قال رئيس وزراء بريطانيا ريشي سوناك، إن بلاده ستبقي على العقوبات المفروضة على روسيا حتى تدفع مقابل الضرر الذي ألحقته بأوكرانيا، فيما شدد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، على أن موسكو ستتحمل تكلفة إعادة الإعمار، كما أعلنا تقديم دعم مالي إلى كييف بأكثر من 3 مليارات دولار.
جاء ذلك خلال "مؤتمر دعم تعافي أوكرانيا"، الذي تستضيفه لندن على مدى يومين بهدف توحيد الحلفاء وراء جهد منظم لمساعدة كييف في الحفاظ على اقتصادها، بينما تمضي قدماً في هجومها المضاد لاستعادة الأراضي التي استولت عليها القوات الروسية منذ بدء غزو أوكرانيا.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، خلال مشاركته افتراضياً: "يجب أن ننتقل من الاتفاقات إلى المشاريع الحقيقية (...) هناك وفد أوكراني سيقدم أشياء ملموسة ونقترح تحقيقها معاً خلال جولتي".
وفي افتتاح المؤتمر، أوضح ريشي سوناك، أن بلاده ستقدم ضمانات قروض بقيمة 3 مليارات دولار، مشدداً على استمرارية العمل بالعقوبات المفروضة على روسيا.
ولفت إلى أن بريطانيا "ستُبقي على العقوبات المفروضة على روسيا حتى تدفع مقابل الضرر الذي ألحقته بأوكرانيا"، معلناً أن المملكة المتحدة ستضمن 3 مليارات دولار من ضمانات قروض البنك الدولي على مدى السنوات الثلاث المقبلة.
وذكر أن أكثر من 400 شركة من 38 دولة، بقيمة سوقية مجمعة تبلغ 4.9 تريليون دولار تم تسجيلها في أوكرانيا، مشيراً إلى أن الاقتصاد الأوكراني أصبح فرصة استثمارية جذابة للغاية حتى قبل الغزو، مستشهداً بتصدير كييف الحبوب إلى العالم، إضافة إلى وجود قطاعات مهمة مثل التكنولوجيا والطاقة.
وتابع: "أوكرانيا بلد أوروبي نابض بالحياة وديناميكي ومبدع. سنقف معها ما دامت هناك حاجة لكسب الحرب وكسب السلام".
دعم أميركي
من جهته، أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، تقديم الولايات المتحدة أكثر من 1.3 مليار دولار كمساعدات إضافية لأوكرانيا، لمساعدة البلاد على التعافي وإعادة بناء شبكة الطاقة الخاصة بها.
وأوضح: "سنستثمر 520 مليون دولار لمساعدة أوكرانيا على إصلاح شبكة طاقتها، و657 مليون دولار لترميم البنية التحتية الحيوية المدمرة، بما في ذلك خطوط السكك الحديد والموانئ والمعابر الحدودية".
وتابع: "100 مليون دولار أخرى ستساعد في رقمنة أنظمة الجمارك الأوكرانية للحد من الفساد"، مشيراً إلى أن "روسيا ستتحمل في النهاية كلفة إعادة الإعمار في أوكرانيا، لكن يتعين علينا بناء قوي بما يكفي لحماية البلد على المدى الطويل".
تضاف هذه المساعدة الجديدة، وهي جزء من الأموال التي وافق عليها الكونجرس الأميركي، إلى 63 مليار دولار قدمتها الولايات المتحدة لأوكرانيا منذ غزو روسيا، بحسب "فرانس برس".
"نريد مشروعات لا اتفاقات"
بدوره، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه "من الضروري التحرك نحو مشاريع حقيقية من أجل إعادة إعمار أوكرانيا".
وأضاف خلال مشاركته افتراضياً في المؤتمر: "يجب أن ننتقل من الاتفاقات إلى المشاريع الحقيقية (...) هناك وفد أوكراني سيقدم أشياء ملموسة ونقترح تحقيقها معاً خلال جولتي".
وشدد الرئيس الأوكراني على الحاجة إلى ثقة رجال الأعمال في أن ما سيتم إعادة بنائه في أوكرانيا "لن يسقط".
وتابع: "نحن نحمي أوكرانيا والحرية. وعندما نبني أوكرانيا، سنبني الحرية. إنها مهمة عالمية"، مضيفاً أن بلاده "نجحت في جعل الاتحاد الأوروبي موحداً كما لم يحدث من قبل".
ولفت زيلينسكي إلى أن "600 مليار مستهلك على الأقل يعتمدون بشكل مباشر على إنتاج أوكرانيا الزراعي"، مشيراً إلى أن الغزو يسلط الضوء على أهمية منتجات الحبوب الأوكرانية.
وتابع: "إن الطاقة الخضراء هي التي تضمن الاستقرار الحقيقي للطاقة، ويمكن لأوكرانيا أن تكون وستكون أحد الموردين الرئيسيين لها"، مشيراً إلى تأثير اعتماد العالم على الوقود الأحفوري الروسي.
وأشار في هذا الصدد إلى أن الموارد والأراضي "لم تكن الأسباب الوحيدة لغزو روسيا"، قائلاً:"الروس خائفون جداً من ديمقراطيتنا، لأنها تمهد الطريق لسيادة القانون، والتخلص من الفساد".
"تكلفة هائلة"
بدورها، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إن الاتحاد الأوروبي يتحمل "مسؤولية خاصة" تجاه أوكرانيا على المدى الطويل، فيما أوجزت الخطط الاستثمارية لدعم كييف.
وأضافت: "لنتحدث عن المستقبل، يخبرنا الأوكرانيون أنهم عندما يتخيلون مستقبلهم، يرون علم أوروبا يرفرف فوق مدنهم. وليس لدي شك في أن أوكرانيا ستكون جزءاً من اتحادنا".
أما بالنسبة لألمانيا، فقد وجهت وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك، نداءً جديداً للمستثمرين من القطاع الخاص للمساهمة في التكلفة "الهائلة" جراء الضرر الذي لحق بأوكرانيا، والذي قدّره البنك الدولي بأكثر من 400 مليار دولار على مدى العقد المقبل.
وقالت بيربوك، قبل مؤتمر تعافي أوكرانيا، الأربعاء في لندن: "إنه يعطيني أملاً كبيراً في أن العديد من الشركات الألمانية لا تزال نشطة في أوكرانيا، رغم الحرب".
وأشارت إلى أن المحادثات، التي تهدف إلى تأمين الدعم الحكومي والتجاري لجهود إعادة الإعمار، يجب أن ينظر إليها على أنها "معرض استثماري للشركات الخاصة".
من جانبها، أعلنت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا آلية جديدة للتأمين ضد الحرب، لدعم تعافي أوكرانيا، من خلال إنشاء آلية تأمين لتغطية الاستثمارات في أوكرانيا ضد المخاطر المرتبطة بالحرب عبر بنك الاستثمار العام الفرنسي.
ويشارك في المؤتمر أكثر من ألف ممثل عن القطاعين الخاص والحكومي من صانعي القرار، بالإضافة إلى أكثر من 60 من ممثلي الحكومات العالمية، إضافة إلى 33 منظمة و400 من رواد الأعمال، ومؤسسات تُعنى بالعمل الإنساني، بحسب وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي.