قالت مصادر أميركية مطلعة لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأربعاء، إن إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب تشككت في ضلوع عملاقي الاتصالات الصينيين "هواوي" و"ZTE" في لعب دور بـ"عمليات التجسس" الصينية في كوبا والتي تستهدف الولايات المتحدة، وسط مخاوف أميركية من أنشطة الصين "التجسسية" في الجزيرة.
وأتى التقرير بعد يوم من نشر الصحيفة معلومات نقلاً عن تقارير استخباراتية تفيد بأن الصين وكوبا في مفاوضات متقدمة لإنشاء مركز تدريب عسكري مشترك أثار مخاوف أميركية من تمركز قوات صينية على أعتاب الولايات المتحدة.
وذكرت المصادر أن إدارة ترمب راجعت تقارير استخباراتية رصدت موظفين في شركات الاتصالات الصينية العملاقة "هواوي" و"ZTE"، خلال دخولهم وخروجهم من منشآت يشتبه في أنها مقرات لعمليات تجسس صينية في كوبا.
وزادت التقارير الاستخباراتية من الشكوك داخل إدارة ترمب في أن شركات الاتصالات الصينية تلعب دوراً في توسيع قدرات الصين على التجسس على الولايات المتحدة من الجزيرة، وفق المصادر.
وقالت "وول ستريت جورنال" إنه من غير الواضح ما إذا كانت إدارة الرئيس جو بايدن، قد تابعت مسار هذه التقارير الاستخباراتية.
وفيما لا يعرف عن "هواوي" و"ZTE" تصنيعهما لمعدات معقدة ومتطورة يمكن للحكومات استخدامها لأغراض التجسس، إلا أن الشركتين متخصصتين في التكنولوجيا اللازمة لتسهيل عمليات كهذه، ومن بينها الخوادم وشبكات المعدات التي يمكن استخدامها لنقل المعلومات إلى الصين.
بدوره، قال متحدث باسم شركة هواوي للصحيفة: "نحن ننفي بشكل قاطع هذه الاتهامات التي هي من دون دليل. هواوي ملتزمة على الدوام، بالامتثال للقوانين والقواعد أينما تعمل. شركتنا تلتزم بأعلى المعايير والأكواد الأخلاقية، والشفافية وخصوصية المستخدمين".
ولم ترد "ZTE" على طلب الصحيفة للتعليق.
مراكز تجسس وتحرك أميركي
وأدارت الصين قاعدة تجسس في كوبا منذ عام 2019 على الأقل، حين كان دونالد ترمب لا يزال رئيساً. وتدير كوبا والصين بشكل مشترك أربعة مراكز تجسس على الجزيرة، وفقاً لمسؤولين أميركيين.
وبالإضافة إلى ذلك، تتفاوض بكين وهافانا على إنشاء مركز تدريب مشترك جديد على الساحل الشمالي للجزيرة، وفقاً لما ذكرته "وول ستريت جورنال" في تقرير الثلاثاء، وأثار مخاوف أميركية من تمركز جنود صينيين على أعتاب الولايات المتحدة.
وقال البيت الأبيض إن جهود الصين لتوسيع عمليات جمع المعلومات الاستخباراتية من كوبا متواصلة. وشدد في بيان الاثنين، على أن الولايات المتحدة ستواصل توسيع وتحسين وجودها في كوبا، وأنها ستواصل عرقلة تلك المساعي.
حملة أميركية على هواوي و"ZTE"
وحذر مسؤولون أميركيون مراراً من أن الحكومة الصينية ربما تستخدم شركات الاتصالات الصينية لمساعدتها على التجسس.
وانخرطت الولايات المتحدة في حملة امتدت لسنوات لإقناع حلفائها بإبعاد "هواوي" تحديداً عن شبكات اتصالات الجيل الخامس. وأصرت هواوي على أنها لا تتجسس لصالح الصين.
ولم ترد السفارة الصينية في واشنطن على طلب التعليق، فيما نفت وزارة الخارجية الصينية أن تكون الصين تتجسس على الولايات المتحدة من كوبا.
ولم ترد السفارة الكوبية في واشنطن على طلب التعليق، ولكنها وصفت تقرير "وول ستريت جورنال" بشأن محطة التجسس الصينية في الجزيرة بأنه "كاذب تماماً ولا أساس له".
كما لم يرد مكتب وكالة الاستخبارات الوطنية الأميركية على طلب التعليق.
والثلاثاء، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إنه أبلغ نظراءه في الصين بأن الولايات المتحدة لديها "قلق عميق" بشأن "الأنشطة العسكرية الصينية وأنشطتها التجسسية في كوبا".
وقال بلينكن للصحافيين: "سنواصل مراقبة هذا الأمر بشكل وثيق للغاية، وكنا واضحين تماماً بهذا الشأن".
وأضاف: "سنحمي وطننا، وسنحمي مصالحنا".
ولم يرد البيت الأبيض على طلب التعليق بشأن الدور المحتمل لهواوي و"ZTE" في "عمليات التجسس الصينية" في كوبا.
"ليس سراً"
وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي الثلاثاء، إنه "ليس سراً أو مفاجأة أن جمهورية الصين الشعبية كانت تحاول زيادة نفوذها وسلطتها، وقدرات جمع المعلومات الاستخباراتية الخاصة بها في النصف الغربي من الكرة الأرضية، وهذا يتضمن العلاقة التي أسستها الصين مع كوبا لفترة من الزمن الآن".
وتابع: "ليس الأمر وكأننا لسنا على علم بذلك، وليس الأمر كأننا لم نكن نراقبه أيضاً، ولكن بصراحة تامة أيضاً، اتخذنا الخطوات الكافية، وسنواصل اتخاذ خطوات لإحباط تلك المحاولات وللبقاء قادرين على حماية أسرارنا، وأمننا القومي، وهذا هو الحال في هذا المجال كذلك".
غطاء تجاري لأنشطة استخباراتية
النائب الجمهوري مايك جالاجر رئيس اللجنة المختصة بالصين في مجلس النواب الأميركي قال الثلاثاء، إنه أرسل خطاباً إلى مديرة وكالة الاستخبارات الوطنية آفريل هاينز، ووزيرة التجارة جينا رايموندو لطلب توضيحات بشأن السياسة الأميركية لتقييد صادرات التكنولوجيا الأميركية إلى شركات الاتصالات الصينية.
وقال جالاجر في الخطاب إن هواوي ساعدت الحكومة الكوبية على تحديث البنية التحتية للاتصالات والإنترنت منذ العقد الأول من الألفية الجديدة، وأن هذه الشركة و"ZTE" وكذلك مجموعة "Great Dragon Information Technology"، حافظت على أعمال دائمة لها في الجزيرة منذ ذلك الحين.
وأضاف جالاجر: "نظراً إلى سياسة الصين في استخدام الكيانات التجارية لبناء جيشها، فإن أي تحديث للقدرات الاستخباراتية الصينية في كوبا، على الأرجح تم بمساعدة من شركات الاتصالات الصينية".
ورجح أن الأعمال التجارية لتلك الشركات في كوبا "توفر الغطاء لمسؤولي الاستخبارات الصينية للسفر من وإلى الجزيرة من دون إثارة نفس الشكوك التي يثيرها سفرهم بشكل رسمي".
ووجه جالاجر مجموعة من الأسئلة إلى المسؤولين الأميركيين بشأن مدى علم أجهزة الاستخبارات الأميركية بالعلاقة بين إشارات الاستخبارات الصينية والأنشطة التجارية في كوبا، وما إذا كانت تلك المعلومات قد استخدمت في اتخاذ القرارات بشأن قيود تصدير التكنولوجيا إلى الصين.
تراخيص رغم القيود
وأضافت وزارة التجارة الأميركية هواوي في عام 2019، إلى قائمة الشركات التي تتطلب رخصة خاصة لشحن منتجات أميركية إليها.
ووسعت واشنطن في عام 2020 متطلبات التراخيص المطلوبة لتصدير التكنولوجيا الأميركية، ورغم ذلك، واصلت وزارة التجارة إصدار التراخيص لهواوي، ما مكن المصدرين من مواصلة بيع كميات كبيرة من منتجات التكنولوجيا إلى الشركة الصينية.
ويقود مايكل ماكول رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي الجهود لتغيير سياسة وزارة التجارة في هذا الشأن. ونشر ماكول في 2021 بيانات تظهر أن وزارة التجارة أصدرت 113 رخصة تصدير مكنت الشركات من بيع منتجات إلى هواواي بقيمة 61 مليار دولار في الفترة ما بين 9 نوفمبر إلى 20 أبريل 2021.
وقيدت وزارة التجارة الصادرات إلى "ZTE" منذ 2016، إلى أن أعلن ترمب في 2018 أنه سيسمح للشركة بمواصلة شراء البضائع الأميركية في مقابلة غرامة قدرها 1.3 مليار دولار وتغيير في قيادة الشركة.
وقال آلان إيستيفيز مساعد وزيرة التجارة لشؤون الأمن والصناعة للمشرعين الأميركيين إن فريقه يراجع سياسات الوزارة ويفعل كل ما في وسعه لمنع وصول التكنولوجيا الأميركية الحساسة إلى يد خصوم الولايات المتحدة.
وأشار متحدث باسم وزارة التجارة إلى إن هواوي لا تزال تواجه "قيود تصدير واسعة"، مشيراً إلى أن الوزارة فرضت في أبريل أكبر عقوبة مدنية في تاريخها ضد شركة أميركية لبيعها منتجات إلى هواوي دون رخصة.
وأضاف أن "ZTE" تظل خاضعة لاتفاق تسوية مع وزارة التجارة، وتدقيق إضافي.
