لوح قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان، الثلاثاء، باستخدام "القوة المميتة" وتعهد بـ"أقصى قوة" يملكها الجيش ضد قوات الدعم السريع، بينما شهدت العاصمة السودانية الخرطوم الثلاثاء، مواجهات بالأسلحة الثقيلة، فيما قالت قوات الدعم السريع، إن الجيش، نفذ، الثلاثاء، قصفاً جوياً ومدفعياً لمناطق سكنية في بحري وأم درمان، وهاجم منشآت منها أحد مقرات الأمم المتحدة بالخرطوم.
وقال البرهان خلال مقطع مصور نشرته صفحة القوات المسلحة السودانية على فيسبوك، أثناء جولة لتفقد الجنود إن قواته لا تريد استخدام "القوة المميتة" لأنها لا تريد أن تدمر البلد، لكنه أضاف "إذا لم ينصاع العدو ولم يستجب سنضطر أن نستخدم أقصى قوة عندنا".
وأكد قائد الجيش أن القوات المسلحة السودانية تُسيطر على جميع المناطق العسكرية، وأن المعارك "نخوضها نيابة عن الشعب السوداني".
وتابع "كل الشعب السوداني الآن ملتف حول القوات المسلحة.. سنظل نُقاتل حتى آخر جندي، ولآخر جندي سنظل نمد يدنا للسلام".
وأشارت القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية في بيان، إلى أن البرهان تفقد قوات الجيش في بعض المواقع، مشيداً بـ"وقفة الشعب السوداني بكامله خلف جيشه بالرغم من المعاناة التي يعيشها منذ ما يقارب الشهرين".
وأضف أن القوات المسلحة تخوض هذه المعركة نيابة عن شعبها، وذكر أن جميع المناطق والفرق لا تزال محتفظة بكامل قواتها بعد أن بسطت سيطرتها على جميع أنحاء البلاد.
وبشأن تمديد الهدنة، ذكر البرهان أنه تمت الموافقة عليها بغرض "تسهيل وصول الخدمات للمواطنين الذين أنهكتهم تعديات المتمردين"، واتهم قوات الدعم السريع بـ"نهب ممتلكات السكان وانتهاك حرماتهم وتعذيبهم وقتلهم دون وازع أو ضمير".
وهذا ثاني ظهور عام للفريق أول عبد الفتاح برهان، منذ اندلاع القتال في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع في 15 أبريل الماضي.
ودعا البرهان إلى "عدم الالتفاف إلى ما يبثه إعلام المليشيا المتمردة"، ساخراً من "ادعاءاتهم بأن حربهم هذه ضد الكيزان"، وتساءل: "أين الكيزان بين هؤلاء الجنود؟".
وفي ختام حديثه شدد البرهان على أن القوات المسلحة السودانية ستظل مستعدة للقتال حتى النصر، وقال إن "المتمردين لن يستطيعوا أن ينالو من هذه البلاد"، مؤكداً أن "النصر قريب لامحالة".
ونشر الجيش السوداني في 17 مايو الجاري، مقاطع مصورة تُظهر البرهان، وهو يتفقد جنوداً داخل مقر القيادة العامة في العاصمة الخرطوم.
مواجهات في الخرطوم
وقال سكان في العاصمة السودانية الخرطوم، الثلاثاء، إن مواجهات بالأسلحة الثقيلة دارت بين الجيش وقوات الدعم السريع في عدة مناطق، عقب التوقيع على تمديد وقف إطلاق النار لخمسة أيام إضافية، لكنهم أكدوا لوكالة أنباء العالم العربي AWP، عودة الهدوء من جديد صباحاً. العربي».
ودارت المواجهات العنيفة الليلة الماضية، واستمرت حتى فجر الثلاثاء، بين طرفي الصراع.
وأبلغ صبحي فرج، الذي يسكن في حي السلمة جنوب الخرطوم، وكالة أنباء العالم العربي، بأن 3 قذائف سقطت بمنزله أدت إلى إصابة عمه، الذي كان نائماً بفناء الدار، بجروح عميقة في رجله وبطنه.
وقال: "لم نستطع النوم الليلة الماضية، بسبب أصوات المدافع التي هزت المدينة وأدخلت الهلع في نفوس السكان".
ويأمل صبحي في أن يلتزم الطرفان بوقف إطلاق النار خلال فترة الاتفاق، "على الرغم من أنهما خرقا تمديد الاتفاق بعد ساعة من توقيعه"، بحسب تعبيره.
ووقعت مواجهات بين الطرفين في منطقة وسط العاصمة، بالقرب من القصر الرئاسي ومحيط قيادة الجيش.
أوضاع إنسانية صعبة
جليلة، سودانية من سكان وسط الخرطوم، أبلغت وكالة أنباء العالم العربي، بأنها لم تعد تملك ما تسد به رمق أطفالها الثلاثة. وتقول إنها بدأت العمل في إحدى الشركات كعاملة نظافة بعد وفاة زوجها، لكن كل أموالها نفدت قبل أسبوع.
وتضيف: "ليس بمقدوري فعل شيء بعد توقف عملي مع بداية الحرب، وليس لدينا أقارب في الأقاليم لنذهب إليهم"، مناشدة الجيش وقوات الدعم السريع، الالتزام بوقف إطلاق النار، وصولاً إلى وقف دائم له، لكي تتمكن من العودة إلى عملها وممارسة حياتها بشكل طبيعي.
ويعاني المدنيون في السودان، ظروفاً معيشية صعبة، حيث تحوّلت مناطق سكنية في الخرطوم وأنحاء أخرى من البلاد إلى ساحات للمعارك العسكرية، مع انقطاع الكهرباء والمياه لساعات طويلة وخروج كثير من المستشفيات عن الخدمة.
ماريا كوال، وهي وافدة من دولة جنوب السودان تقيم في أحد المساكن العشوائية غرب العاصمة السودانية، يقول شقيقها إنها أصيبت في القصف الجوي وتشوّه جسمها بالكامل، وقرر الأطباء بتر رجلها اليسرى.
وأضاف: "هربنا من الحرب في جنوب السودان، لنجدها هنا في الخرطوم، لا ندري إلى أين نذهب... الخرطوم ملاذنا الأخير".
وأبلغت سارة، وهي مهندسة في هيئة الصرف الصحي بأن قوات عسكرية اقتحمت منزلها في حي كافوري وطلبت من السكان مغادرته، بعد أن نهبت 8 ملايين ونصف المليون جنيه سوداني (نحو 14 ألف دولار أميركي).
وقالت إن مقتحمي المنزل كانوا مدججين بالسلاح، مضيفة: "ضربوا أخي الأصغر ونهبوا هاتفه. لم يأبهوا لجدي الكبير في السن والمصاب بمرض السكري.. عاثوا في الدار، اضطررنا للمغادرة إلى بيت شقيقتي في شرق النيل".
وروى نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي أن قوات عسكرية اقتحمت بيوتاً في أحياء أم درمان القديمة، وأمرت أصحابها بالمغادرة بعد أن طالبتهم بتسليم أوراق ملكية البيوت.
وطالت عمليات النهب والسلب الأسواق والبنوك والمحال التجارية والمصانع الكبرى أيضاً.
وأفاد سكان بمنطقة جبرة، جنوب الخرطوم، بسماع دوي انفجارات قوية قرب منزل قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي".
اتهامات بخرق الهدنة
ويخوض الجيش السوداني اشتباكات عنيفة ضد قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، في الخرطوم ومناطق أخرى من البلاد منذ شهر ونصف، مما أسفر عن مصرع مئات الضحايا.
ووافق الجيش وقوات الدعم السريع على تمديد وقف إطلاق النار الذي استمر أسبوعاً، لمدة 5 أيام أخرى قبيل موعد انتهائه الذي كان مقرراً مساء الاثنين.
واتهمت قوات الدعم السريع، الجيش السوداني، بخرق الهدنة، الثلاثاء"، واستهداف قواتها بمنطقة صك العملة في العاصمة الخرطوم.
وقالت قوات الدعم السريع في بيان عبر تويتر، إنها اضطرت لاستخدام "حق الدفاع عن النفس لصد هجوم للجيش بالمدفعية الثقيلة والمدرعات".
وأضافت أن الجيش نفذ أيضاً قصفاً جوياً ومدفعياً لمناطق سكنية في بحري وأم درمان وهاجم منشآت منها أحد مقرات الأمم المتحدة بالخرطوم.
أكثر من مليون نازح
في وقت سابق الثلاثاء، ذكرت وكالة "رويترز" نقلاً عن سكان، أن الاشتباكات هدأت في العاصمة السودانية الخرطوم، لكن كان بالإمكان سماع دوي إطلاق النيران في بعض المناطق، وذلك بعد اتفاق طرفي الصراع على تمديد وقف إطلاق النار للسماح بوصول المساعدات للمدنيين.
وقالت هند صابر (53 عاماً) وهي من سكان الخرطوم "نتمنى أن تنجح هذه الهدنة حتي تقف الحرب قليلاً ونستطيع العودة لحياتنا الطبيعية. عندنا أمل في الهدنة ولا توجد لدينا خيارات أخرى".
وقبل ساعات من توقيع تمديد وقف إطلاق النار، تحدث سكان عن اندلاع قتال عنيف في مدن الخرطوم وأم درمان وبحري التي تشكل معاً ولاية الخرطوم ولا يفصلها عن بعضها البعض سوى ضفاف النيل المتقابلة.
وأفاد سكان باندلاع قتال، بعد ظهر الثلاثاء، بالقرب من قاعدة عسكرية في جنوب الخرطوم.
وتسبب الصراع في نزوح ما يقرب من 1.4 مليون شخص من ديارهم ومن بينهم ما يربو على 350 ألف شخص عبروا الحدود إلى بلدان مجاورة.
وتعرضت مناطق في العاصمة لأعمال نهب كبيرة، وتعاني من انقطاع متكرر للكهرباء والمياه. وتوقفت معظم المستشفيات عن العمل.
ونقلت الأمم المتحدة وبعض وكالات الإغاثة، وسفارات وإدارات من الحكومة المركزية السودانية، عملياتها إلى بورتسودان بولاية البحر الأحمر السودانية، وهي مركز رئيسي للشحن شهد قليلاً من الاضطرابات كما تعد مركزاً لعمليات الإجلاء من البلاد مع تصاعد وتيرة القتال.
وأفادت اللجنة الأمنية بالولاية، الثلاثاء، بأنها أنها ألقت القبض على عدة خلايا نائمةـ قالت إنها تسللت من الخارج وحذرت من أن "عناصر متمردة" تأتي للولاية لتنفيذ بعض الأعمال.
وأضافت "ننتهز الفرصة لتقديم الشكر لمواطني ولاية البحر الأحمر على التعاون التام، والتبليغ الفوري بوجود هذه العناصر المتمردة وعملائهم داخل الأحياء"، لكنها لم تحدد هويتهم.
اقرأ أيضاً: