قمة الميثاق المالي تخصص 100 مليار دولار لمكافحة تغير المناخ بالدول النامية

جانب من المؤتمر الصحافي الختامي لقمة "ميثاق مالي عالمي جديد" المنعقدة في باريس. 23 يونيو 2023 - REUTERS
جانب من المؤتمر الصحافي الختامي لقمة "ميثاق مالي عالمي جديد" المنعقدة في باريس. 23 يونيو 2023 - REUTERS
باريس/ دبي -أ ف برويترزالشرق

أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الجمعة، أن قمة ميثاق مالي عالمي جديد، المنعقدة في باريس، أجمعت على العمل على "إصلاح عميق" للنظام المالي العالمي، ليصبح "أكثر فاعلية وإنصافاً وأكثر تكيفاً مع عالم اليوم"، مشيراً إلى "تعهد متأخر" بقيمة 100 مليار دولار لتمويل مكافحة تغير المناخ في الدول النامية.

وقال ماكرون في الجلسة الختامية للقمة والتي جمعت على مدى يومين نحو 40 رئيس دولة وحكومة "يجب أن نباشر العمل منذ الآن"، معلناً عقد "اجتماع متابعة" في باريس بعد عامين حول هذا "الإجماع الجديد" من أجل "امتلاك أسلحة مالية أفضل لمكافحة الفقر والاحترار المناخي".

وعدد ماكرون النقاط التي أُحرز تقدم بشأنها، ومن ضمنها "إعادة هيكلة ديون زامبيا"و"تحقيق هدف تخصيص صندوق النقد الدولي 100 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة للدول الفقيرة لمساعدتها على صعيد التنمية والانتقال الطاقي".

وخلال القمة، وقعت زامبيا اتفاقاً لإعادة هيكلة ديون بقيمة 6.3 مليار دولار لحكومات أخرى من بينها الصين، وهي أكبر المقرضين الرسميين لزامبيا.

كما أكد ماكرون أنه سيتم أخيراً هذه السنة "تحقيق الوعد الذي قطعته الدول الغنية في عام 2009 بتخصيص 100 مليار دولار في السنة لمساعدة الدول الفقيرة على مواجهة تغير المناخ، بتأخير عن الجدول الزمني المحدد أساساً اعتباراً من 2020".

وتحدث ماكرون بصورة مبهمة عن "بند ديون لمقاومة المناخ" يقضي بتعليق سداد مستحقات الديون في حال وقوع "كارثة طبيعية"، دون أن يحدد البلدان أو المنظمات التي ستطبقه.

ولم تتضمن المبادرات التي عددها ماكرون أي تقدم باتجاه فرض ضريبة على انبعاثات الكربون الناجمة عن حركة الشحن البحري الدولية، رغم أنها كانت من بين الأهداف الرئيسية للقمة، بحسب "فرانس برس".

وقال الرئيس الفرنسي متوجهاً إلى القادة الحاضرين وبينهم الرئيس البرازيلي لولا دا سيفا، ورئيس الوزراء الصيني لي تشيانج، ووزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، وعدد من الرؤساء الأفارقة، أنه "سيكون بإمكان كل الذين هم على استعداد للانضمام رسمياً، التوقيع على قائمة الالتزامات أو المبادرات".

واقترح ماكرون "آلية للمتابعة"، دون أن يصدر عن القمة في الوقت الراهن، أي إعلان مشترك.

وجاء في بيان القمة الذي حصلت عليه "رويترز": "نتوقع زيادة إجمالية قدرها 200 مليار دولار في قدرة بنوك التنمية متعددة الأطراف على الإقراض خلال السنوات العشر المقبلة من خلال تحسين ميزانياتها العمومية وتحمل المزيد من المخاطر".

وأضاف البيان "إذا نُفذت هذه الإصلاحات، قد تحتاج بنوك التنمية متعددة الأطراف إلى رؤوس أموال إضافية".

وعبر العديد من القادة المجتمعين في باريس عن مخاوفهم من أن البنك وصندوق النقد الدوليين يتزايد تقادم نماذج عملهما في مواجهة تحديات مثل تغير المناخ وأعباء الديون في الدول الفقيرة بعد جائحة فيروس كورونا، بحسب "رويترز".

تعاون صيني أميركي

من جهتها، قالت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، إن "العالم يتوقع أن تعمل الولايات المتحدة والصين معاً بوصفهما أكبر اقتصادين في العالم".

وذكرت يلين في جلسة بالقمة شاركت فيها مع رئيس الوزراء الصيني وزعماء آخرين "بوصفنا أكبر اقتصادين في العالم، تقع علينا مسؤولية العمل المشترك في القضايا العالمية"، مضيفةً أنه "أمر يمكننا فعله ويتوقعه العالم منا".

وأشارت يلين في مؤتمر صحافي ختامي للقمة إلى أن "الولايات المتحدة ستعمل في تيسير الاستثمارات في مجالات تحول الطاقة والبنية التحتية المستدامة، كما ستسعى لتعزيز الاستثمارات الدولية في مواجهة التغير المناخي".

وفي المقابل، ناشد رئيس الوزراء الصيني لي تشيانج، بلاده وأوروبا "السمو فوق الخلافات" و"إيجاد حلول إبداعية".

وقال لي "سترفض الصين بشكل قاطع الحمائية التجارية وجميع صور فصل سلاسل الإمداد"، مضيفاً أن بلاده "ستواصل اتخاذ خطوات عملية لدعم بقية الدول النامية".

وأشار إلى أن "الصين مستعدة للاشتراك في جهود تخفيف الدين بطريقة فعالة وواقعية وشاملة بالتماشي مع مبدأ المشاركة العادلة للأعباء".

واعتبرت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، أن "اقتصادياتنا أثبتت أنها مرنه على الرغم من الصدمات التي مرت بها مثل جائحة كورونا والحرب الروسية على أوكرانيا إلا أنها شهدت زيادة في نسبة الفوائد وتضخم الديون".

ودعت جورجيفا في مؤتمر صحافي إلى "ضرورة اتخاذ خطوة للأمام والعمل معناً لمواجهة كل التحديات المقبلة"، مضيفةً أن "التحدي اليوم هو ضمان بأن هيكلية النظام المالي العالمي يمكنه القضاء على الفقر والتغير المناخي وبناء اقتصاد يسمح للشعوب بالازدهار".

مجموعة "ميركوسور"

ولفت الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا إلى أن أحدث اقتراح قدمه الاتحاد الأوروبي من أجل التوصل لاتفاق تجاري مع مجموعة "ميركوسور" الاقتصادية "جعل الأمر مستحيلاً بسبب تضمنه تهديد للبرازيل".

ويحاول الاتحاد الأوروبي ودول مجموعة "ميركوسور" التي تضم الأرجنتين والبرازيل وباراجواي وأوروجواي، إتمام اتفاق تجاري أبرم في 2019 بعد عقدين من المفاوضات.

لكن مصادقة دول الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة، توقفت لا سيما بسبب المخاوف الأوروبية بشأن الحماية البيئية لدول "ميركوسور"، خصوصاً في غابات الأمازون حيث تصاعدت وتيرة إزالة الغابات في عهد الرئيس السابق جايير بولسونارو. 

واقترح الاتحاد الأوروبي ما يسمى بـ "الرسالة الجانبية" مع ضمانات بيئية، لكن رغم أن لولا، الذي تولى منصبه في يناير الماضي يصور نفسه على أنه مناهض لبولسونارو في السياسة البيئية، إلا أنه كان صريحًا في انتقاده لمطالب الاتحاد الأوروبي الجديدة.

وأعرب سيلفا في كلمة له خلال قمة في باريس عن استعداد بلاده لـ"التوصل إلى اتفاق بشأن ميركوسور لكن سيكون غير ممكن في ظل ما تقدم به الاتحاد الأوروبي".

واعتبر أن "الرسالة تشكل تهديداً لشريك استراتيجي للبرازيل"، مشيراً إلى أن "الأمم المتحدة بحاجة إلى استعادة قوتها السياسية"، مشدداً على أنه "لا يمكننا ترك المؤسسات تعمل بطريقة خاطئة".

وتهدف القمة التي انعقدت في باريس إلى تعزيز تمويل الأزمات للدول منخفضة الدخل، وتخفيف أعباء ديونها، وإصلاح الأنظمة المالية بعد الحروب، وإتاحة أموال لمواجهة تغير المناخ من خلال تحقيق توافق في الآراء على أرفع المستويات حول كيفية تعزيز عدد من المبادرات المتعثرة لجهات مثل مجموعة العشرين ومؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب) وصندوق النقد والبنك الدوليين والأمم المتحدة.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات