أثار التقدم في عمر الرئيس الأميركي جو بايدن ومنافسه المحتمل دونالد ترمب مخاوف لدى الناخبين الأميركيين بشأن أثر ذلك حال فوز أى منهما بولاية ثانية في انتخابات الرئاسة الأميركية المقررة في عام 2024، بحسب صحيفة "فاينانشيال تايمز".
وفي حال فوز بايدن بالانتخابات، سيكون عمره 82 عاماً عند بداية ولايته الثانية و86 في نهايتها، بينما دونالد ترمب الذي يصغره بنحو 4 سنوات سيكون عمره حال فوزه 78 عاماً عند بداية ولايته، ما يجعلمهما معاً أكبر المرشحين في تاريخ الانتخابات الرئاسية الأميركية.
ويطرح السباق بين الرجلين العديد من الاعتبارات الخاصة بالنسبة للناخبين الأميركيين، بدءاً مما إذا كانت لديهما القدرة على إتمام ولاية كاملة لمدة 4 سنوات في منصب القائد الأعلى للبلاد، وما إذ كانت ستتلاشى قدراتهم العقلية وما قد يحدث حينها، بحسب الصحيفة.
تصويت على نائب الرئيس
وترى "فاينانشيال تايمز" أن أكبر مشكلة تكمن في "احتمالية وفاتهما أثناء توليهما المنصب الرئاسي"، وهو ما جعل البعض يتوقع أن يتحول السباق الرئاسي إلى تصويت على نائبيهما.
وإذا توفي بايدن وهو في منصب الرئاسة، فإن نائبته كامالا هاريس ستكون أول خيار في قائمة المرشحين لخلافته، في حين لم يختر ترمب بعد شريكه في السباق الرئاسي ليكون مرشحاً لمنصب نائب الرئيس.
وخاطبت نيكي هيلي، وهي مرشحة جمهورية لمنصب الرئيس، الناخبين في مقابلة مع "فوكس نيوز"، قائلةً: "يمكننا كلنا أن نكون واضحين بشأن حقيقة مفادها أنه إذا منحتم أصواتكم لبايدن، فأنتم في الواقع تنتخبون هاريس رئيسةً، لأن فكرة أن بايدن سيكمل 86 عاماً ليست شيئاً مرجحاً".
سيناريو ريجان
وهذه ليست المرة الأولى التي يثار فيها جدل بشأن عمر المرشحين للانتخابات الرئاسية، إذ تعود آخر انتخابات شهدت جدلاً مماثلاً إلى عام 1984، حين أعلن رونالد ريجان، الذي كان آنذاك 73 عاماً، ترشحه لولاية ثانية وتمكن من تحويل قضية كبر عمره لصالحه خلال مناظرة رئاسية.
وحين سُئل خلال مناظرة عن كبر عمره، رفض ريجان حينها بشكل ساخر الحديث عن الموضوع قائلاً: "لا أريد أن أستغل كون منافسي أقل سناً وأقل خبرة مني لأغراض سياسية".
وتمكن ريجان من هزيمة المرشح الديمقراطي والتر مونديل بأغلبية ساحقة، وأصبح أكبر رئيس في تاريخ الولايات المتحدة سناً، حتى عام 2020، حين فاز بايدن بالرئاسة في الثامنة والسبعين من عمره ليصبح الأكبر سناً على الإطلاق بين من فازوا في انتخابات الرئاسة.
وفي حديثه إلى الصحفيين في البيت الأبيض، هذا الأسبوع، قال بايدن إن الأمر متروك للناخبين ليحكموا إذا ماكنت قادراً أم لا على القيام بمهام الرئاسة. وأضاف: "لقد راجعت الأمر بشكل جيد قبل اتخاذ قرار الترشح.. أشعر أنني بحالة جيدة ومتحمس للانتخابات".
في غضون ذلك، يبذل مساعدو بايدن السياسيون جهوداً كبيرة لتصوير رئيسهم على أنه نشط بشكل غير عادي بالنسبة لرجل في مثل عمره. إذ أنه عادة ما يحاول الجري عند اقترابه من كاميرات المراسلين وحين يصعد إلى المنصة في المؤتمرات الصحافية، فيما يُقال إنه يبدأ كل يوم بإجراء تمارين في الصباح.
وفي الوقت ذانه فإن محاولة تقديم بايدن على أنه مدمن على ممارسة الرياضة لا تخلو من مخاطرها، ففي العام الماضي، انتشر على نطاق واسع مقطع فيديو له وهو يسقط من دراجته.
"الخرف".. أكبر المخاوف
ومع ذلك، لا تشكل اللياقة البدنية لبايدن مصدر القلق الرئيسي بالنسبة لبعض الناخبين، بل قدراته العقلية. ففي سنواته الأخيرة، أصبحت مشكلة التلعثم، التي لازمته طيلة حياته، أكثر وضوحاً في خطاباته.
وقالت كبيرة الباحثين في جامعة "جورجتاون"، دانا جلي، إن "الخرف يمثل مشكلة لكبار السن"، مضيفة أنه "يجب على الناخبين الانتباه والبحث عن علامات الضعف الإدراكي" عند المرشحين للانتخابات.
وشكك الرئيس السابق دونالد ترمب، خلال مقابلة هذا الشهر مع "فوكس نيوز"، في قدرة بايدن على إكمال ولاية ثانية "من الجانب الجسدي أو العقلي"، لكنه نفى أن يكون السبب أمر يتعلق بالعمر.
ورد مساعدو بايدن على أسئلة حول قدراته العقلية، وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيير في وقت سابق من هذا العام: "سمعنا هذه الأنواع من الهجمات أو التصريحات من قبل، إذا عدتم إلى عام 2020 ، لقد قالوا حينها أيضاً إن الرئيس لا يمكنه إكمال ولاية رئاسية، وفي النهاية ألحق بهم الهزيمة".
توقعات السن
وفيما تبقى توقعات العمر غير مؤكدة، فإن شركة نمذجة متخصصة في قياس أمد الحياة، Club Vita توقعت بأن يعيش بايدن وترمب أبعد من عام 2029، حين تنتهي الولاية الرئاسية الثانية، وفقاً لـ"فاينانشيال تايمز".
وبحسب الشركة، التي تقدم خدمات قياس أمد الحياة لشركات التأمين على الحياة، ترجح "البيانات الإكتوارية" (بيانات حسابات التأمين) أن يعيش كلا المرشحين لأكثر من 10 سنوات أخرى.
وخلصت الشركة إلى أن من المتوقع أن يعيش بايدن 11 عاماً إضافياً حتى يصل إلى 91 عاماً. بينما رجحت أن يعيش ترمب 14 عاماً ليصل إلى عمر الـ90.
وتعتمد الشركة في حساباتها على عوامل ضمنها الثراء والحالة الاجتماعية والوظيفة. هذه العوامل الديموغرافية الرئيسية لكل من بايدن وترمب تضعهما في نفس الفئات المواتية للعيش لعمر طويل.
ونقلت الصحيفة عن إريك بيكيت، وهو خبير اكتواري بشركة Club Vita، القول إن هناك مجموع واسعة من العوامل التي قد تجعل تلك التوقعات خاطئة، ضمنها ما إذا كان بايدن وترمب في حالة صحية مختلفة بشكل كبير مقارنة مع متوسط الأشخاص الذين تتوفر فيهم نفس الخصائص الديموغرافية.
وأضاف أن هناك عامل آخر قد يثبت خطأ التوقعات، يكمن في أن رؤساء الولايات المتحدة يتمتعون "بإمكانية الوصول إلى علاجات طبية عالية الجودة" مقارنة بالأميركيين العاديين، وهو ما قد يجعلهم قادرين للعيش لمدة أطول من المتوقع.
في المقابل، أوضح بيكيت أن مؤشر كتلة الجسم المرتفع نسبياً من المحتمل أن يخفض متوسط العمر المتوقع للشخص أيضاً. ووفقًا للتقييم الطبي النهائي الذي تم إجراؤه خلال رئاسة ترمب في عام 2019، فإن مؤشر كتلة جسمه البالغ 30.4 يعني أنه يعاني من السمنة وفقاً للمعيار الرسمي للحكومة الأميركية.
"معدل أعلى من المتوسط"
ويصنف نموذج حساب أمد الحياة، الذي تعتمده Club Vita، كلاً من ترمب وبايدن في خانة الأشخاص الذين يعيشون أعلى من المتوسط.
وتتوقع آلة حساب متوسط العمر، التي تقدمها إدارة الضمان الاجتماعي التابعة للحكومة الأميركية، أن يعيش الرجل الأميركي المولود في نفس اليوم مع بايدن 8.5 سنوات أخرى في المتوسط، فيما تتوقع أن يعيش شخص بعمر ترمب 10.7 سنوات إضافية في المتوسط.
وقالت كبيرة الباحثين في جامعة "جورجتاون"، دانا جلي، إن "كلاً من بايدن وترمب من المرجح أن يكون عمرهما المتوقع أعلى بكثير من المتوسط"، مرجعة السبب إلى أنهما "يتمتعان بوضع اجتماعي واقتصادي مرتفع عن المتوسط، ويحصلان على أفضل رعاية صحية ولا يدخنان".
ورأى الخبراء الاكتواريون أن حقيقة عدم التدخين وشرب الكحول هي في صالح كلا المرشحين، بالنظر إلى أن هذه عوامل خطر مثبتة في العديد من الأمراض من أمراض القلب إلى السرطان وبعض أشكال الخرف.
وقال بيكيت: "هناك أيضاً بعض الأدلة التي تُظهر أن الأشخاص الذين يبقون في العمل لفترة أطول يعيشون عموماً حياة أطول، لذلك قد يلعب هذا دوراً أيضاً".
وأضاف: "سيتمكن الرئيس من الوصول إلى أعلى مستوى رعاية طبية وسيظل نشيطاً جسدياً وعقلياً واجتماعياً أثناء ممارسة مهامه، وكلها عوامل تساعد على تحسين العمر الافتراضي". لكنه قال: "قد تحدث نتائج عكسية عند العمل في بيئة شديدة الضغط وعند التعرض بشكل أكبر لعوامل الخطر الخارجية".
اقرأ أيضاً: