أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، الثلاثاء، عن "تضامنه العميق" مع الشعب الصومالي، مشيراً إلى أن الصومال واجه خلال السنوات الماضية تحديات عدّة منها أزمتي الجفاف والجوع.
وقال جوتيريش لـ"الشرق" على هامش زيارته للصومال: "أتيت إلى هنا لأعرب عن تضامني العميق مع الشعب الصومالي الذي عانى كثيراً"، لافتاً إلى أن الصومال "عانى خلال السنوات الخمس من الجفاف بسبب التغيّرات المناخية إضافة إلى الجوع الذي عانى منه الملايين".
وذكر أن الشعب الصومالي "عانى كذلك من إرهاب (حركة) الشباب إضافة إلى نقص انتباه المجتمع الدولي"، داعياً إلى "تقديم دعم أكبر للصومال من أجل ضمان أمن الشعب ومواجهة الإرهاب، ودعم تهيئة الظروف من أجل تقوية الشعب الصومالي وإيجاد مسار للتطوير".
وشدد جوتيريش على أهمية "تقديم المجتمع الدولي دعمه بسخاء"، معتبراً أن "الإرهاب والجفاف وبشكل كبير بسبب التغيرات المناخية، عصف بالشعب الصومالي وهو ما يتطلب دعماً كبيراً من المجتمع الدولي".
وفي وقت سابق الثلاثاء، قال جوتيريش لدى زيارته مدينة بيدوا جنوب غرب الصومال، إن "ما يواجهه الصومال من إرهاب وجفاف ناجم بجزء كبير منه عن التغيّر المناخي، يخلق ظروفا مثالية (لأزمة) ويتطلّب دعماً كبيراً من المجتمع الدولي".
وتفقّد جوتيريش مخيّماً للنازحين يؤوي ضحايا الجفاف في منطقة تعد من الأكثر تضرراً من المجاعة، ومعقلاً لحركة "الشباب" المتشددة.
وتأتي زيارة جوتيريش في وقت تعاني فيه البلاد من جفاف كارثي أوصل الكثيرين إلى شفير المجاعة، وكان سبق أن زار الصومال في مارس 2017.
تحديات في وجه الصومال
بدوره، قال الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود لـ"الشرق" إن "حركة الشباب منظمة إرهابية عالمية وتهدد المنطقة والعالم وليس الصومال فقط".
وأضاف شيخ محمود أن "الصومال يواجه تحديات عدة، وهناك أولويات، أبرزها تحرير المناطق التي تسيطر عليها حركة الشباب، إلى جانب الملف الإنساني وتجنب المجاعة.."، مشيراً إلى أن بلاده "تعمل على إصلاح نظامها المالي لتخفيف حدة الديون". وأكد أن "مقديشو تتحرك وتحقق تقدماً في مختلف المحاور".
وتابع الرئيس الصومالي: "لدينا شراكة وعلاقات جيدة مع العالم العربي وخاصة دول الخليج، السعودية، والإمارات، والكويت، وقطر، إلى جانب الأمم المتحدة التي تعد شريكاً أساسياً لمقديشو على مدار 30 عاماً.. الجميع يدعم الصومال".
"زيارة تضامنية"
ولدى وصول جوتيريش صباح الثلاثاء، إلى مقديشو في "زيارة تضامنية"، أوضح أنّ زيارته ترمي إلى "دق ناقوس الخطر" بشأن الأوضاع في البلاد، وحض المجتمع الدولي على التحرّك.
ورحّب الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، بزيارة جوتيريش "التي تؤكد أن الأمم المتحدة ملتزمة بالكامل بدعم خطط الصومال لبناء الدولة وتحقيق الاستقرار في البلاد".
وأدّى الجفاف خلال 5 مواسم مطر على التوالي في بعض أنحاء الصومال، كما في كينيا، وإثيوبيا، إلى أسوأ جفاف في المنطقة منذ 4 عقود، أتى على الماشية والمزروعات، وأرغم ما لا يقل عن 1.7 مليون شخص على مغادرة ديارهم بحثاً عن الطعام والماء.
وبحسب الأمم المتحدة سيعتمد نحو نصف سكان الصومال هذا العام على المساعدات الإنسانية، وسيبلغ عدد المتضرّرين من الجفاف 8,3 ملايين نسمة.
وسبق أن شهد الصومال مجاعة عام 2011 أودت بحياة 260 ألف شخص، أكثر من نصفهم أطفال دون السادسة من العمر.
"أكبر الضحايا"
وحذّرت دراسة نشرتها وزارة الصحة الصومالية، ومنظمة الصحة العالمية، ووكالة "يونيسف" الأممية في مارس الماضي، بأن عواقب الجفاف في الصومال قد تتسبب بفقدان ما بين 18 ألف و100 شخص إلى 34 ألفاً و200 شخص خلال الأشهر الستة الأولى من السنة.
وأطلقت الأمم المتحدة نداء لجمع 2.6 مليار دولار لتقديم مساعدة إنسانية لسكان الصومال، لكن الهيئة الأممية لم تجمع حتى الآن سوى 15% فقط"، من الأموال الضرورية.
وقال جوتيريش إن "اهتمام المجتمع الدولي مشتت عن المأساة التي يعيشها الشعب الصومالي"، مضيفاً أن "الصوماليين لا يسهمون عملياً في التغيّر المناخي لكنّهم من أكبر ضحاياه".
وناقش جوتيريش والرئيس الصومالي أيضاً "الجهود القيمة للحكومة الهادفة إلى مكافحة الإرهاب وتعزيز السلام والأمن للجميع".
وفي عام 2017، احتاج أكثر من 6 ملايين شخص في البلاد، أكثر من نصفهم من الأطفال، إلى مساعدة بسبب الجفاف الذي طال أمده في شرق إفريقيا، لكنّ العمل الإنساني المبكر أدّى إلى تجنّب المجاعة في ذلك العام.
عمليات عسكرية
وأعلن الرئيس الصومالي الذي عاد إلى السلطة في مايو 2022، "حرباً شاملة" على حركة "الشباب" التابعة لتنظيم "القاعدة"، والتي تقود تمرداً منذ 2007، وأرسل قوات في سبتمبر لدعم انتفاضة تخوضها ميليشيات من العشائر المحلية في وسط البلاد ضد عناصر الحركة المتشددة.
واستعاد الجيش الصومالي ومليشيات العشائر في الأشهر الماضية، مناطق عدة من "الشباب" في العملية التي نفّذت بإسناد جوي من القوات الأميركية، وبمؤازرة قوة الاتحاد الإفريقي في الصومال.
وأعلنت الحكومة في نهاية مارس سقوط أكثر من 3000 من مسلحي حركة "الشباب" منذ بدء الهجوم، كما أفادت وزارة الإعلام بـ"تحرير" 70 مدينة وقرية من الحركة.
ويرد الشباب في غالب الأحيان بشن اعتداءات دامية، تظهر قدرتهم على توجيه ضربات داخل المدن وعلى منشآت عسكرية صومالية وأهداف مدنية وسياسية وعسكرية، بالرغم من تقدم القوات الحكومية.
وأفاد جوتيريش في تقرير إلى مجلس الأمن الدولي في فبراير بأن عام 2022 سجل أكبر حصيلة من الضحايا المدنيين منذ 2017، ولا سيما نتيجة تزايد هجمات حركة الشباب.
اقرأ أيضاً: