قال أحمد المنظري المدير الإقليمي لـ"منظمة الصحة العالمية" في شرق المتوسط، إن 4 ملايين طفل وامرأة حامل ومرضعة، يُعانون من سوء التغذية الحاد في السودان، وذلك بينما يتواصل القتال في البلاد بين الجيش وقوات "الدعم السريع".
وأبلغ المنظري "وكالة أنباء العالم العربي" (AWP) الاثنين، أن "أكثر من 100 ألف طفل دون سن الخامسة يُعانون من سوء التغذية الحاد مع مضاعفات طبية ويحتاجون إلى رعاية متخصصة".
وكان الأمين العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم جيبريسوس قد حذّر من نقص إمدادات المياه والغذاء والأدوية والكهرباء، وسط استمرار النزاع المسلح، والذي أسفر عن خروج نحو 70% من المنشآت الصحية من الخدمة.
وأضاف المنظري أن "أعمال العنف الخطيرة في السودان منذ 10 أسابيع، لها آثار فادحة على الصحة وتُهدد حياة السكان".
وحذّر من احتمال انتشار الأوبئة مع دخول موسم الأمطار، بسبب نقص إمدادات مياه الشرب في ظل خروج بعض محطات المياه من الخدمة، والتقارير التي تفيد بأن الناس يلجأون إلى مياه الأنهار، والمخاوف من تفشي الأمراض.
وتابع أنه "من دواعي القلق توقف جهود مكافحة النواقل الرامية إلى احتواء حمى الضنك والملاريا".
كما عبّر المدير الإقليمي عن خشيته من تفاقم سوء التغذية، مع عدم القدرة على الوصول إلى الأسواق المحلية أو تحمل تكاليفها، فضلاً عن توقف عمليات برنامج الأغذية العالمي.
وكانت "منظمة الصحة العالمية" حذّرت من تفش واسع النطاق لعدد من الأمراض الوبائية في السودان بسبب تدهور النظام الصحي نتيجة الصراع، وعدم قدرة المنظمة ومنظمات أممية وحكومية أخرى على الوصول إلى المناطق المتضررة.
تفشي الأمراض
المنظري أشار إلى جهود المنظمة في الحد من تفشي الأمراض، موضحاً أنه يتم "رصد فاشيات الأمراض والاستجابة لها بسرعة من خلال نشر فرق الاستجابة السريعة. كما قامت منظمة الصحة العالمية بتفعيل نظام إدارة الحوادث على المستوى الإقليمي، لتنسيق الاستجابة في البلدان المتاخمة للسودان التي تستقبل السكان النازحين".
ومضى قائلاً: "تدعم منظمة الصحة العالمية المرافق الصحية القائمة لتحسين الرعاية الصحية الأساسية للسكان في المواقع ذات الأولوية للاستجابة. وفي المناطق التي تفتقر إلى الخدمات الصحية، أنشأت المنظمة عيادات متنقلة في مخيمي بالوش وويدويل للاجئين والعائدين في أويل على حدود جنوب السودان، لضمان حصول الجميع على الخدمات الصحية الأساسية".
وتابع أن المنظمة "تجري أيضاً اختبارات منتظمة لنوعية المياه، لضمان توفير مياه الشرب المأمونة للجميع. وفي حالات سوء التغذية الحاد المصحوب بمضاعفات طبية، توفر المنظمة مجموعات المواد الغذائية اللازمة لتدبيرها. وقمنا بتدريب العاملين في مجال الرعاية الصحية على التدبير العلاجي الجيد للحالات لكل من الأمراض السارية وغير السارية".
وتحدث المنظري عن أن "منظمة الصحة العالمية" أرسلت حتى الآن "ما مجموعه 170 طناً من الإمدادات الطبية إلى الولايات المتضررة من العنف، كما أرسلت عشرات الأطنان من الإمدادات إلى المناطق الحدودية مع بلدان الجوار، التي يتوجه إليها السكان فراراً من العنف، وتشمل الإمدادات أدوية، ولوازم الصدمات والإصابات، وأدوية لمعالجة الأمراض المزمنة والمعدية".
وأكد على أن هناك "نقصاً حاداً في المعدات والأجهزة والأدوية يتفاقم مع استمرار أعمال العنف. كما يُعاني القطاع الصحي من أشكال أخرى من العجز تشمل النقص حاد في إمدادات الأكسجين، وفي إمدادات الدم ومشتقاته، ونقص الأدوية بسبب عدم القدرة على الوصول إلى بعض مستودعات الإمداد".
ويشهد السودان صراعاً مسلحاً بين الجيش وقوات "الدعم السريع" منذ منتصف أبريل الماضي، أسفر عن سقوط مئات الضحايا والجرحى.
كما تشير تقديرات مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إلى هروب أكثر من 2.2 مليون شخص إلى داخل السودان وخارجه.
توسيع نطاق المساعدات
وكانت ممثلة منظمة "اليونيسف" مانديب أوبراين، دعت الأحد، عبر حسابها على "تويتر" إلى "توسيع نطاق توزيع الأغذية العلاجية وعمل مجموعات الرعاية الصحية الأولية لعلاج الأطفال المصابين والمرضى في غرب دارفور".
وأرجعت المسؤولة في المنظمة الأممية ذلك إلى "فرار آلاف العائلات بأطفالها من العنف في غرب دارفور".
وتتركز المعارك في العاصمة ومناطق قريبة منها، بالإضافة إلى إقليم دارفور حيث حذّرت الأمم المتحدة من أن ما يشهده قد يرقى إلى "جرائم ضد الإنسانية" والنزاع فيه يتّخذ أكثر فأكثر أبعاداً عرقية.
كما حذرت "منظمة أطباء بلا حدود" الأحد، من أنّ ولاية النيل الأبيض الواقعة جنوبي الخرطوم، باتت تستقبل "أعداداً متزايدة" من النازحين.
وكتبت المنظمة عبر "تويتر" أن "9 مخيّمات تستضيف مئات آلاف الأشخاص، معظمهم من النساء والأطفال"، محذّرة من أنّ "الوضع حرج" في ظلّ الاشتباه بحالات حصبة وسوء تغذية لدى الأطفال.
وحتى قبل اندلاع الحرب، كان السودان يعدّ من أكثر دول العالم فقراً. ويحتاج 25 مليون شخص في السودان، أي أكثر من نصف عدد السكان، لمساعدة إنسانية وحماية، بحسب الأمم المتحدة.
تواصل المعارك
وميدانياً، تواصلت المعارك في السودان الاثنين، إذ تعرّض وسط العاصمة الخرطوم ومنطقة بحري الواقعة شمالها، لقصف مدفعي مصدره أم درمان، بحسب ما أفاد شهود، بينما جدّد الجيش دعوته المدنيين للتطوّع في صفوفه لقتال قوات "الدعم السريع".
وناشدت القوات المسلّحة السودانية في بيان "الشباب، وكلّ من يستطيع مشاركة القوات المسلحة شرف الدفاع عن كيان وكرامة الأمّة السودانية".
وأضاف الجيش في بيانه أنّه تمّ "توجيه قيادات الفرق والمناطق العسكرية باستقبال وتجهيز المقاتلين".
وهذه ليست المرة الأولى التي يدعو فيها الجيش المواطنين إلى التطوّع في صفوفه، منذ أن بدأ الصراع بينه وبين قوات "الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف باسم "حميدتي" قبل حوالي ثلاثة أشهر.
قصف مدفعي
وأتت هذه الدعوة الجديدة بعيد قصف مدفعي بدأ في الرابعة فجراً في الخرطوم، التي تسمّى العاصمة المثلثة كونها تتألّف من ثلاث مناطق هي الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان.
وأفاد أحد السكّان، بأنّ "قصفاً مدفعياً من شمال أم درمان يستهدف الخرطوم وبحري منذ الرابعة صباحاً". وأكّد هذه المعلومات شهود آخرون.
وفي إقليم دارفور في غرب البلاد، شنّت قوات "الدعم السريع" ليل الأحد هجوماً على مقرّ الجيش في مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور.
اقرأ أيضاً: