"قمة الحكومات" تناقش مستقبل ما بعد كورونا

محمد القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء الإماراتي، رئيس مؤسسة القمة العالمية للحكومات. 9 مارس 2021 - WAM
محمد القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء الإماراتي، رئيس مؤسسة القمة العالمية للحكومات. 9 مارس 2021 - WAM
دبي-الشرق

انطلقت الثلاثاء، القمة العالمية للحكومات، التي تستضيفها دبي سنوياً، بمشاركة قادة ومسؤولين ونخبة من الخبراء والمتخصصين ورواد الأعمال من مختلف أنحاء العالم، وتشهد القمة التي تُعقد افتراضياً على مدى يومين، جلسات حوارية لمناقشة التحديات والرؤى المستقبلية لعالم ما بعد كورونا.

وقال محمد القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء الإماراتي، رئيس مؤسسة القمة العالمية للحكومات، إن حكومات المستقبل الناجحة هي الأقدر على الاستفادة من دروس وتحديات جائحة كورونا، لافتاً إلى سرعة استجابة العالم لمواجهة الوباء، والتي تُوجت بتطوير عدة لقاحات للفيروس في 8 أشهر فقط، بفضل التعاون بين العلماء ودعم الحكومات والقطاع الخاص والأوساط العلمية.

وأضاف: "يجب علينا مواصلة هذا النهج الإنساني الإيجابي، لضمان التوزيع العادل والمنصف للقاحات في جميع الدول، ويجب أن نتذكر دائماً أن العالم سيتعافى عندما يصبح الناس آمنين في كل مكان".

وتابع: "تُشير تقديرات البنك الدولي إلى وجود 150 مليون شخص يعانون الفقر المدقع، فيما يعيش نحو 3.3 مليار شخص، يشكلون أكثر من 40% من سكان العالم، تحت خط الفقر، ولهذا فإن توجيه اقتصاداتنا إلى مسارها الصحيح، وإعادة الناس إلى وظائف منتجة، أولوية قصوى لجميع حكومات العالم".

وأشار الوزير الإماراتي إلى أن عام 2021 سيُشكل مرحلة مهمة في تاريخ العالم، وذلك "إذا تعاونت الحكومات في ما بينها لمعالجة القضايا الملحّة واستشراف حلول مبتكرة لها".

المستقبل بعيون إفريقية

وفي جلسة بعنوان "المستقبل من منظور إفريقي: 2021 وما بعده"، قال توني إيلوميلو رئيس مجلس إدارة شركة "إيرز هولدينغز" والبنك المتحد لإفريقيا، إن جائحة كورونا برغم تحدياتها الصعبة، تُمثل فرصة لإعادة التفكير وترتيب الأولويات لوضع القارة السمراء، لافتاً إلى أن إفريقيا تُشكل منصة عالمية واعدة للصناعة والتجارة، ومصدراً مهماً للموارد البشرية.

وأشار إيلوميلو إلى أن الناس لا يريدون الاعتماد على المساعدات الحكومية، "فهم يعملون بجد ويمتلكون حس المغامرة، ويريدون إعالة أنفسهم وعائلاتهم والتعايش مع تحديات الجائحة عبر تغيير أنماط الحياة وطريقة العمل".

واعتبر أن التركيز في إفريقيا يجب أن "ينصب على الاستثمار في تحسين الوصول إلى الكهرباء، "فمن دونها لا يمكن رقمنة الاقتصاد".

واختتم إيلوميلو الجلسة بالقول: "نرى هجرة الناس والتطرف، بسبب الفقر وانعدام الأمل، ولأنهم لا يرون مستقبلاً أفضل، وبدلاً من أن يكون هناك قلة قليلة من أصحاب المليارات، أفضّل أن أرى شريحة أكبر من الناس الذين يستمتعون بالازدهار والسعادة والذين تُلبى احتياجاتهم".

2021.. نقطة تحول

ريتشارد إيدلمان، الرئيس التنفيذي لشركة "إيدلمان"، رأى أن عام 2021 سيكون نقطة تحول فارقة في بدء حقبة جديدة من التعاون والتعامل الشفاف بين الحكومات ومختلف فئات وأفراد المجتمعات، وسيمثل فرصة لتعزيز الشراكات مع وسائل الإعلام والقطاع الخاص لمواجهة تحديات التنمية العالمية والقضايا الأكثر إلحاحاً.

وأضاف إيدلمان، خلال جلسة افتراضية بعنوان "ترسيخ الثقة والمصداقية في الجيل القادم من القادة"، أن القضية الأكثر إلحاحاً اليوم هي الكفاءة والاستدامة وبناء القدرات والمهارات، والقضاء على أشكال التمييز، وتحقيق تعهدات جديدة تضمن العدالة في توفير الفرص لمختلف شعوب العالم.

وأشار إلى أن جائحة كورونا أثبتت أنه لا يمكن للحكومات أن تعمل منفردة، لا سيما في ظل الأزمات والطوارئ، لافتاً إلى أهمية مشاركة أفراد المجتمع في مواجهة التحديات العالمية، وتعزيز مشاركة الإعلام من خلال نشر أخبار ورسائل موثوقة ذات مصداقية.

آسيا والمستقبل

وأكد ناندان نيليكاني، الشريك المؤسس في "إنفوسيس"، أن دول قارة آسيا ستكون سباقة عالمياً في سرعة تعافي اقتصاداتها من تبعات جائحة كورونا، وذلك "بفضل القفزات النوعية التي شهدتها بنيتها التحتية الرقمية"، وفق قوله.

وأوضح نيليكاني خلال جلسة "المستقبل من منظور آسيوي: 2021 وما بعده"، أن بوادر التعافي الاقتصادي في آسيا، ستأتي من المستهلكين، وأضاف: "أرى ارتفاعاً في معدلات الاستهلاك في المنطقة، وهذا أمر جيد ويساعد على خلق الفرص الاقتصادية وتعزيز ثقة المستهلك".

وتابع: "سجلت العديد من القطاعات الاقتصادية في القارة الآسيوية تراجعاً واضحاً خلال الجائحة، بما في ذلك السفر والسياحة، ولكننا سنرى تحسناً متزايداً خلال الأشهر المقبلة، وإذا تمكنا من توزيع اللقاحات في كل أرجاء القارة بأسرع وقت ممكن، فسنتمكن من تحقيق مناعة مجتمعية تسبق حصول أي تحوّرات جديدة في الفيروس، ما سيمكن الجميع من العودة إلى الحياة الطبيعة، وإعادة إطلاق عجلة السفر والسياحة".

التمويل اللامركزي

وفي جلسة أخرى بعنوان "التمويل اللامركزي من أجل بناء اقتصاد متكامل"، تحدثت يوتا شتاينر، الرئيسة التنفيذية لشركة "باريتي تكنولوجيز"، عن تطور "التمويل اللامركزي"، بالاعتماد على نماذج العملات المشفّرة، وتقنيات الـ"بلوك تشين" التي تتيح للمتعاملين والمستثمرين التواصل المباشر في تحويل الأموال والأصول، ضمن نظام مالي مفتوح عبر شبكة الإنترنت يعمل من دون وجود وسيط.

وأشارت شتاينر إلى أن هذا النظام المالي يعزز المصداقية والشفافية بين المستخدمين، حيث وصلت قيمة أصول الشركات العاملة في مجال العملة الرقمية إلى 40 مليار دولار، وأضافت "يشهد العالم تبنياً سريعاً للنظم المالية اللامركزية".

وتركز حوارات القمة العالمية للحكومات التي تعقد هذا العام عن بعد، على مناقشة أبرز التوجهات المستقبلية في ظل المتغيرات العالمية المتسارعة، وسبل تعزيز دور الحكومات في تطوير حلول مبتكرة وفعالة للتحديات، خاصة في ظل تداعيات جائحة كورونا.