تظاهر عشرات الآلاف في العاصمة الجورجية تبليسي، الأربعاء، احتجاجاً على مشروع قانون مثير للجدل طرحته الحكومة ويستهدف وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية، وذلك بعد يوم على احتجاجات مماثلة شهدت اشتباكات بين المتظاهرين والشرطة.
وتجمع المتظاهرون وهم يلوحون بالأعلام الوطنية وأعلام الاتحاد الأوروبي في تبليسي أمام مقر البرلمان الذي أقر بشكل أولي مشروع قانون "العميل الأجنبي" الذي يذكر بتشريع روسي تستخدمه موسكو لإسكات المعارضين.
ودعت واشنطن السلطات في جورجيا، إلى احترام التظاهرات السلمية، مؤكدة "وقوفها إلى جانب شعب جورجيا"، في حين وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه يأمل في أن يحقق المتظاهرون في جورجيا "نجاحاً ديمقراطياً".
وأضاف زيلينسكي في خطابه المسائي اليومي "لا يوجد أوكراني لا يتمنى النجاح لجورجيا الصديقة. نجاح ديمقراطي. نجاح أوروبي".
مخاوف من "الاستبداد"
وتسود مخاوف من أن الجمهورية الصغيرة الواقعة في القوقاز التي تطمح في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي "الناتو"، تجنح نحو الاستبداد، وتنحني أمام الضغوط السياسية التي يمارسها الحزب الحاكم.
وكانت اشتباكات قد وقعت، الثلاثاء، بين المتظاهرين وشرطة مكافحة الشغب، بعد أن وافق نواب الحزب الحاكم على مشروع قانون "العميل الأجنبي" في قراءته الأولى.
وأفادت الشرطة، الأربعاء، بأن أكثر من 60 متظاهراً اعتقلوا، وأصيب 50 ضابطاً.
وأغلق المتظاهرون بعد ظهر الأربعاء الطريق الرئيسي في تبليسي ورددوا هتافات "لا للقانون الروسي".
وحملت إحدى اللافتات شعار "نساء ضد السيطرة الكاملة" في إشارة إلى يوم المرأة العالمي.
وقالت تامونا كيرخفادزه الخبيرة الاقتصادية البالغة من العمر 37 عاماً والتي شاركت في التظاهرة "نريد أوروبا، نريد الغرب"، مضيفة "نريد مستقبلاً مشرقاً لنا ولأطفالنا".
وأكد المحتجون أنهم يريدون من الحكومة إسقاط مشروع قانون "شفافية التمويل الأجنبي"، والذي يقول منتقدوه إنه يعكس القانون المستخدم في روسيا لإجبار مؤسسات المعارضة على الإغلاق.
"لحظة كبيرة"
وفي تعليق على ما يحدث في جورجيا، قال توم ديوال من مؤسسة "كارنيجي أوروبا"، إن "مشروع القانون وحملة القمع يمثلان تحدياً خطيراً في هذه الدولة المضطربة سياسياً".
وكتب ديوال على مواقع التواصل الاجتماعي "إنها لحظة كبيرة بالنسبة لجورجيا، البلاد لا تزال ديمقراطية، لكنها بالتأكيد ديمقراطية تكافح للبقاء".
وفي وقت متأخر، الثلاثاء، استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق المتظاهرين الذين طالت بعض شعاراتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وخاضت روسيا وجورجيا، حرباً، استمرت 5 أيام عام 2008.
وتصنيف "العميل الأحنبي" في روسيا يُذكّر بعبارة "عدو الشعب" العائدة للحقبة السوفيتية، واستخدمته السلطات الروسية بشكل مُكثّف ضد معارضين وصحافيين ونشطاء في مجال حقوق الإنسان اتهموا بممارسة أنشطة سياسية بتمويل أجنبي.
وواجهت السلطات الجورجية انتقادات دولية متزايدة بشأن ما يُعتقد أنه تراجع عن الديمقراطية، ما أضر بشكل خطير بعلاقات تبليسي مع بروكسل.
ودافع رئيس الوزراء الجورجي إيراكلي جاريباشفيلي عن سياساته التي وصفها بـ"المتوازنة" تجاه روسيا، واعتبرها تهدف إلى ضمان "السلام والاستقرار".
لكن الرئيسة الجورجية سالومي زورابيشفيلي أعربت عن دعمها للمتظاهرين وتعهدت برفض التشريع.
وقالت السفارة الأميركية في جورجيا بعد القراءة الأولى لمشروع القانون "اليوم هو يوم مظلم للديمقراطية الجورجية".
وأعلنت وزارة الداخلية الجورجية أن المتظاهرين "ألقوا مقذوفات مختلفة، حجارة وأشياء حادة وسريعة الاشتعال.. وهاجموا جسدياً عناصر شرطة وقاوموهم".
عبوات مولوتوف
وزارة الداخلية الجورجية أضافت في بيانها أنه "في وقت لاحق شن الناس هجوماً منظماً على مبنى البرلمان وألقوا ما يسمى بزجاجات مولوتوف وأسهماً نارية".
وأضافت أن 66 شخصاً أوقفوا على خلفية أعمال شغب بسيطة وعصيان تعليمات عناصر تطبيق الأمن.
وأصيب 50 شرطياً في الصدامات، بحسب الوزارة، لا يزال الكثير منهم في المستشفيات.
وقدمت جورجيا طلباً للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي مع أوكرانيا ومولدوفا بعد أيام على الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير العام الماضي.
وفي يونيو منح قادة الاتحاد رسمياً وضع مرشح لكل من كييف وكيشيناو، لكنهم قالوا إنه "على تبليسي تطبيق عدد من الإصلاحات أولاً".
ومساعي الانضمام لحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، مكرسة في الدستور الجورجي، ويؤيدها 80% من الشعب على الأقل، وفق استطلاعات الرأي.
وأثارت طريقة معاملة جورجيا للرئيس السابق المسجون ميخائيل ساكاشفيلي إدانات دولية.
والشهر الماضي وجهت دول الاتحاد الأوروبي تحذيراً دبلوماسياً لقادة جورجيا على خلفية تدهور الحالة الصحية لساكاشفيلي.
وفي السنوات القليلة الماضية واجهت السلطات الجورجية انتقادات متزايدة بشأن ما يعتقد أنه تراجع عن الديمقراطية، ما أساء بشكل كبير للعلاقات بين تبليسي وبروكسل.
اقرأ أيضاً: