.
وعلى خلفية المذكور أعلاه، أُثيرت مخاوف تتعلق بالأمن، على خلفية استخدام الشرطة طائرات مسيرة ومعدات مراقبة صينية الصنع.
وذكرت الهيئة الرقابية أنها سألت جميع قوات الشرطة في جميع أنحاء إنجلترا وويلز، بالإضافة إلى شرطة النقل البريطانية، وشرطة المرافق النووية المدنية، ووزارة الدفاع، والوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة (NCA)، في يونيو من العام الماضي عن استخدام وإدارة الدوائر التلفزيونية المغلقة، وكاميرات المراقبة الأخرى.
وقالت إن العديد من المشاركين ذكروا أن أنظمة الكاميرات الخاصة بهم تستخدم معدات كانت هناك مخاوف أمنية أو أخلاقية بشأنها.
وقال المفوض فريزر سامبسون: "من الواضح تماماً من هذا التحليل المفصل لنتائج المسح أن مباني الشرطة في المملكة المتحدة مخترقة بكاميرات مراقبة صينية".
وأضاف: "من الواضح أيضاً أن القوات التي تنشر هذه المعدات، تدرك بشكل عام أن هناك مخاوف أمنية وأخلاقية بشأن الشركات التي تزودها بمعداتها".
وأضاف: "هناك الكثير من الأنباء في الأيام الأخيرة بشأن مدى القلق الذي يجب أن نشعر به بشأن مناطيد التجسس الصينية على ارتفاع 60 ألف قدم في السماء".
وتابع: "لا أفهم لماذا لسنا على الأقل قلقين بشأن الكاميرات الصينية على ارتفاع 6 أقدام فوق رؤوسنا في الشارع وفي أماكن أخرى...".
وشدد سامبسون على ضرورة دراسة ما إذا كان من المناسب للهيئات استخدام المعدات التي تصنعها الشركات "تدور حولها مثل هذه التساؤلات الخطيرة".
مخاوف أمنية
وكانت أستراليا أعلنت الأسبوع الماضي أنها ستزيل الكاميرات الأمنية التي تصنعها شركات مرتبطة بالحزب الشيوعي الصيني من مباني وزارة الدفاع.
وقالت الهيئة الرقابية إن 39 فقط من أصل 47 هيئة وقوة جرى الاتصال لإجراء المسح استجابت، وهو أمر "مخيب للآمال".
وذكرت نحو 18 هيئة أن أنظمة الكاميرات الخارجية الخاصة بها تستخدم معدات أثارت مخاوف أمنية أو أخلاقية، بينما أعطت 24 هيئة على الأقل نفس الإجابة لدى سؤالها عن أنظمة الكاميرات الداخلية.
في المقابل، قال متحدث باسم مجلس رؤساء الشرطة الوطنية (NPCC): "بعد توجيه الحكومة حيث صدرت تعليمات لإدارات حكومية بوقف نشر مثل هذه المعدات حول مواقع حساسة، ستجري الشرطة البريطانية المراجعات اللازمة لضمان الوفاء بمعايير الأمن القومي.
وكشف أن "نماذج الشروط والأحكام التعاقدية النموذجية تستخدم على نطاق واسع في جميع أقسام الشرطة، وتشمل أحكاماً محددة للمساواة والتنوع وحقوق الإنسان. وهذه الأحكام تُفرض على الموردين المتعاقد معهم وستُستخدم لمواجهة أي خرق للعقد".
وفي سياق متصل ذكرت صحيفة "تليجراف" البريطانية أن أكثر من ثلثي الطائرات المسيرة التي تشغلها قوات الشرطة في المملكة المتحدة، تصنعها شركة صينية مدرجة في "القائمة السوداء" بالولايات المتحدة.
وقال مصدر بوزارة الداخلية للصحيفة، الثلاثاء، إن وزيرة الداخلية سويلا برافرمان لديها "مخاوف" بشأن استخدام التكنولوجيا الصينية في المملكة المتحدة، وتريد من الشرطة التأكد من أن جميع بياناتها "آمنة وغير معرضة لأي تدخل من قبل دولة أجنبية".
وفي وقت سابق، نفت شركات صينية تصنع كاميرات مراقبة وطائرات مسيرة هذه الاتهامات، وأكدت حرصها على اتباع القواعد واللوائح الأمنية الصارمة المطلوبة للعمل في المملكة المتحدة، معتبرةً أن تصويرها على أنها تمثل تهديداً للأمن القومي "خاطئ تماماً".
وأشارت الشركات إلى أن حكومة الولايات المتحدة لم تقدم أي دليل يدعم قرارات الإدراج في "القائمة السوداء" المتعلقة بالشركات.
علاقات متدهورة
وبدأت بريطانيا مراجعة جديدة للعلاقات مع الصين من المتوقع أن تنتهي قبل نهاية العام الجاري، على خلفية ضغوط في البرلمان لتبني سياسة أكثر صرامة، فيما تواجه حكومة ريشي سوناك خياراً صعباً بين معالجة المخاوف الأمنية والحفاظ على المصالح الاقتصادية مع الصين.
كما أن ثمة أسباب داخلية وخارجية عدة استدعت هذه المراجعة، وفرضت تغيراً كبيراً في اللهجة الرسمية إزاء العلاقة مع الصين خلال الأشهر الماضية، وبدأ التصعيد ضد بكين مع رئيسة الحكومة السابقة ليز ترَس، ولكن عهدها القصير زمنياً لم يفسح لها المجال لاتخاذ خطوات ملموسة.
ويرى رئيس الوزراء البريطاني الجديد ريشي سوناك الصين "تحدياً ممنهجاً" لبلاده، لكن ذلك لم يمنعه من محاولة لقاء الرئيس شي جين بينج على هامش قمة مجموعة العشرين الأخيرة. ولم يلتق الزعيمان بسبب تضارب مواعيدهما وفقاً لما كشفته بيانات رسمية.
وصنّفت حكومة رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون، الصين "تهديداً صريحاً للنظام الدولي"، وتبنت بكل وضوح موقف الولايات المتحدة في التعامل مع هذا التهديد أمنياً وسياسياً، لكن على الرغم من ذلك حاولت الإبقاء على شعرة معاوية في العلاقة مع بكين خاصة في المجالات الاقتصادية.
وفي خطاب ألقاه في لندن، حذّر مدير الاستخبارات البريطانية جيريمي فليمينج من تزايد الهيمنة التكنولوجية الصينية "التي باتت مشكلة ملحة بدرجة أكبر" بالنسبة إلى لدول الغربية، داعياً إياها إلى التحرك من أجل الدفاع عن قيمها ونفوذها.
وتفاقمت المخاوف الأمنية للمملكة المتحدة بعد عمليات تجسس نفذتها جهات صينية فاعلة، وانخراط شركة هوواي الصينية في تركيب الجيل الخامس للإنترنت بالبلاد، بالإضافة إلى سيطرة شركات صينية على شركات تكنولوجية تتخذ من المملكة المتحدة مقراً، مثل "Newport Wafer Fab"، أكبر شركة لتصنيع الرقائق الإلكترونية في البلاد التي اشترتها شركة "Nexperia" المملوكة لبكين في عام 2021.
اقرأ أيضاً: