قمة نادرة بين اليابان وكوريا الجنوبية تعزز جهود أميركا للضغط على الصين

رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا يحرق البخور بينما تقف زوجته يوكو كيشيدا (على اليمين) خلال زيارة للمقبرة الوطنية في سول بكوريا الجنوبية. 7 مايو 2023 - AFP
رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا يحرق البخور بينما تقف زوجته يوكو كيشيدا (على اليمين) خلال زيارة للمقبرة الوطنية في سول بكوريا الجنوبية. 7 مايو 2023 - AFP
دبي-الشرق

سافر رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا إلى كوريا الجنوبية، الأحد، لإجراء محادثات مع الرئيس يون سوك يول، في خطوة تأمل الولايات المتحدة أن تمثل تعزيزاً لمساعيها للضغط على الصين.

وتأتي زيارة كيشيدا رداً لزيارة يون إلى طوكيو في مارس الماضي، إذ يسعى الجانبان إلى إغلاق فصل من الخلافات التاريخية التي هيمنت على العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية لسنوات، وتعزيز تعاونهما التجاري والعسكري مع الولايات المتحدة، وسط تهديدات كوريا الشمالية النووية وأنشطة الصين المزعزعة.

كما يعد الاجتماع الثاني انتصاراً آخر لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، التي تسعى إلى توحيد الحلفاء للتعاون ضد كوريا الشمالية وتقويض قوة الصين المتنامية.

وقال كيشيدا في تصريحات من طوكيو قبل مغادرته إلى سول: "أود إجراء تبادل كامل وصريح مع الرئيس يون على أساس علاقة الثقة".

وأفاد مكتب رئيس كوريا الجنوبية، في بيان، بأن من المرجح أن يناقش كيشيدا ويون "القضايا المتعلقة بالأمن وصناعات التكنولوجيا الفائقة، إضافة إلى استعادة الدبلوماسية التي خرجت عن مسارها منذ أكثر من عقد بسبب الاحتكاك السياسي".

عامل "توازن"

ونقلت "بلومبرغ" عن سفير كوريا الجنوبية السابق لدى اليابان كاك سو شين قوله إن جهود الولايات المتحدة "قد تكون عاملاً مساعداً في استعادة العلاقات بين سول وطوكيو".

وأضاف: "كان من غير الطبيعي أن تترك كوريا الجنوبية واليابان علاقتهما في مثل هذا الوضع البائس لفترة طويلة، لقد كان وضعاً خاسراً، حيث وقع البلدان في حلقة مفرغة من التوترات، رغم أنهما يمكن أن يكونا شريكين استراتيجيين طبيعيين".

"بلومبرغ" بدورها قالت إن الزيارة تشكل عامل "توازن دقيق"، حيث تعاني واشنطن وبكين من توترات في جوانب عدة بدءاً من توريد الرقائق والتكنولوجيا المتطورة، وصولاً إلى منطاد التجسس، الذي أُسقط فوق الأجواء الأميركية، في فبراير الماضي، إضافة إلى شراكة الصين مع روسيا

وكانت إدارة بايدن تسعى للحصول على المساعدة من شركاء مثل سول وطوكيو لفرض قيود شاملة على بيع معدات الرقائق المتقدمة إلى الصين في سياسة تهدف إلى منع تقدم البلاد في مجموعة من التقنيات المتطورة.

وبرز الرئيس الكوري الجنوبي كأبرز الداعمين لاستراتيجية واشنطن في آسيا، بما في ذلك مبادرة بايدن لإعادة هيكلة سلاسل التوريد العالمية لتقليل الاعتماد على الصين. 

كما أعلنت اليابان نيتها توسيع القيود المفروضة على 23 نوعاً من الصادرات المتعلقة بصناعة الرقائق المتطورة.

ومن الجانب الآخر، هناك كوريا الشمالية، التي أطلقت صاروخاً باليستياً عابراً للقارات مصمماً لضرب الولايات المتحدة قبل ساعات فقط من عقد كيشيدا ويون قمة في طوكيو مارس الماضي.

دعم تايوان

ويمكن أن تساعد القمة اليابانية الكورية الجنوبية في سول في إظهار الدعم لتايوان، التي تعتبرها الصين جزءاً من أراضيها يجب إعادته، حتى لو بالقوة. 

وفي زيارة قام بها يون إلى واشنطن، أبريل الماضي، أصدرت كوريا الجنوبية بياناً عبرت خلاله عن معارضتها الشديدة لأي إجراءات أحادية الجانب في مضيق تايوان.

وقال وزير الاستراتيجية الأمنية السابق في المكتب الرئاسي لكوريا الجنوبية تشون سيونج وون: "من المهم أن ندرك أن السبب الرئيسي للتعاون الثلاثي الذي يشمل الولايات المتحدة هو دعم تايوان". 

وتابع: "على هذا النحو، فإن الانخراط في حوار استراتيجي جماعي مع الصين أمر بالغ الأهمية. يجب أن يكون التركيز على الحد من التسلح بدلاً من سباق التسلح".

ومن المقرر أن يكون تقليص الترسانة النووية الصينية المتوسعة موضوع نقاش في وقت لاحق من هذا الشهر، حيث يستضيف كيشيدا قمة مجموعة السبع في هيروشيما، إذ دُعي يون ومن المتوقع أن ينضم رئيس الوزراء الياباني وبايدن لإجراء محادثات ثلاثية على الهامش.

انهاء الاضطرابات

من جانبها، قالت ناوكو أوكي، أستاذة العلوم السياسية المشاركة في "مؤسسة راند" الأميركية، إن المهمة الرئيسية لكيشيدا في السياق الثنائي للعلاقات هي "فهم الانتقادات المحلية التي واجهها يون بشأن اقتراحه إنهاء النزاع حول التعويضات".

وأضافت: "لا أعتقد أن رئيس الوزراء كيشيدا يمكنه إسعاد الجميع، لكن إذا كان بإمكانه تهدئة بعض مخاوف كوريا الجنوبية سيكون ذلك أمراً مهماً من نتائج الزيارة".

وكان يون اقترح حلاً للنزاع طويل الأمد حول التعويض عن استخدام اليابان للعمل القسري الكوري خلال احتلالها لشبه الجزيرة في الفترة بين عاميْ 1910 و1945.

وتضمن اقتراحه مساهمة شركات كورية جنوبية في صندوق تعويض العمال الكوريين المجندين، لكن الاقتراح لم يلق قبولاً جيداً من قبل غالبية الجمهور المحلي.

وكان الهدف من هذه المدفوعات هو تجنب إجبار الشركات اليابانية على تقديم تعويض. وتماشياً مع ادعاء طوكيو، تمت تسوية جميع هذه المطالبات بموجب اتفاق عام 1965، ووسط ترحيب أميركي بالخطوة التي وصفتها بأنها "صفقة رائدة".

وفي أعقاب هذه الخطوة، أعادت كوريا الجنوبية اليابان إلى قائمة الشركاء التجاريين المفضلين في أبريل الماضي، وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، بدأت وزارة التجارة اليابانية في البحث عن آراء عامة حول إعادة كوريا الجنوبية إلى قائمة طوكيو للشركاء التجاريين المفضلين، في خطوة إجرائية من شأنها تبسيط عمليات التصدير إلى كوريا الجنوبية.

وجاءت آخر زيارة قام بها رئيس وزراء ياباني إلى كوريا الجنوبية في عام 2018، عندما حضر رئيس الوزراء آنذاك شينزو آبي افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بيونجتشانج وأجرى محادثات منفصلة مع الرئيس مون جاي إن آنذاك، فيما كانت آخر قمة ثنائية رسمية عُقدت في سول من قبل زعيم ياباني في أكتوبر 2011.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات