تعهَّدت الدول المانحة بتقديم 1.2 مليار دولار خلال مؤتمر في جنيف، الاثنين، بهدف مساعدة الأمم المتحدة في إيصال المساعدات هذا العام إلى ملايين الأشخاص الذين يعانون الجوع في اليمن الغارق في الحرب منذ سنوات، وسط آمال بتحويل "هدنة هشة" إلى سلام مستدام.
والرقم أدنى بكثير من 4.3 مليارات دولار تسعى الأمم المتحدة إلى جمعها من الدول المانحة في المؤتمر المنظم في جنيف، لكن الهيئة الأممية أعربت عن أملها في إمكانية أن يرتفع المبلغ إلى ملياري دولار بحلول نهاية الأسبوع الجاري.
ومؤتمر المانحين لليمن هو السابع الذي ينظّم خلال 7 سنوات، لكن الأمم المتحدة تأمل في تخصيص المؤتمر المقبل لإعادة الإعمار بدلاً من درء خطر المجاعة.
وقال مسؤول العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن جريفيث في ختام المؤتمر "يسعدني أن أقول إن لدينا 31 تعهداً أعلنت اليوم تصل قيمتها إلى حوالي 1.2 مليار دولار".
وتابع "إذا تمكنّا من رفع الرقم إلى ملياري دولار بحلول نهاية الأسبوع، يكون ذلك رائعاً". وبحسب الأمم المتحدة، سيحتاج ثلثا سكان البلاد أي أكثر من 21 مليون نسمة، إلى شكل من أشكال المساعدة خلال العام الجاري.
وتسعى المنظمة من خلال ندائها إلى تقديم المساعدات إلى 17.3 مليون شخص هم الأكثر ضعفاً من بين هؤلاء.
وقالت مديرة المجلس النرويجي للاجئين في اليمن إرين هاتشنسون، إن العالم "تخلى عن اليمن في هذه الظروف الحرجة"، بتقديم تعهّدات تغطي فقط ربع المبلغ المطلوب.
وقالت "هذا الأمر غير ملائم على الإطلاق ويعطي مؤشراً يدل على أن بعض البشر أقل قيمة من الآخرين".
"فرصة حقيقية"
خلال المؤتمر قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش "بعد سنوات من الموت والتهجير والتدمير والمجاعة والمعاناة" شكَّلت الهدنة متنفساً حقيقياً للشعب.
وتابع جوتيريش: "لدينا هذا العام فرصة حقيقية لتغيير مسار اليمن والمضي قدماً نحو السلام".
وقال رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك سعيد، إنَّ وضع حد للأزمة الإنسانية يبدأ بوضع حد للحرب.
وطالبت دول عدة بوضع حد لأنظمة يفرضها الحوثيون تشترط على النساء، لا سيما العاملات في توفير المساعدات الإنسانية، أن يرافقهن محرم، ما يعقّد إيصال المساعدات.
تعهد أميركي
واعتبرت المنظمة الإنسانية "كير" أن تعهّدات عام 2023 تشير إلى أن الوكالات الإنسانية "ستضطر إلى تقليص عدد الأشخاص الذين يتم إيصال المساعدات إليهم".
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن اقتصاد اليمن ومؤسساته أصبحا على شفير الهاوية، متعهداً بأن تقدم واشنطن 444 مليون دولار.
وجاء في بيان له "على الرغم من الظروف الإنسانية القاسية، هناك بارقة أمل إذ تلوح لليمن فرص هي الأفضل منذ سنوات". وتابع "لدى الفرقاء الآن فرصة لوضع حد لهذه الحرب".
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك في تصريحات للصحافيين في جنيف، إن العالم "مستمر في غض الطرف في أغلب الأحيان" عن "الكارثة الإنسانية" التي يواجهها اليمن، متعهّدة بأن تقدم بلادها 120 مليون يورو (127 مليون دولار).
وأعرب جريفيث عن أمله في أن يكون هذا المؤتمر الأخير من نوعه. وقال جريفيث إن "الأزمة اليمنية طال أمدها كثيراً وعاقبت ملايين الأبرياء الذين ما كانوا يريدونها منذ البداية ويستحقون أفضل من ذلك بكثير".
وشدد المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر روبرت مارديني، على أنه "مع كل عام يمر يصبح التعافي من النزاع أصعب".
وقال "حتى إذا تم التوصل إلى تسوية مستدامة، ستبقى الاحتياجات الإنسانية كبيرة لسنوات مقبلة".
ويشهد اليمن نزاعاً دامياً منذ 2014، إذ أودى الصراع بحياة عشرات آلاف من اليمنيين، وتسبب بأزمة إنسانية وصفتها الأمم المتحدة بأنها الأسوأ في العالم مع نزوح ملايين الأشخاص.
وأدى وقف إطلاق النار الذي توسّطت فيه الأمم المتحدة ودخل حيّز التنفيذ في أبريل 2022، إلى خفض العمليات القتالية بشكل كبير. وانتهت مدّة الهدنة في أكتوبر دون أن يتوصل الأطراف إلى اتفاق لتجديدها، لكن وقف إطلاق النار لا يزال صامداً إلى حد بعيد.
وفي عام 2022، حصلت الأمم المتحدة على أكثر من 2.2 مليار دولار ما سمح لها بمساعدة نحو 11 مليون شخص في اليمن شهرياً مع توفير الغذاء والمأوى لهم فضلاً عن التعليم.