قبل إحياء ذكرى النكبة.. مطالب فلسطينية بمواجهة ضغوط إسرائيل

فلسطينيون يلوحون بالأعلام خلال مسيرة في الذكرى الـ74 للنكبة على الحدود شرق غزة. 21 مايو 2022 - AFP
فلسطينيون يلوحون بالأعلام خلال مسيرة في الذكرى الـ74 للنكبة على الحدود شرق غزة. 21 مايو 2022 - AFP
دبي-الشرق

من المقرر أن يلقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس كلمة في الأمم المتحدة منتصف الشهر الجاري، بعد أن اعتمدت المنظمة الدولية قراراً بعقد جلسة رفيعة المستوى لإحياء الذكرى الخامسة والسبعين لنكبة فلسطين، في قاعة الجمعية العامة في نيويورك يوم 15 مايو.

وطالب محللون فلسطينيون بضرورة التحرك العربي والإسلامي، من أجل مواجهة إسرائيل التي تحشد أغلب دول العالم لتخفيض مستوى الحضور الدولي في هذه المناسبة، أو مقاطعتها، وعدم الاستماع لكلمة الرئيس الفلسطيني.

مساعد وزير الخارجية الفلسطيني للأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة، الدكتور عمر عوض الله، قال إن "قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتماد إحياء ذكرى النكبة الفلسطينية إنجاز بالغ الأهمية، وهو ضروري ليُذكّر العالم بحجم المأساة التي لحقت بشعبنا الذي طُرد وهُجر من أرضه، ولإحياء ذكرى قرابة 15 ألف فلسطيني قتلوا خلال الحرب عليهم، وتذكير بالمجازر التي ارتكبت بحقهم".

وفي 30 نوفمبر الماضي، صادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار إحياء الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة الفلسطينية، بما في ذلك تنظيم حدث رفيع المستوى في قاعة الجمعية العامة.

وصوتت لصالح القرار حينها 90 دولة، وعارضته 30، في حين امتنعت 47 دولة عن التصويت. وهذه المرة الأولى التي تحيي فيها الأمم المتحدة ذكرى النكبة.

وأشار "عوض الله" إلى أن خطاب الرئيس الفلسطيني في الجمعية العامة "سيتضمن مراجعة وافية للمآسي التي تعرض لها الشعب الفلسطيني بعد الاستيلاء على وطنه وطرد غالبية الشعب الفلسطيني من دياره وحقوله ومدنه وقراه، وتحويلهم إلى لاجئين".

ولفت إلى أن عباس "سيتناول الحق التاريخي للشعب الفلسطيني على أرضه وضرورة وجود خطوات عملية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإنهاء المنظومة الاستعمارية على الأراضي الفلسطينية".

وأضاف: "سيتحدث الرئيس عن جريمة النكبة ومفهومها، وسيشير إلى الجرائم التي قامت بها إسرائيل منذ ذلك التاريخ حتى اليوم، وسيقدم الرواية الفلسطينية أمام العالم، وسيطرح مفهوم النكبة، وسبب إطلاق المصطلح".

مصطلح "النكبة"

وقال "عوض الله" إن الرئيس الفلسطيني سيحرص في كلمته على تثبيت مصطلح "النكبة"، باعتباره "مصطلحاً يدل على الجريمة التي لحقت بشعب فلسطين، ومأساتهم ومعاناتهم، ويفند الرواية الإسرائيلية التي تقول إن الشعب الفلسطيني هرب أو أُجبر على الهرب بطلب من الجيوش العربية آنذاك".

و"النكبة" مصطلح سياسي يشير إلى التهجير القسري الجماعي للشعب الفلسطيني خلال عام 1948، إذ طردت العصابات اليهودية قرابة 800 ألف مواطن فلسطيني من مدنهم وقراهم، وتم تدمير أكثر من 500 مدينة وقرية فلسطينية، قبل تأسيس إسرائيل.

وتطرق الرئيس الفلسطيني خلال كلمة ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في منتصف أبريل الماضي إلى ذكرى النكبة، مشدداً على أهمية إحيائها سنوياً، وألا تتنكر المنظمة الدولية للمأساة التي لحقت بالشعب الفلسطيني.

وقال عباس: "إحياء ذكرى النكبة يجب أن يكون على رأس أولوياتنا من أجل الحفاظ على روايتنا التي يجب أن نتمسك بها وننقلها للعالم أجمع، والتي أصبحت حقيقة ساطعة نواجه بها كل الأكاذيب والروايات المزيفة التي تحاول تشويه التاريخ والحقائق".

وطالب عباس "الفلسطينيين في كل مكان بإحياء الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة، لأنه لأول مرة، لا يتنكرون (الأمم المتحدة) فيها لنكبتنا".

وأشار "عوض الله" إلى أن عباس سيتطرق في كلمته "للمجازر التي لحقت بالعديد من القرى والمدن الفلسطينية والتي تحاول إسرائيل التنصل منها، وسيعمل على تعزيز مصطلح النكبة لدى المجتمع الدولي، حتى يصبح هذا المفهوم جزءا من منظومة المصطلحات المعتمدة داخل أروقة الجمعية العمومية للأمم المتحدة وعلى الساحة الدولية".

وأضاف: "كما سيقام في مبنى الأمم المتحدة مهرجان ثقافي يتضمن شهادات حية من اللاجئين، إلى جانب عروض فنية وثقافية ومعارض صور ووثائق وموسيقى. وستحيي الفنانة الفلسطينية سناء موسى أمسية بأغان وطنية تراثية تعبر عن التصاق الفلسطيني بوطنه وأرضه".

"فيلم الطنطورة"

وقال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، عباس زكي، إن إحياء الجمعية العامة لذكرى النكبة "أمر بالغ الأهمية، فهو يجعل العالم كله يدرك حجم الجريمة التي لحقت بالشعب الفلسطيني، ويطرح رواية الشعب الذي تعرض لجرائم عدة، كجريمة القتل والتطهير العرقي، والطرد الجماعي، وتدمير عشرات المدن والقرى".

وأضاف "على مدار عقود نفت إسرائيل أنها قامت بمجازر بحق الشعب الفلسطيني، إلّا أن الفلسطينيين وحتى بعض الكُتاب والصحافيين الإسرائيليين قاموا بتحقيقات وأفلام وأبحاث ودراسات؛ أظهرت اقتراف عشرات الجرائم بحق الفلسطينيين".

وتابع "زكي": "لعل أبرزها فيلم الطنطورة الذي حاربته إسرائيل ومنعت الباحث الإسرائيلي تيودور كاتس من الحصول على شهادة ماجستير بعد أن كشف عن هول الجريمة، ثم قام مخرج إسرائيلي بتنفيذ فيلم وثائقي، أجرى فيه عدة مقابلات مع جنود وضباط أكدوا اقتراف مجازر قتل لمئات الفلسطينيين في قرية الطنطورة الفلسطينية على شاطئ بحر مدينة حيفا".

وفيلم الطنطورة فيلم إسرائيلي يتناول مذبحة قرية الطنطورة المطلة على البحر المتوسط جنوبي حيفا، والتي وقعت في مايو 1948 وراح ضحيتها عشرات الفلسطينيين، قُتلوا بدم بارد ودُفنوا في مقابر جماعية.

"ضغط إسرائيلي"

ومنذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة إحياء ذكرى النكبة، تعمل إسرائيل جاهدة من أجل إفشال هذا الحدث، فأرسلت خطابات لممثلي الدول تناشدهم عدم المشاركة فيه.

وذكر إعلامي إسرائيلي أن وزارة الخارجية تبذل جهوداً لإقناع كبار ممثلي الدول بالامتناع عن حضور الفعالية. ونقلت القناة 13عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله "إن تطلب الأمر فسيشارك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو شخصياً في هذه الجهود ولن يتوانى".

وطالب المحلل السياسي خليل شاهين بضرورة التحرك العربي والإسلامي، من أجل حشد أغلب دول العالم للحيلولة دون نجاح إسرائيل في تخفيض مستوى الحضور الدولي في هذه المناسبة، أو مقاطعتها، في ظل الضغط الإسرائيلي على دول العالم للتغيب عن الجلسة، وعدم الاستماع لكلمة الرئيس الفلسطيني.

وقال شاهين، إن إحياء الجمعية العامة للأمم المتحدة ذكرى النكبة "يمثل حدثاً بالغ الأهمية، ويجب أن تتبعه فعاليات ونشاطات داخل أروقة الأمم المتحدة للتأكيد على الحقوق الفلسطينية التاريخية، ولإدانة المجازر التي لحقت بالشعب الفلسطيني".

وأكد أن هذه المناسبة "ستشكل إحراجاً للدول التي تتعامل بمعايير مزدوجة تجاه القضية الفلسطينية، وتنساق خلف إسرائيل وروايتها، وتدعمها في كل جرائمها المستمرة حتى اليوم".

وقال إن إحياء الجمعية العامة للحدث "يشكل اعترافاً دولياً بالنكبة الفلسطينية، وبالمأساة الإنسانية التي تبعتها من حيث القتل والجرائم والتهجير، حيث بات أكثر من 70% من الشعب الفلسطيني لاجئين".

وأضاف أن هذه المناسبة يجب أن تتبعها فعاليات سياسية بالضغط على دول العالم "لإصلاح هذا الخطأ التاريخي الذي دفع ثمنه الشعب الفلسطيني، بمحاسبة إسرائيل على جرائمها التي لا تسقط بالتقادم، وبضرورة تأكيد حق العودة والضغط على إسرائيل لتطبيقه".

وشدد شاهين على ضرورة "الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والضغط الدولي لتطبيق حل الدولتين، قبل فوات الأوان".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات