أعلن نائب الرئيس الأميركي السابق مايك بنس، الأربعاء، دخوله سباق الانتخابات الرئاسية المقررة عام 2024، ليبدأ مرحلة جديدة من المواجهة مع 10 مرشحين محتملين في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، أبرزهم الرئيس السابق دونالد ترمب.
ونشر بنس، في يوم عيد ميلاده الـ64، مقطع فيديو لإضفاء الطابع الرسمي على دخوله السباق، الذي سيصطدم خلاله برئيسه السابق ترمب، الذي يواجه مشاكل قضائية في الوقت الحالي.
ومع ذلك، بعد الإعلان عن توجيه لائحة اتهام جديدة ضد ترمب في قضية الوثائق السرية للبيت الأبيض، قال بنس، في لقاء على CNN، الجمعة، إن "اتهام رئيس سابق لأميركا سيرسل رسالة مرعبة للعالم".
وأعرب بنس عن رغبته في عدم محاكمة ترمب، محذراً من أن محاكمته ستثير الانقسام بشكل رهيب بين الأميركيين، في وقت يتألم فيه الشعب الأميركي حيث تكافح العائلات الآن لمواجهة تضخم قياسي، ولدينا أزمة (هجرة) على حدودنا لم نشهدها من قبل، ولدينا فيضان من الفنتانيل (أقراص مخدرة) يدخل إلى كل مدينة، كبيرها وصغيرها، ويقتل الشباب كل يوم، لدينا تهديدات من الخارج، وموجة جرائم في مدننا".
وأضاف: "أعتقد الآن أكثر من أي وقت مضى أننا يجب أن نجد طرقاً تجمعنا بالفعل، واعتقد أن ما تفعله وزارة العدل لن يؤدي إلا إلى مزيد من الانقسام في البلاد".
ولفت إلى أنه قد تم العثور أيضاً على وثائق سرية في بيت الرئيس الحال جو بايدن، وبالتالي لا بد من المساواة في التعامل مع الجميع أمام القانون. وقال إنه عندما أبلغ وزارة العدل طواعية بأنه اكتشف وثائق سرية بمقره في إنديانا عارضاً تسليمها، كان مسؤولو مكتب التحقيقات الفيدرالية أمام منزله في اليوم التالي، بينما استغرق الأمر بالنسبة لبايدن أكثر من 80 يوماً.
وعلى عكس ما قاله ترمب بشأن عزمه العفو عمن شاركوا في هجوم 6 يناير على الكابيتول، قال بنس إنه لا مصلحة أو نية لديه لفعل ذلك، وإنه لا يرغب في الصفح عمن هاجموا رجال الشرطة أو خربوا "العاصمة الأميركية".
ابن كولومبوس
ولد مايك بنس في 7 يونيو 1959 بمدينة كولومبوس، عاصمة ولاية إنديانا، وهو واحد من 6 أطفال هم أبناء إدوارد ونانسي بنس اللذين كانا يمتلكان مشروعاً تجارياً صغيراً.
درس بنس في كلية هانوفر، وحصل على درجة البكالوريوس في تخصص التاريخ عام 1981، كما حصل على شهادة الدكتوراه في عام 1986 في تخصص القانون من جامعة إنديانا.
وبعد تخرجه، قاد بنس مؤسسة "إنديانا بوليسي ريفيو فاونديشن" (Indiana Policy Review) وهي مؤسسة فكرية غير ربحية، كما بدأ تقديم برنامج إذاعي حمل اسمه وهو "ذا مايك بنس شو" (The Mike Pence Show).
بوابة الكونجرس
دخل بنس، الذي تزوج من كارين بنس ولديه 3 أبناء، في دهاليز السياسة الأميركية عام 2000، عندما انتخب كنائب في مجلس النواب عن ولاية إنديانا بعدما تجاوز سن الـ40 تقريباً، واصفاً نفسه حينها بأنه "مسيحي ومحافظ وجمهوري"، فيما أعاد سكان الولاية انتخابه 6 مرات على التوالي.
وبدأ بنس في الصعود إلى هيكل قيادة الحزب الجمهوري، فمنذ عام 2005 حتى 2007 كان رئيس لجنة الدراسات الجمهورية، وهي مجموعة من الجمهوريين المحافظين في مجلس النواب.
وفي نوفمبر عام 2006، أعلن بنس ترشيحه لمنصب زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب، لكنه خسر أمام جون بينر ممثل أوهايو بفارق 141 صوتاً، لكن بعد 3 أعوام من ذلك تقريباً انتُخب كرئيس للمؤتمر الجمهوري، وهو ثالث أعلى منصب قيادي في الحزب.
كما سمي بنس كمرشح جمهوري محتمل للرئاسة الأميركي في عامي 2008 و2012، والتي فاز بها الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.
وكسب بنس عام 2012 انتخابات ولاية انديانا ليكون الحاكم الـ50 للولاية، فيما بدأ رحلته فيها بإعلان أكبر تخفيض ضريبي في تاريخ الولاية، مع خفض ضريبة الممتلكات الشخصية للشركات وضريبة دخل الشركات لتعزيز الميزة التنافسية للولاية التي كانت تسعى لجذب استثمارات جديدة.
وبزغ نجم بنس خلال فترة توليه زمام الأمور في إنديانا، إذ اتخذ قرارات مختلفة في مجالات التعليم والصحة والاقتصاد، منها رفع حجم تمويل المدارس واستثمار أكثر من 800 مليون دولار في تطوير وإنشاء طرق وجسور جديدة، في حين ساهمت تلك القرارات في انخفاض معدل البطالة بمقدار النصف خلال السنوات الأربع.
ورغم تلك الاستثمارات ظلت الولاية مسؤولة من الناحية المالية، إذ عمل بنس مع أعضاء الجمعية العامة للولاية على تمرير ميزانيتين متوازنتين، ما ساعد بتقوية احتياطيات الولاية ورفع مستوى تصنيفها الائتماني.
بنس وترمب
كل هذه النجاحات والخبرات دفعت الرئيس الأميركي السابق ترمب إلى اختيار مايك بنس لمنصب نائب الرئيس في يوليو 2016، وبحسب شبكة "CNN" الأميركية، كان بنس "مخلصاً لترمب إذ اعتبر نجاحات الإدارة هي نجاحات الرئيس".
لكن بنس غيّر خلال السنوات الأخيرة ولائه الراسخ لترمب، بعد الهجوم على مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021.
في ذلك اليوم قاد بنس، بصفته نائباً للرئيس، جلسة في الكونجرس يصادق خلالها الأعضاء على فوز الرئيس جو بايدن في الانتخابات الرئاسية التي أجريت عام 2020. وعلى الرغم من أن دوره شرفي، إلا أن ترمب أصر على أن يرفض بنس المصادقة على انتخاب بايدن.
لكن حاكم ولاية إنديانا السابق لم يمتثل لمطلب ترمب، فنمت عداوة قوية تجاهه بين أنصار الملياردير، ولدى هجوم عدد من هؤلاء على مبنى الكابيتول دعا بعضهم لـ"شنق" مايك بنس، الذي اضطر إلى الاختباء.
واعتبر منذ ذلك الحين أن كلام الرئيس "غير مسؤول" و"عرضه للخطر"، كما رأى أن التاريخ سيحمّل دونالد ترمب "مسؤولية" هذا الهجوم.
وتهدد القطيعة بين الرجلين فرص بنس في الانتخابات المقبلة، إذ ما زال عدد كبير من أنصار ترمب يعتبرونه "خائناً".
توجهات بنس
ويدعم نائب الرئيس الأميركي السابق تقديم الولايات المتحدة المزيد من المساعدات لأوكرانيا ضد ما يسميه "العدوان الروسي".
كما وبّخ مايك بنس الجمهوريين المعارضين لتقديم مساعدات لأوكرانيا، قائلًا في مركز "Heritage Foundation" لبناء وتعزيز السياسات العامة المحافظ: "لا يمكن أن يكون هناك مكان داخل الحركة المحافظة للمدافعين عن بوتين. لا مكان في هذه الحركة إلّا للمدافعين عن الحرية".
ويعرف بنس كشخصية محافظة ومعارض شرس للإجهاض، إذ يدعم حظر هذا الإجراء بشكل كامل في كافة الولايات، في حين يشن أيضاً حملة ضد السياسات المتبعة في المدارس للمتحولين جنسياً، بحسب وكالة "اسوشييتد برس" الأميركية.
وبهذه التوجهات والمطالب، يدخل نائب الرئيس الأميركي السابق سباق انتخابات 2024، ما يعني أنه سيواجه شريكه الرئيس السابق دونالد ترمب في الانتخابات التمهيدية داخل الحزب الجمهوري.
وأفاد استطلاع رأي أجراه موقع "ريل كلير بوليتيكس" (RealClearPolitics) بأن نوايا التصويت لبنس لا تتجاوز 3.8%، بينما يتفوّق ترمب بنسبة 53.2%.
ويتفوق على بنس أيضاً حاكم فلوريدا رون ديسانتيس (22.4%)، الذي ينتهج خطاباً محافظاً جداً ولكن بنبرة أكثر هجومية، كما تتفوق عليه بنسبة ضئيلة السفيرة السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي (4.4%)، على الرغم من أن بنس يحضّر لترشّحه منذ شهور؛ فبعد إصدار كتاب بعنوان "ليكن الله في عوني" تنقل بنس في البلاد وكثف خطاباته في الولايات التي يمكن أن تحدث فرقاً في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري.