قبل أسبوع واحد من اقتراعين محليين رئيسيين، تراجع الدعم لحزب المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، لأدنى مستوياته منذ عام بسبب تزايد الغضب إزاء إدارة حكومتها لأزمة كورونا، التي حظيت في وقت سابق بالإشادة، فيما تسببت ما يعرف بـ"فضيحة الكمامات" في تراجع شعبية المستشارة الألمانية وحزبها.
وتجري السلطات الألمانية، تحقيقات في تلقي مسؤولين بالحزب الحاكم رشاوى في مقابل ترجيح شراء كمامات من أحد الموردين.
وسجّلت شعبية حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي بزعامة المستشارة، وحليفه الاتحاد الاشتراكي المسيحي في بافاريا، تراجعاً إلى 32% خلال أسبوع، حسب استطلاع أجراه معهد "كانتار" لصالح صحيفة "بيلد" الألمانية، حسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية "فرانس برس".
وأشار التقرير إلى أنه بينما تحدّثت "بيلد" عن "أسباب كثيرة للانخفاض، وكلها مرتبطة بالجائحة"، فإن نتائج الاستطلاع تمثل تراجعاً بنقطتين يدفع بشعبية أكبر حزب في ألمانيا إلى أدنى مستوياتها منذ مارس 2020.
أنباء سيئة للمحافظين
يُشكّل التراجع أنباءً سيئة للمحافظين قبل الانتخابات البرلمانية الإقليمية المقررة في 14 مارس في ولايتي راينلاند بالاتينات، وبادن فورتمبيرغ.
ويحظى الاقتراعان بمتابعة قوية ستشكل اختباراً للمزاج العام في ألمانيا، لا سيما مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في 26 سبتمبر، التي ستكون أول انتخابات في البلاد منذ أكثر من 15 عاماً لا تضم المستشارة التي قررت التقاعد.
وفي ولاية راينلاند بالاتينات، تراجع تحالف حزب ميركل خلف الحزب الديمقراطي الاجتماعي (يسار وسط)، فيما يتصدر حزب "الخُضر" استطلاعات الرأي في بادن فورتمبيرغ.
وكانت شعبية المحافظين الألمان بلغت نحو 40% من نوايا التصويت في أعلى مستوياتها أثناء الموجة الأولى من تفشي وباء كوفيد-19 في ربيع 2020، في وقت كانت ألمانيا تُعتبر نموذجاً يُحتذى به في أوروبا في المعركة ضد الوباء.
موجة الوباء الثانية
لكنّ أحد أكبر الاقتصادات في أوروبا تضرر بشدة من موجة قوية للوباء في نهاية 2020، وتتعرض حكومة ميركل حالياً لانتقادات لاذعة.
ورغم أشهر من تدابير الإغلاق المؤلمة اقتصادياً واجتماعياً، لم تعد أعداد الإصابات تتراجع خلال الأيام الأخيرة.
كما تسبب بطء حملة التلقيح والروتين والفشل في توزيع فحوص الكشف عن كوفيد-19 في تقليص ثقة السكان في الحكومة.
"فضيحة" الكمامات تهز حزب ميركل
وما زاد من مصاعب ميركل، "فضيحة" مرتبطة بشراء الكمامات خلال الأيام الأولى للأزمة. ففي الشهر الماضي، فتحت السلطات تحقيقاً إثر اتهامات بتلقي نواب في ائتلاف ميركل رشاوى للترويج لأحد موردي الكمامات.
والاثنين، تقدم مشرعان من ائتلاف ميركل، باستقالتيهما، بعد تورطهما في فضيحة التربح من الوباء، في أحدث ضربة لحزب ميركل، وفقاً لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.
وقال النائب في حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي الحاكم، نيكولاس لوبل، إنه سيستقيل على الفور بعد حديث الإعلام الألماني عن حصول شركته على عمولات بقيمة 297 ألف دولار للوساطة في عقود شراء كمامات.
وقالت "واشنطن بوست" إن لوبل أعلن أنه لن يرشح نفسه مرة أخرى في انتخابات سبتمبر المقبل، معترفاً بارتكاب "خطأ" في الطريقة التي تعامل بها مع العمولة، بينما قال النائب في حزب الاتحاد الاشتراكي المسيحي جورج نوسيلين، إنه لن يرشح نفسه مرة أخرى في انتخابات سبتمبر المقبل، وذلك بعد التحقيق معه بشأن مزاعم تلقيه 712 ألف دولار من مورد كمامات مقابل الضغط لإبرام عقود.
واستقال نوسيلين من الحزب، الاثنين، لكنه لم يترك مقعده في البرلمان على الرغم من مطالبته بذلك من قبل العديد من الأشخاص، من بينهم زعيم الحزب.
وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن الفضيحة جاءت في وقت حرج لحزب ميركل، الذي يحكم ألمانيا منذ 15 عاماً، لأنها جاءت في بداية "عام انتخابي كبير" في ألمانيا.
"إرث" ميركل
وتمثل هذه التطورات انتكاسة كبيرة لحظوظ المحافظين، وقال مراقبون إن الأخطاء المرتبطة بإدارة الوباء يمكن أن تلقي بظلالها على إرث ميركل.
وخلال الأيام الأولى للأزمة، التزم الألمان دون تذمر بالقيود الصارمة التي فرضتها ميركل، العالمة السابقة، التي تزامنت مع إجراء فحوص على نطاق واسع ووجود رعاية صحية عالية المستوى، ساعدت السلطات على السيطرة على انتشار الوباء في البلاد.
على الإثر، ارتفعت شعبية ميركل لمستويات قياسية، وأعرب أكثر من 70% من الألمان عن موافقتهم على إدارة حكومتها للأزمة.
لكنّ هذا الرقم المرتفع تراجع الآن إلى 35% فقط، حسبما ذكر استطلاع أجراه "يوغوف"، مع مواجهة البلاد نسخاً متحورة من الفيروس وأكثر عدوى، والإرهاق الناجم عن الإغلاق ومجموعة قواعد مربكة في جميع الولايات الفدرالية الألمانية الـ16.
"يكفي يا سيد سبان!"
ولم يعد سجل ألمانيا في مواجهة الوباء موضع حسد في أوروبا، وألقى كثيرون باللائمة على وزير الصحة، ينس سبان، الذي كان ينظر إليه يوماً على أنه خليفة محتمل لميركل.
وكتبت صحيفة "دير شبيغل" الأسبوع الماضي، "هذا يكفي يا سيد سبان!"، داعية إياه إلى تقديم استقالته.
وأضافت: "لا كمامات كافية ولا لقاحات كافية والفحوص السريعة تتأخر. أصبحت سياسة إدارة الأزمة مهزلة"، فيما تساءلت "هل هذه ألمانيا حقاً؟".
وأظهرت بيانات معهد "روبرت كوخ" للأمراض المعدية، الثلاثاء، ارتفاع عدد حالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا في ألمانيا إلى مليونين و509 آلاف و445 حالة بعد تسجيل 4 آلاف و252 إصابة.
وأظهرت البيانات ارتفاع عدد الوفيات المبلغ عنه إلى 72 ألفاً و189 بعد تسجيل 255 وفاة جديدة، حسب رويترز.