ألمانيا.. تنازلات "حزب الخضر" تضعه في مأزق

وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بربوك خلال المؤتمر الفيدرالي لحزب الخضر. ألمانيا في 15 أكتوبر 2022 - REUTERS
وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بربوك خلال المؤتمر الفيدرالي لحزب الخضر. ألمانيا في 15 أكتوبر 2022 - REUTERS
برلين-أ ف ب

يعتزم أعضاء "حزب الخضر" المشارك في الائتلاف الحاكم في ألمانيا، التعبير عن سخطهم حيال مقايضات تمّت، وأدت إلى تراجع شعبيته بشكل كبير، وذلك خلال مؤتمر مصغّر يعقده بوقت لاحق.

ووجد الحزب نفسه مراراً في موقع الدفاع عن النفس منذ انضمامه إلى حكومة المستشار أولاف شولتز، بسبب ما قدمه من تنازلات مرتبطة بالفحم، وصولاً إلى صدامات مع المتظاهرين من أجل المناخ.

لكن الوضع تأزّم في الأسابيع الأخيرة، مع تنازل صعب مرتبط بإجراءات الاتحاد الأوروبي بشأن الهجرة والخلاف على غلايات الغاز، إذ أفادت شبكة "NTV" للبث في تقرير مؤخراً، بأن الحزب "لم يواجه منذ سنوات وضعاً خطيراً كما هذا الصيف".

وحقق "حزب الخضر" أفضل نتيجة انتخابية له إطلاقاً العام 2021، فبات ثالث أكبر حزب في البرلمان، ودخل في الحكومة لأول مرة منذ العام 2005.

لكن أطرافاً داخله اعتبرت أنه "ضحى بالمبادئ التي تأسس عليها مقابل الحكم ضمن ائتلاف غير تقليدي مع حزب شولتز الاشتراكي الديمقراطي (يسار وسط) والحزب الديمقراطي الحر الداعم للأعمال التجارية".

تراجع شعبيته

وقبيل المؤتمر، حل "الخضر" في المرتبة الرابعة في استطلاعات الرأي بعد حزب "البديل لألمانيا" اليميني.

وتصاعد الغضب، عندما توصلت بلدان الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي، إلى اتفاق بشأن مراجعة تعطّلت طويلاً لقواعد الهجرة المتبعة في التكتل.

وشملت تلك القواعد خططاً لاعتماد آلية سريعة للنظر في طلبات اللجوء على الحدود الخارجية للاتحاد، تسهل عودة المهاجرين إلى بلدانهم أو بلدان العبور، إذ مثّل الاتفاق "ضربة كبيرة" للخضر الذين يرفعون عدة مطالب، أبرزها التساهل مع العائلات التي تضم أطفالاً.

ودافعت وزيرة الخارجية المنتمية لـ"حزب الخضر"، أنالينا بيربوك، عن التصويت لصالح التغييرات قائلة: "لو أن ألمانيا رفضت الإصلاح أو امتنعت عن التصويت، لكان ذلك أدى إلى مزيد من المعاناة وليس العكس".

"قرار خاطئ"

لكن العديد من أعضاء الحزب ما زالوا غاضبين، إذ قالت زعيمة "الخضر" في ساكسونيا السفلى جريتا جارليك لمجلة "شتيرن"، الجمعة: "كان القرار خاطئاً وعلينا الإقرار بذلك نهاية الأسبوع"، لافتة إلى أن المزاج العام في أوساط أنصار الحزب "سيء للغاية".

ووجد "الخضر" أنفسهم في مأزق، إثر قانون التدفئة المثير للجدل، الذي دافع عنه نائب المستشار روبرت هابيك المنتمي أيضاً إلى حزب الخضر.

ويحظر القانون، الذي طُرح في البرلمان هذا الأسبوع، بعد أشهر من الخلافات الداخلية ضمن الحكومة الائتلافية، أجهزة التدفئة العاملة على الوقود والغاز اعتباراً من العام 2028، لصالح حلول أكثر مراعاة للبيئة وإن كانت أغلى ثمناً. 

لكن لم يتم الاتفاق على النص، إلا بعد تنازلات كبيرة من "الخضر"، شملت تأجيل تاريخ دخوله حيز التنفيذ أربع سنوات.

لكن هابيك دافع عن السياسة أمام البرلمان، مشدداً على أن "صلب القانون ما زال على حاله"، إلا أن صحيفة "دي فيلت" وصفت ما حصل بـ"السقطة بالنسبة للخضر الذين تألقوا في الماضي والهزيمة المدوية للحزب".

اتهامات بالمحسوبية 

ولم تكن تشكيلة الائتلاف الحكومي الثلاثي يوماً مثالية بالنسبة لـ"الخضر"، لكن الغزو الروسي لأوكرانيا وأزمة الطاقة التي أعقبته جعلا هذه الشراكة أصعب مما كان يمكن أن يتصوّر الحزب.

وفي مسعى للتعويض عن نقص شحنات الغاز الروسية، صوتت الحكومة العام الماضي لصالح إعادة إطلاق محطات للطاقة تعمل بالفحم كانت متوقفة عن الخدمة، ما أثار حفيظة الناشطين في مجال المناخ.

وشكّل توسيع منجم "جارتزوايلر" مسألة خلافية على وجه الخصوص، إذ احتل متظاهرون قرية لوتزيرات مع بدء العمل على المشروع في يناير الماضي.

وأفادت الخبيرة السياسية من الجامعة الألمانية في ميونيخ "Bundeswehr University Munich" أورسولا مونش، بأن الانضمام إلى الحكومة مثّل "تجربة واقعية للغاية بالنسبة للخضر". 

وتابعت: "بالكاد ينجحون في ترجمة قناعاتهم الخاصة بشأن المناخ والبيئة وحماية الأنواع، إلى سياسات ملموسة في وقت تتدهور أزمة المناخ".

كما هزّت "الخضر" اتهامات بـ"المحسوبية"، وأُجبر مسؤول من وزارة الاقتصاد التي يتولاها هابيك يدعى باتريك جرايكن على مغادرة منصبه في مايو، إثر اتهامه بتقديم وظيفة مريحة لمدافع عن البيئة كان الإشبين في حفل زفافه.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات