"ترمب أم ديسانتيس".. أيهما في مصلحة بايدن بالسباق الرئاسي؟

المرشح الديمقراطي للرئاسة جو بايدن (آنذاك) يجيب على سؤال بينما يستمع الرئيس (السابق) دونالد ترمب خلال مناظرة رئاسية قبيل انتخابات الرئاسة الأميركية 2020، بمركز كورب إيفينت في ناشفيل، تينيسي. 22 أكتوبر 2020 - REUTERS
المرشح الديمقراطي للرئاسة جو بايدن (آنذاك) يجيب على سؤال بينما يستمع الرئيس (السابق) دونالد ترمب خلال مناظرة رئاسية قبيل انتخابات الرئاسة الأميركية 2020، بمركز كورب إيفينت في ناشفيل، تينيسي. 22 أكتوبر 2020 - REUTERS
واشنطن- رشا جدة

في الوقت الذي يرى الحزب الديمقراطي أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، يمثل تهديداً للديمقراطية ولا ينبغي أن يعود للبيت الأبيض، يعتقد خبراء سياسيون أنه أفضل خصم محتمل للرئيس جو بايدن، في ظل توقعات بدخول حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس السباق الانتخابي والذي ربما يمثل تحدياً أكبر ويهدد فرص الرئيس بالفوز.

وشهدت شعبية بايدن الذي أعلن، الثلاثاء، سعيه رسمياً إلى ولاية جديدة في الانتخابات المقررة العام المقبل، تقلبات هائلة في معدلات القبول بين الناخبين الأميركيين خلال الفترة الماضية.

وحقق بايدن مؤخراً قفزة هائلة في احتمالات فوزه بانتخابات 2024، إذ أشارت بيانات شركة "Smarkets" لتبادل المراهنات ارتفاع فرص فوز بايدن بالانتخابات المقبلة بنسبة 29.41%، مقارنة ببداية العام والتي بلغت 24.39٪. 

الرئيس الأميركي جو بايدن ويقف خلفه ديستانس - REUTERS
الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث عن الدمار الناجم عن إعصار إيان أثناء قيامه بجولة في المناطق المتضررة من الإعصار بجواره حاكم فلوريدا رون ديسانتيس، فورت مايرز بيتش، فلوريدا. 5 أكتوبر 2022 - REUTERS

 "فرصة حقيقية للفوز"

ويعتقد أستاذ العلوم السياسية في جامعة "ويبستر" ويليام هال، أن بايدن لديه فرصة حقيقية للفوز وذلك لسببين: "الأول، القوة التي يمنحها المنصب تاريخياً ولا يمكن إنكارها، بأن إعادة الانتخاب لشغل نفس المنصب السياسي أمر معتاد أو محتمل بقوة، ما لم تقع كوارث كبيرة غير متوقعة تعيق ذلك".

أما السبب الثاني، حسب حديث هال لـ"الشرق" هو أن "بايدن قد تعامل بشكل جيد إلى حد ما، في إدارة وتنفيذ مسؤولياته كرئيس للولايات المتحدة، في ظل ظروف يعتبرها الكثيرون بالغة التعقيد على المستويين السياسي والاقتصادي".

كما اعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة "نيوهامبشير"، أندرو إي سميث، أن "بايدن يتمتع بفرصة قوية للفوز بولاية ثانية"، لكن نجاحه "يعتمد على حالة الاقتصاد، والتدخلات العسكرية في الخارج، ومن هو خصمه الانتخابي".

وقال سميث لـ"الشرق" إنه "عادة ما يفوز الرؤساء بإعادة انتخابهم إذا كان الاقتصاد على ما يرام، ولا يُتوقع أن يعمل الاقتصاد الأميركي بشكل جيد خلال العام المقبل".

ورأى أن "الطريقة التي تتعامل بها إدارة بايدن مع تلك الأمور ستكون بالغة الأهمية لإعادة انتخابه أيضاً"، لافتاً إلى أن "مرشح الحزب الجمهوري سيؤثر بشكل فعال على فرص بايدن في النجاح".

"جمهوريو ترمب"

وحسّنت لائحة اتهام ترمب، التي وجهة من قبل هيئة المحلفين في نيويورك في 30 مارس الماضي وتتكون من 34 تهمة جنائية، من فرصه لدرجة أن هامشه مع حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس توسع في استطلاعات الرأي الأخيرة بنسبة 24 نقطة. 

ووفقاً لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، فإن قرابة ثلث الجمهوريين يعتبرون حالياً "جمهوريو دونالد ترمب"، وهي ميزة يشير إليها أستاذ التاريخ ومدير معهد الدراسات النووية في الجامعة الأميركية في واشنطن بيتر كوزنيك الذي قال إن "أنصار ترمب مخلصون وداعمون له على طول الخط".

وذكر كوزنيك في تصريحات لـ"الشرق" أن "احتمالات إعادة انتخاب بايدن ممتازة إذا ما واجه ترمب"، مشيراً إلى أن ذلك "ليس لأن بايدن يتمتع بشعبية أو حتى مؤهل بشكل خاص لإعادة انتخابه لكن لأن ترمب يشكل مصدر إحراج".

واعتبر أن ترمب "مصدر إحراج للجنس البشري"، وقال: إن "معظم العالم يدرك ذلك، لكن معظم الجمهوريين ما زالوا يدعمونه"، مرجحاً أن "يحصل ترمب على ترشيح الحزب الجمهوري".

وتوقع كوزنيك أن "يفوز بايدن بسهولة حال كان في مواجهة ترمب"، الذي قال عنه إنه "يتمتع بنقاط ضعف كثيرة لن تؤهله للفوز بالسباق الرئاسي حتى ولو حصل على ترشيح الحزب".  

وتابع: "ترمب وجهت إليه لوائح اتهام كثيرة، وتمت محاولة عزله مرتين وهزم بأكثر من 7 ملايين صوت في عام 2020"، مشيراً إلى أن "معظم الأميركيين يرونه على حقيقته ولا يريدونه، وقد يُتهم ترمب بكل شيء من الاغتصاب إلى الخيانة والاحتيال المالي وسرقة المستندات السرية".  

ويعلق الجمهوريون آمالهم على حقيقة أن أخطاء بايدن اللفظية والتقدم في السن ستؤذيه، بحسب كوزنيك الذي رأى أن "التضخم سيؤدي أيضاً إلى تقويض إنجازاته الاقتصادية، وستلوثه كذلك فضيحة ابنه هانتر بايدن".

ولا يخفي أستاذ التاريخ بالجامعة الأميركية تأثره الشخصي بمستوى الصراع السياسي في الانتخابات الرئاسية، لافتاً إلى أن "المنافسة بين بايدن وترمب أو بايدن وديسانتس تُظهر كيف تدهورت الحياة السياسية الأميركية بشكل جذري منذ أيام الرئيسين جون كينيدي أو فرانكلين دي روزفلت".

من جانبه، رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة "نيوهامبشير" أندرو إي سميث، أن "أداء بايدن سيكون أفضل ضد ترمب مقارنة بأي منافس جمهوري آخر"، مضيفاً أن "الاقتراع في العام الماضي أظهر ذلك عندما جعل الديمقراطيون انتخابات التجديد النصفي لعام 2022 استفتاءً على ترمب، مما أظهر الأداء أفضل بكثير من المتوقع حينها".

ويتفق هال مع سابقيه، إذ اعتقد أن "فرص بايدن ستكون أفضل بكثير هذه المرة لسببين: الأول، أن الحزب الجمهوري يبدو بشكل متزايد في حالة فوضى شبه كاملة، ومن غير المرجح أن يكون قادراً على تخفيف الخلافات الشديدة في الوقت المناسب".

وأردف: "السبب الثاني الذي يجعل احتمالات فوز بايدن على ترمب أكبر، هو مواجهة الرئيس السابق حالياً 34 لائحة اتهام جنائية، إلى جانب العديد من التحديات القانونية الإضافية، على المستويين المحلي والفيدرالي".

"ديسانتيس تحدي بايدن الأكبر" 

وأظهر استطلاع رأي أجرته جامعة "كوينيبياك"، نهاية مارس الماضي، أن بايدن سيهزم ترمب بنسبة 48٪ إلى 46٪ إذا أجريت الانتخابات الرئاسية لعام 2024 اليوم، لكن بايدن سيخسر أمام ديسانتيس بنفس الهامش.

ويفضل الكثير من الناخبين المستقلين حاكم ولاية فلوريدا، الأمر الذي يجعل أندرو إي سميث يرى أن "ديسانتيس سيكون تحدياً أكبر لبايدن لأنه ليس لديه مشكلات ترمب المتزايدة، ويمكنه أن يشير إلى النجاحات التي تحققت في فلوريدا، وهي ولاية أكبر من معظم الدول الأوروبية". 

أما أكبر نقاط ضعف ديسانتيس كما يراها سميث هي أن "ترمب يهاجمه بالفعل وأن العديد من ناخبي ترمب لن يصوتوا له"، متوقعاً أن يواجه ديسانتيس في حال حصوله على ترشيح الحزب "تحدياً حقيقياً في إعادة توحيد الجمهوريين قبل انتخابات نوفمبر 2024". 

لكن أستاذ العلوم السياسية هال يخالف وجهة نظر سميث، إذ اعتقد أن ديسانتيس "لن يشكل تحدياً أكبر في التنافس على الرئاسة مما سيكون عليه الرئيس السابق دونالد ترمب".

وقال: "على الرغم من كثرة القضايا القانونية المتزايدة على ما يبدو والتحديات والعقبات السياسية التي يواجهها الرئيس السابق، فإنه أوفر حظاً من ديسانتيس" الذي يملك "نقاط ضعف منها أنه لا يزال مرشحاً غير معروف إلى حد كبير خارج فلوريدا وبعض الولايات المجاورة لها، كما لا يزال أيضاً مرشحاً غير مجرّب لمنصب سياسي وطني".

أما نقاط قوة ديسانتيس الأساسية كما يراها هال فهي "تزايد شعبيته على المستوى الوطني، وكذلك قدرته على جمع الأموال والأهم من ذلك، رغبته وقدرته على مواجهة داعمي ترمب وما يفعلوه من مشاكل وانقسامات".

من جانبه، رجّح كوزنيك أن يطرح "الديمقراطيون أجندة بايدن المحلية الإيجابية منها مشروع قانون البنية التحتية، ومعارضتهم للاعتداء على حق المرأة في الاستقلال الجسدي، بما في ذلك الإجهاض".

وعن أجندة الجمهوريين، قال كوزنيك إنه "ليس لديهم برنامج إيجابي، وسوف يركضون بالبنادق، ويلغون الحقوق الشخصية، باستثناء التعديل الثاني الخاص بملكية السلاح، وفي مثل هذه المنافسة سيفوز الديمقراطيون بسهولة، ولكن إذا كان المرشحون غير بايدن وترمب وديسانتيس فقد تتغير الأمور". 

واعتقد كوزنيك أن "قوة ديسانتيس، التي تجعله خصم أقوى من ترمب نوعاً ما، تكمن في قدرته على تقديم نفسه على أنه "ترمبي في الرؤية دون أن يحمل مشاكل ترمب الضخمة وغير المسبوقة تاريخياً، ولكنه أكثر خطورة من ترمب لأنه يؤمن فعلاً بما يقوله ويفعله".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات