حربان و4 رؤساء.. كيف وصلت ديون أميركا إلى 31 تريليون دولار؟

الرئيس الأميركي آنذاك جورج دابليو بوش خلال اجتماع لإدارته وسط توقعات بعجز في الميزانية. 4 فبراير 2008 - REUTERS
الرئيس الأميركي آنذاك جورج دابليو بوش خلال اجتماع لإدارته وسط توقعات بعجز في الميزانية. 4 فبراير 2008 - REUTERS
دبي-الشرق

بلغ حجم الدين العام الأميركي مستوى قياسياً ليبلغ حالياً نحو 31.4 تريليون دولار، وتنفق الحكومة الأميركية تريليون دولار بأكثر مما تجمعه من عوائد سنوياً، وهو ما يجبر وزارة الخزانة على الاقتراض لتعويض الفرق، ما يعني نمو حجم الدين.

وتسعى إدارة الرئيس جو بايدن حالياً إلى دفع الكونجرس لرفع سقف الدين، مع عدم تخفيض الإنفاق وهو ما يرفضه مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون بقيادة كيفين مكارثي، والذي قدم مشروعاً يرفع سقف الدين العام ويسمح للحكومة باقتراض المزيد من الأموال، ولكنه رهن ذلك بخفض كبير في الإنفاق، وهو ما يرفض بايدن التفاوض بشأنه، خاصة مع اقتراب انتخابات 2024.

وقرعت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، الاثنين، أجراس الإنذار، بشأن قدرة واشنطن على سداد ديونها، محذرة من أن الولايات المتحدة مهدّدة بالتخلف عن سداد ديونها اعتباراً من 1 يونيو المقبل.

ورُفع سقف الدين في الولايات المتحدة عدة مرات مع مرور السنوات، وفي 26 أبريل، وافق مجلس النواب الأميركي على خطة ترفع سقف الدين الأميركي، بمقدار 1.5 تريليون دولار إضافية مقابل خفض في الإنفاق بقيمة 4.5 تريليون دولار. ولكن هذه الخطة لم تتحول إلى قانون بعد، ولا يرجح أن يصدق عليها بايدن.

رسم بياني لنمو حجم الدين الأميركي  - fiscaldata.treasury.gov
رسم بياني لنمو حجم الدين الأميركي خلال 100 عام - fiscaldata.treasury.gov

 صحيفة "واشنطن بوست" حذرت من أنه إذا لم تتخذ خطوات لإجراء تغييرات جذرية سيؤدي إلى زيادة حصة الدين العام في الاقتصاد الأميركي قريباً، إلى ما كانت عليه في نهاية الحرب العالمية الثانية، عندما وصل حجم الدين العام للولايات المتحدة إلى ذروته (نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي).

ديون 20 عاماً

وتراكم الجزء الأكبر من الدين العام الأميركي على مدى السنوات العشرين الماضية، وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن الولايات المتحدة حققت فائضاً نقدياً في عام 2001، عندما جمعت وزارة الخزانة أموالاً من الضرائب أكثر مما أنفقته على الخدمات الحكومية.

ومنذ ذلك الحين، ساهم أربعة رؤساء، و10 دورات للكونجرس، وحربين في زيادة الدين العام، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية الناجمة جزئياً عن القرارات المتعلقة بالسياسات التي اتُخذت منذ أجيال.

ورغم أن حصة مدفوعات الفائدة في الاقتصاد الأميركي لا تزال منخفضة وفقاً للمعايير التاريخية، إلا أن ذلك قد يتغير بسرعة، بحسب الصحيفة.

وأجبرت القرارات الصادرة مؤخراً -مثل التخفيضات الضريبية المدمرة للميزانية واتفاقيات الإنفاق المدعومة من الحزبين، والمبالغ الطائلة التي أُنفقت لمواجهة جائحة فيروس كورونا- الولايات المتحدة على الغرق أكثر في الديون.

فكيف وصلت الولايات المتحدة إلى هذه النقطة من الديون؟

التخفيضات الضريبية لبوش | 7 يونيو 2001 (إجمالي الدين: 5.7 تريليون دولار)

وقع الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش (2001 - 2009) على أول قانون لتخفيض الضرائب في 7 يونيو 2001، ليقلل المعدلات الضريبة المفروضة على دخول الأفراد، وكذلك على الأرباح الرأسمالية وأرباح الأسهم.

وفي عام 2012، أظهرت تقديرات مكتب الميزانية في الكونجرس أن التخفيضات الضريبية لبوش أدت إلى زيادة الدين العام بما يقرب من 1.5 تريليون دولار. وفي وقت لاحق، أصبح معظم هذه التخفيضات الضريبية بنداً دائماً في صفقة بين الجمهوريين في الكونجرس والرئيس السابق باراك أوباما (2009 - 2017) ما أدى إلى زيادة تكاليفها.

الرئيس الأميركي حينها جورج دابليو بوش يوقع ثالث أكبر حزمة إعفاءات ضريبية في الولايات المتحدة بقمية 350 مليار دولار، الغرفة الشرقية، البيت الأبيض. 28 مايو 2003 - REUTERS
الرئيس الأميركي حينها جورج دابليو بوش يوقع ثالث أكبر حزمة إعفاءات ضريبية في الولايات المتحدة بقمية 350 مليار دولار، الغرفة الشرقية، البيت الأبيض. 28 مايو 2003 - REUTERS

 حربا العراق وأفغانستان | 19 مارس 2003 (إجمالي الدين: 6.5 تريليون دولار)

بعد الهجمات الإرهابية التي وقعت في 11 سبتمبر 2001، غزت الولايات المتحدة العراق، وخاضت حروباً في الشرق الأوسط على مدى ما يقرب من 20 عاماً، ما أدى إلى زيادة الإنفاق على وزارة الدفاع (البنتاجون) والمحاربين القدامى.

وخلص تحليل لجامعة هارفارد إلى أن الصراعات في العراق وأفغانستان كلفت الولايات المتحدة بين 4 إلى 6 تريليونات دولار.

جندي أميركي يستعد للصعود على متن مروحية في أفغانستان. 17 مارس 2002 - REUTERS
جندي أميركي يستعد للصعود على متن مروحية في أفغانستان. 17 مارس 2002 - REUTERS

 توسع برنامج تغطية العقاقير التي تستلزم وصفة طبية | 1 يناير 2006 (8.4 تريليون دولار)

دخل الجزء (د) من برنامج الرعاية الطبية "ميديكير"، والذي يغطي تكاليف العقاقير التي تستلزم وصفة طبية لكبار السن حيز التنفيذ بعد ما يقرب من ثلاث سنوات من تحويله إلى قانون من قبل جورج دابليو بوش.

ولم يدعم الجمهوريون، الذين كانوا يسيطرون على الكونجرس في هذا الوقت، المبادرة المكلفة التي كانت تحظى بدعم الجماهير.

الركود الاقتصادي في عام 2008 والاستجابة له | 17 فبراير 2009 (11.1 تريليون دولار)

تسببت الأزمة التي ضربت الأسواق المالية في 2008 في حدوث ركود كبير، وهو أسوأ ركود اقتصادي منذ الكساد الكبير.

وأدى ذلك إلى زيادة الدين الوطني للولايات المتحدة بطريقتين: الأولى تتمثل في الانخفاض الحاد في جمع الضرائب، والثانية هي القفزة الكبيرة في الإنفاق على إعانات البطالة، والبرامج الأخرى لمساعدة الشعب على تجاوز الانكماش الاقتصادي.

ووافق الكونجرس والرئيس السابق باراك أوباما (2009 - 2017) على خطة إنعاش مكلفة للاقتصاد.

وقال بريان ريدل، الخبير الاقتصادي في معهد مانهاتن، إن إدارتي بوش وأوباما أصدرتا تدابير طارئة تبلغ قيمتها نحو 2 تريليون دولار للاستجابة للأزمة المالية والركود الذي أعقبها.

جلسة استماع في الكونجرس الأميركي بشأن الأزمة المالية التي أطاحت بعدة بنوك في 2008 ويحضرها رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي حينها بن بيرنانكي، واشنطن. 23 سبتمبر 2008 - REUTERS
جلسة استماع في الكونجرس الأميركي بشأن الأزمة المالية التي أطاحت بعدة بنوك في 2008 ويحضرها رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي حينها بن بيرنانكي، واشنطن. 23 سبتمبر 2008 - REUTERS

 اتفاق أوباما مع الجمهوريين لتمديد سريان التخفيضات الضريبية لبوش | 1 يناير 2013 (16.8 تريليون دولار)

مع اقتراب صلاحية التخفيضات الضريبية التي أقرها بوش من الانتهاء وسط انتعاش بطيء للاقتصاد، وافق أوباما على جعل جميع التخفيضات تقريباً دائمة بتمديد الإعفاءات الضريبية لجميع الأميركيين باستثناء الأثرياء.

وفي المقابل، وافق الجمهوريون في الكونجرس على تمديد بعض إجراءات التحفيز الاقتصادي.

وقال مكتب الميزانية في الكونجرس في هذا الوقت أن تكلفة هذه الصفقة ستبلغ 4 تريليونات دولار على مدى 10 سنوات.

الرئيس الأميركي جينها باراك أوباما يوقع حزمة تمويل للحكومة بقيمة 1.1 تريليون دولار متضمنة إعفاءات ضريبية بمليارات الدولارات. البيت الأبيض. 18 ديسمبر 2015 - REUTERS
الرئيس الأميركي حينها باراك أوباما يوقع حزمة تمويل للحكومة بقيمة 1.1 تريليون دولار متضمنة إعفاءات ضريبية بمليارات الدولارات. البيت الأبيض. 18 ديسمبر 2015 - REUTERS

 التخفيضات الضريبية لترمب | 22 ديسمبر 2017 (الدين يصل 20.5 تريليون دولار)

وقع الرئيس السابق دونالد ترمب (2017 - 2021)، مشروع قانون ضخم لخفض الضرائب يركز على خطة لخفض معدلات الضرائب التي تدفعها الشركات الأميركية الكبيرة من 35% إلى 21%، وخفض الضرائب التي يدفعها دافعي الضرائب من الأفراد.

وقدرت اللجنة المشتركة المعنية بالضرائب في الكونجرس أن هذا تكلفة هذا الإجراء ستبلغ ما يقرب من 1.5 تريليون دولار على مدى 10 سنوات.

وفي وقت لاحق، وجد تحليل أجرته اللجنة من أجل ميزانية اتحادية مسؤولة، وهي مؤسسة بحثية في واشنطن، أن التأثير التراكمي للقانون قد يصل إلى 2.9 تريليون دولار، إذا وافق الكونجرس على تمديد بعض الأحكام التي ستنتهي صلاحيتها في سنوات مختلفة خلال هذا العقد.

الرئيس الأميركي حينها دونالد ترمب ونائبه مايك بنس في أروقة الكونجرس قبل اجتماع يسبق التصويت على حزمة الإعفاءات الضريبية، الكونجرس، واشنطن. 16 نوفمبر 2017 - REUTERS
الرئيس الأميركي حينها دونالد ترمب ونائبه مايك بنس في أروقة الكونجرس قبل اجتماع يسبق التصويت على حزمة الإعفاءات الضريبية، الكونجرس، واشنطن. 16 نوفمبر 2017 - REUTERS

اتفاقيات الإنفاق المدعومة من الحزبين في عهد ترمب | 1 أغسطس 2019 (22.7 تريليون دولار)

اتفق الديمقراطيون والجمهوريون في الكونجرس على زيادة الإنفاق الفيدرالي، في الوقت الذي تجاهل فيه ترمب ثوابت الحزب الجمهوري المتعلقة بتقليص الإنفاق الحكومي.

وكان هذا الاتفاق هو الثاني من نوعه خلال عامين. ويساعد الإنفاق على وجود سوق عمل قوية، ولكنه يؤدي إلى تفاقم عجز الميزانية وفقاً لـ"واشنطن بوست".

وأدت القوانين إلى زيادة الدين العام بمقدار 2 تريليون دولار، وفقاً للجنة من أجل ميزانية فيدرالية مسؤولة. 

الكونجرس ينفق تريليونات الدولارات على الاستجابة الطارئة لفيروس كورونا | 27 ديسمبر 2020 (27.7 تريليون دولار)

وقع ترمب على مشروع قانون "حزم الإنفاق والإغاثة من فيروس كورونا" التي وافق عليها الكونجرس.

وبلغت قيمة أول حزمة إنفاق وإغاثة 3.4 تريليون دولار، ووافق عليها الحزبين في الكونجرس في مارس 2020.

وتم إقرار الحزمة الثانية، التي بلغت قيمتها 900 مليار دولار، في ديسمبر 2020. وأقر الديمقراطيون الحزمة الثالثة، التي بلغت قيمتها 1.9 تريليون دولار، في عام 2021، بعد تولي جو بايدن الرئاسة، دون دعم جمهوري.

توقيع الرئيس الأميركي حينها دونالد ترمب على خطة إنقاذ وتحفيز خاصة بكورونا بقيمة 2.2 تريليون دولار، البيت الأبيض. 27 مارس 2020 - REUTERS
توقيع الرئيس الأميركي حينها دونالد ترمب على خطة إنقاذ وتحفيز خاصة بكورونا بقيمة 2.2 تريليون دولار، البيت الأبيض. 27 مارس 2020 - REUTERS

 الخطة الاقتصادية لبايدن | 24 أغسطس 2022 (31 تريليون دولار)

أعلن بايدن عن خطة بقيمة 400 مليار دولار لإلغاء ديون الطلاب، ولكن الخطة تم تأجيلها بسرعة إلى أن يتم مراجعتها من قبل المحكمة العليا الأميركية.

وفي غضون ذلك، يضغط بايدن على الكونجرس لزيادة الإنفاق على الرعاية الصحية للمحاربين القدامى، والبنية التحتية، والوكالات الحكومية.

وينفق قانون خفض التضخم، الذي وقعه بايدن، أكثر على مجموعة من البرامج الأخرى، بما في ذلك وكالة الإيرادات الداخلية. ولكن يُتوقع أن يبطئ وتيرة الاقتراض من خلال فرض ضرائب أعلى على الشركات.

اقرأ أيضاً:

 

تصنيفات