قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، إن هجمات المستوطنين ضد بلدات في الضفة الغربية تضر بما أسماه "المشروع الاستيطاني"، لكنه شدد على استمرار بناء المستوطنات "رغم الضغوط الدولية"، وسط خلاف بين أعضاء حكومته بشأن التعامل مع هجمات المستوطنين بعد إدانة قادة الأمن والجيش لها.
ودان نتنياهو، في مستهل جلسة الحكومة الأسبوعية في القدس "التصريحات والأفعال التي تدعو إلى احتلال الأراضي بشكل غير قانوني"، معتبراً أنها "تقوض القانون والنظام".
لكن نتنياهو شدد على أن إسرائيل ستستمر في بناء المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، رغم "الضغوط الدولية الهائلة".
وتعتبر معظم الدول المستوطنات التي بنتها إسرائيل على الأراضي التي احتلتها في حرب عام 1967 غير قانونية، وهو ما ترفضه إسرائيل.
"إرهاب قومي"
وفي بيان مشترك، قال قادة الجيش والشرطة وجهاز الأمن الداخلي في إسرائيل إن أفعال المستوطنين ترقى إلى حد "الإرهاب القومي"، وتعهدوا بالتصدي له، وذلك في خضم اتساع الخلافات بين الأجهزة الأمنية والحكومة حول العنف في الضفة الغربية المحتلة.
وأثار هذا الوصف غضب وزراء منتمين لليمين المتشدد في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والذين رفضوا قبل ذلك مقارنة ما يفعله الإسرائيليون بما يقوم به "الفلسطينيون المسلحون".
كما أطلق نتنياهو، الأسبوع الماضي، عبارات استهجان عامة لأعمال الشغب في الضفة الغربية المحتلة.
ورداً على سؤال لوكالة "رويترز" عما إذا كان نتنياهو يوافق على وصف قادة الأمن للهجمات بأنها "إرهاب"، أشار مكتبه إلى بيان رئيس الوزراء وامتنع عن الإدلاء بمزيد من التعليقات.
غضب وزراء اليمين المتطرف
وانتقد وزير الأمن الوطني الإسرائيلي اليميني المتشدد إيتمار بن جفير، الأحد، الشرطة بسبب ما وصفه بأنه "عقاب جماعي" للمستوطنين اليهود، مشيراً إلى أنه "طلب منها توضيح السبب وراء إغلاق بوابات مستوطنة عطيرت لتفتيش القادمين والمغادرين"، وسبب "تعذيب شخص كان يقف في مكان قريب".
وجاء في بيان لحزب بن جفير أنه أبلغ قائد الشرطة أنه "يعارض أي انتهاك للقانون" لكنه لا يقبل "العقاب الجماعي" للمستوطنين.
وهاجم بن جفير نتنياهو، وقال في تصريح عبر تويتر "مشكلة الحكومة في إسرائيل لا تبدأ بالمستوطنين، بل بالتساهل مع المشاغبين".
وأضاف بن جفير "على الحكومة اليمينية أن تحقق رؤيتها... تُواصل الاستيطان في مناطق الضفة الغربية، مع عدم التسامح مطلقاً مع من يهددون بأنه إذا لم نوافق على مطالبهم ستندلع حرب. فلا يجوز لإسرائيل أن تنهار".
وقال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش إن هذه الانتقادات (توصيف قادة الأمن والجيش) لهجمات المستوطنين "غير أخلاقية وخطيرة".
ودعا قوات الأمن إلى تكثيف جهودهم ضد هجمات الفلسطينيين، فيما طالب المستوطنين بالامتناع عن "تطبيق القانون بأيديهم".
ولم ترد الشرطة على طلب للتعليق.
وزراء حزب نتنياهو يمتنعون
وأحجم وزيران على الأقل من حزب ليكود المحافظ بزعامة نتنياهو عن وصف الهجمات بالإرهابية.
وقال وزير الطاقة يسرائيل كاتس لراديو الجيش "أعتقد أن (الهجمات) تصرفات من جانب القوميين -كما جرى توصيفها- مدفوعة بأفكار قومية، وهذا شيء لا ينبغي السماح به".
وأضاف "الإرهاب شيء مختلف".
استمرار الهجمات
وأحرق مستوطنون، الأحد، محاصيل زراعية على مساحة 6 دونمات، في قرية ترمسعيا، شمال رام الله، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".
وأوضحت الوكالة أنه "سبق أن شن مستوطنون تحت حماية قوات الاحتلال الإسرائيلي، الأربعاء الماضي، عدواناً على قرية ترمسعيا، أسفر عن استشهاد الشاب عمر جبارة (أبو القطين)، البالغ من العمر 25 عاماً، وإصابة 12 آخرين بالرصاص الحي، وإحراق نحو 30 منزلاً، وأكثر من 60 مركبة".
وأشارت الوكالة إلى أن "عدداً من المستوطنين اعتدوا على الشاب محمد رداد، وحاولوا بتر إصبع يده"، ولفتت إلى "تجمع عشرات المستوطنين، فجر الأحد، عند مدخل بلدة ياسوف شرق سلفيت، ومفارق وطرق بلدة دير استيا وكفر الديك غرب سلفيت، لمحاولة التسلل إلى منازل المواطنين، والاعتداء عليها".
إدانات دولية
وأثارت هجمات شنها مستوطنون في بلدات وقرى فلسطينية إدانة دولية وبيانات من الولايات المتحدة عبرت فيها عن قلقها.
وانهارت في 2014 محادثات سلام توسطت فيها الولايات المتحدة بين الفلسطينيين وإسرائيل بهدف إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية وغزة.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه اعتقل جندياً يشتبه في مشاركته في "مواجهة عنيفة" في قرية أم صفا، حيث أظهر مقطع فيديو صوره أحد المارة رجلين يصوبان بندقيتين في وجه فلسطيني كان يصرخ فيهما باللغة العربية. وسمعت أصوات طلقات نارية.
وسعى نتنياهو لتهدئة مخاوف الدول الغربية حيال شركائه من القوميين المتشددين، قائلاً إنه سيسيطر على الوضع. لكن نتنياهو أثار قلق الولايات المتحدة فيما يتعلق ببناء المستوطنات.
تغيير المعادلة
من جهة أخرى قال نتنياهو إن إسرائيل غيرت المعادلة ضد النشطاء الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية.
وأشار نتنياهو إلى عمليات عسكرية قامت بها إسرائيل في الأشهر الماضية ضد حركتي حماس والجهاد الإسلامي في غزة، وضد مسلحين في جنين بالضفة الغربية.
وقال "قمنا بتغيير المعادلة تجاه حماس، منذ سنوات حماس لم تطلق صاروخاً واحداً من غزة على الأراضي الإسرائيلية".
وأضاف "الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن تخلصوا من مسلحين في جنين باستخدام طائرات بدون طيار، وهذا مؤشر على ما هو آت.
وشدد نتنياهو على تبني إسرائيل سياسة هجومية تسمح للجيش الإسرائيلي باستخدام جميع الأدوات المتاحة لحماية "أمن مواطني إسرائيل".
اقرأ أيضاً: