مهاجرون يعيشون أوضاعاً صعبة بعد طردهم من صفاقس التونسية

مهاجرون أفارقة في مدينة صفاقس بتونس، 5 يوليو 2023 - AFP
مهاجرون أفارقة في مدينة صفاقس بتونس، 5 يوليو 2023 - AFP
دبي/صفاقس-الشرق

يعيش مئات المهاجرين من جنسيات إفريقيا جنوب الصحراء وضعاً صعباً في منطقة صحراوية جنوب تونس، بعد طردهم من مدينة صفاقس، بحسب شهادات جمعتها وكالة "فرانس برس" الخميس.

وتصاعدت أعمال العنف التي أججتها دعوات للانتقام من المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء في صفاقس الثلاثاء والأربعاء، بعدما قتل كاميروني مواطناً تونسياً من سكان صفاقس خلال صدامات، وفقاً لتصريحات السلطات التونسية.

وزاد هذا الحادث من الاحتقان في مدينة يتذمر سكانها أصلاً من وجود المهاجرين غير القانونيين، خصوصاً أن الكثير منهم يستقرون هناك في انتظار عبور البحر الأبيض المتوسط، في اتجاه السواحل الإيطالية.

وانتشر خطاب الكراهية بشكل متزايد ضد هؤلاء المهاجرين منذ تصريحات الرئيس التونسي قيس سعيّد في فبراير الفائت، والتي انتقد فيها الهجرة غير القانونية، واعتبرها تهديداً ديموغرافياً لبلاده.

وبعد الصدامات التي وقعت مطلع الأسبوع الحالي، طردت قوات الأمن عشرات المهاجرين الأفارقة من صفاقس في وسط-غرب البلاد.

وأفادت منظمات غير حكومية بأنه تم نقل مئات منهم في حافلات إلى مناطق صحراوية في جنوب تونس، بعضها بالقرب من الحدود مع ليبيا، والبعض الآخر من حدود الجزائر.

وكان العديد من المهاجرين وصلوا إلى تونس بشكل غير قانوني، من هذين البلدين برّاً وسيراً على الأقدام.

ويقول عيسى كوني (27 عاماً) المتحدر من مالي لوكالة "فرانس برس" عبر الهاتف، إنه "ليس لدينا ما نأكله أو نشربه. نحن في الصحراء".

ويتابع: "عناصر من الحرس الوطني (التونسي) قبضوا علينا في صفاقس بعد أن اقتحموا منزلنا". ويوضح أنه تم نقله في حافلة بالقرب من الحدود الجزائرية مع عشرات المهاجرين الآخرين الذين كان يعيش معهم في صفاقس.

"محاولة العبور"   

وقبل أن يصل الى تونس حيث كان يعيش من أعمال بسيطة يقوم بها، عمل كوني لمدة عامين في ليبيا، لكن بسبب النزاع في هذا البلد، وغياب الاستقرار والأمن، وجد نفسه مجبراً على الرحيل.

يعبر كوني عن يأسه ويقول: "جئت لأنني سمعت أن تونس تحترم حقوق الإنسان، لكن ما يحدث يظهر أن هذا ليس واقعاً".

يؤكد كوني وآخرون أن ما لا يقل عن ألف مهاجر على الأقل باتوا موجودين الخميس في هذه المنطقة الصحراوية بعد طردهم من صفاقس.

يعتقد مامادو ديمبيلي، وهو مهاجر من مالي يبلغ 31 عاماً، أنه كان في طريقه لتحقيق حلمه في الهجرة إلى أوروبا، عندما اعترض خفر السواحل التونسي الأربعاء القارب الذي كان ينقله في اتجاه السواحل الإيطالية برفقة 46 مهاجراً آخرين.

تلاشت أحلام وصوله إلى إيطاليا. وعوض أن يصل إلى سواحلها، وجد نفسه الخميس وسط الصحراء التونسية، حيث نقلته الشرطة بصحبة العديد من المهاجرين الآخرين.

ووصل إلى تونس قبل خمسة أشهر "لمحاولة العبور" نحو أوروبا قادماً من الجزائر. ويؤكد أنه لا يريد "العودة إلى الجزائر" التي بلغها من بلاده في عبور غير قانوني للحدود البرية.

ويضيف: "مكثت ستة أشهر في الجزائر لمحاولة الذهاب إلى أوروبا من هناك، لكن لم أنجح في ذلك، لذا جئت لأجرب حظي من تونس".

ويتابع أن "في مالي، هناك صراع، ولهذا غادرت. أردت الذهاب إلى أوروبا للعمل، لمساعدة عائلتي".

وفضلاً عن الذين تم نقلهم قسراً إلى الصحراء، هرع عشرات من المهاجرين، خوفاً من انتقام السكان المحليين، الأربعاء والخميس، إلى محطة القطارات بصفاقس للتوجه إلى مدن تونسية أخرى.

ويوضح سليمان ديالو (28 عاماً) وهو مهاجر من غينيا لوكالة "فرانس برس": "كنت نائماً الثلاثاء. جاؤوا إلى المنزل ونهبوا كل شيء. وصلت إلى هنا بالأمس في السادسة صباحاً. أريد أن أذهب إلى المنظمة الدولية للهجرة". ويخلص: "أريد أن أعود إلى بلدي. إنها وجهتي".

اعتداءات

من جهتها، نقلت إذاعة "موازييك أف إم" التونسية، بأن عدداً من المهاجرين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، تجمعوا الخميس، في محطة "جامع اللخمي"، للمطالبة بتوفير مأوى لهم بعد إخراجهم من مساكنهم وسرقة ممتلكاتهم.

وأفادت بأن "عدداً منهم فقدوا كل أموالهم وهواتفهم ووثائقهم، واضطروا إلى البقاء في العراء، كما تعرض البعض منهم إلى التعنيف والاعتداءات من بعض الشبان التونسيين، حين تم إخراجهم قسراً من المنازل التي كانوا يقطنونها".

وعبّر المهاجرون عن "رغبتهم في الانتقال إلى أوروبا، من أجل تحسين أوضاعهم، خاصة أنهم غادروا بلادهم هرباً من الحرب والفقر والبطالة، بحثاً عن العمل والتغطية الصحية والاجتماعية"، وفقاً للمصدر ذاته. 

"وقف الطرد الجماعي"

من جهتها، نقلت وكالة "رويترز" عن منظمة "هيومن رايتس ووتش" مطالبتها السلطات التونسية بوقف عمليات الطرد الجماعي، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل عاجل إلى المهاجرين الأفارقة الذين طردوا إلى منطقة خطرة على الحدود التونسية الليبية.

وذكرت المنظمة أن الأشخاص المطرودين هم من دول إفريقية عديدة، هي ساحل العاج والكاميرون ومالي وغينيا وتشاد والسودان والسنغال، ومن بينهم 29 طفلاً وثلاث نساء حوامل.

وقالت لورين سيبرت الباحثة في حقوق اللاجئين والمهاجرين في المنظمة: "ليس فقط من غير المعقول الإساءة للناس والتخلي عنهم في الصحراء، ولكن الطرد الجماعي ينتهك القانون الدولي".

وتدفق الآلاف من المهاجرين الأفارقة إلى صفاقس في الأشهر الأخيرة بهدف الانطلاق إلى أوروبا في قوارب يديرها مهرّبو البشر، وهو ما دفع إلى أزمة هجرة غير مسبوقة للدولة الواقعة في شمال إفريقيا، والتي تعاني من ظروف اقتصادية صعبة.

وسُجلت زيادة في الهجرة عبر البحر المتوسط من تونس بعد حملة مطلع العام الجاري ضد المهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء الذين يعيشون في البلاد بشكل غير قانوني.

وتتعرض تونس لضغوط من أوروبا لمنع أعداد كبيرة من مغادرة سواحلها. لكن الرئيس قيس سعيد، قال إن تونس لن تكون حرس حدود، ولن تقبل توطين المهاجرين في البلاد.

ووفقاً لآخر الأرقام الصادرة عن وكالة اللاجئين التابعة إلى الأمم المتحدة، وصل أكثر من 51 ألف مهاجر بشكل غير قانوني عن طريق البحر إلى إيطاليا حتى الآن هذا العام، بزيادة أكثر من 150% عن العام الماضي، نصفهم تقريباً من تونس والباقون من ليبيا.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات