واشنطن وطوكيو تعملان على خطة في حال غزو تايوان

الرئيس الأميركي جو بايدن رفقة رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا بزيارة لحديقة السلام كجزء من قمة قادة مجموعة السبع في هيروشيما. 19 مايو 2023  - via REUTERS
الرئيس الأميركي جو بايدن رفقة رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا بزيارة لحديقة السلام كجزء من قمة قادة مجموعة السبع في هيروشيما. 19 مايو 2023 - via REUTERS
دبي-الشرق

كشفت صحيفة "وول ستريت جونال" في تقرير نشرته السبت، أن مسؤولين عسكريين أميركيين ويابانيين يعملون على وضع خطة في حال حدوث صراع في تايوان، منذ أكثر من عام، لكن السؤال الأساسي الذي لم يتم حله بعد، هو ما إذا كانت اليابان ستشارك في الحرب.

ووفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر لم تكشف الصحيفة هويتهم، فإن الولايات المتحدة حثت طوكيو على النظر في أدوار للجيش الياباني في مثل هذا الصراع، مثل البحث عن الغواصات الصينية حول تايوان، لكنها لم تحصل بعد على التزام واضح منها.

ويعتبر هذا التخطيط من أهم جهود واشنطن للتعامل مع التهديد الذي يتمثل في قيام الصين بمحاولة الاستيلاء على تايوان بالقوة، خصوصاً أن بكين تعتبر الجزيرة جزءاً لا يتجزأ منها، وتعهد الرئيس الصيني شي جين بينج مراراً باستعادتها ولو بالقوة.

وتسعى الولايات المتحدة إلى مزيد من الوضوح من اليابان، إذ يحاول الجانبان تطوير خطة تشغيلية مشتركة في ما يتعلق بنزاع تايوان. 

وتقول مصادر الصحيفة، إن المحادثات تشمل طرق الإمداد ومواقع إطلاق الصواريخ وخطط إجلاء اللاجئين، لافتة إلى أن اليابان مستعدة لدعم الجيش الأميركي من خلال توفير الوقود والإمدادات الأخرى. 

بدوره، قال متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية "بنتاجون" إن الولايات المتحدة واليابان "تشتركان في الالتزام بالسلام في مضيق تايوان"، موضحاً أن بلاده ترحب باهتمام طوكيو "بتوسيع أدوارها ومهامها وقدراتها". 

ورداً على سؤال حول التخطيط لصراع حول تايوان، قال متحدث باسم الحكومة اليابانية إن "طوكيو وواشنطن تحتفظان بخطط دفاعية مشتركة"، لكنه امتنع عن الخوض في مزيد من التفاصيل. 

صعوبة إقحام اليابان

ولفتت الصحيفة، إلى أنه إذا حاولت الصين الاستيلاء على تايوان، وقررت الولايات المتحدة التدخل كما تعهد الرئيس الأميركي جو بايدن، فمن المحتمل أن يكون الرد الأول من القواعد الأميركية في جزيرة أوكيناوا اليابانية، والتي تضم أكثر من 54 ألف جندي أميركي.

وبموجب اتفاق يعود إلى ستينيات القرن الماضي، تحتاج الولايات المتحدة إلى موافقة اليابان للقيام بذلك، لكن من غير المرجح أن ترفض طوكيو ذلك، لأن الرفض قد يعرض التحالف الذي يحفظ أمنها للخطر.

ومع ذلك، سيكون من الصعب إقحام اليابان في القتال مباشرة، خصوصاً أن القادة اليابانيين يتجنبون النقاش حول المشاركة في حرب تايوان التي تبعد 70 ميلاً فقط عن اليابان، نظراً إلى أن الرأي العام الياباني يعارض التورط في الصراع.  

وقال ساتورو موري، أستاذ السياسة في "جامعة كيو" في طوكيو: "إذا طرحت سؤالاً حول ما إذا كنت على استعداد للمخاطرة بحياتك للدفاع عن تايوان، أعتقد أن 90% من اليابانيين سيقولون لا".

استثمار "دفاعي"

وتستثمر طوكيو بكثافة في صواريخ كروز بعيدة المدى وغيرها من المعدات، رداً على ترسانة الصين المتنامية، لكنها تقول إن هذا الاستثمار يهدف لـ"الدفاع عن النفس".  

وقال رئيس الوزراء فوميو كيشيدا في زيارة قام بها مؤخراً إلى أوكيناوا: "علينا أن ننفق المزيد على الردع العسكري للحد من خطر تعرضنا للهجوم". 

وينبذ الدستور الياباني، الذي صاغته الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، استخدام القوة لتسوية النزاعات، لكن بموجب قانون تمت الموافقة عليه في عام 2015 في عهد رئيس الوزراء آنذاك شينزو آبي، يمكن لليابان الرد عسكرياً، إذا تعرض حليف وثيق لهجوم بالقرب من البلاد. 

ويُشغّل الجيش الياباني، المعروف باسم قوات الدفاع الذاتي، حالياً 50 مدمرة و22 غواصة هجومية، بالإضافة إلى أكثر من 300 مقاتلة نفاثة، إذ وضع نهاية العام الماضي استراتيجية لرفع الإنفاق العسكري بنحو 60% على مدى السنوات الـ 5 المقبلة إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي. 

وتخطط اليابان أيضاً، للحصول على صواريخ "توماهوك" الأميركية وصواريخ "كروز" بعيدة المدى جاهزة للاستخدام، في وقت ما بعد ربيع عام 2026. ومن المقرر أن ينمو أسطولها من مقاتلات الشبح من طراز F 35 من نحو 30 إلى 147 طائرة، وهي أكبر مجموعة من تلك الطائرات خارج الولايات المتحدة. 

من جهته، قال مسؤول الأمن القومي السابق ومستشار رئيس الوزراء السابق شينزو آبي، نوبوكاتسو كانيهارا، إن اليابان تبني جيشها وقواتها البحرية والجوية، فضلاً عن تعزيز القدرات الفضائية والسيبرانية، و"خلال خمس سنوات مقبلة، عندما يصبح لدينا شكلاً جديداً للجيش، سيتعين علينا التحدث عن الأدوار والمهام الجديدة في المنطقة".

وفي عام 2021، وخلال خطاب لجمع التبرعات، قال نائب رئيس الوزراء آنذاك تارو آسو، إن الحرب على تايوان قد تهدد بقاء اليابان، وهو ما يبرر مساعدة اليابان في الدفاع عن الجزيرة.

سناريوهات الرد

وتطرقت الصحيفة إلى عمليات المحاكاة التي أجراها في وقت سابق من هذا العام "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" في واشنطن، والتي أشارت إلى قدرة الولايات المتحدة على منع الصين من الاستيلاء على تايوان، بدعم من حلفاء مثل اليابان وأستراليا.

وفي معظم سيناريوهات المحاكاة الحربية للمركز، تنضم اليابان إلى الولايات المتحدة في القتال، بعد أن تهاجم الصين القواعد الأميركية في الأراضي اليابانية، وتدمر مئات الطائرات الأميركية واليابانية. 

وفي ظل تلك السيناريوهات، ستهاجم السفن والطائرات اليابانية الناجية الصينيين إلى الشمال والشرق من تايوان، وتساعد في اعتراض سفن الغزو البرمائية الصينية، قبل أن تطغى على الجزيرة، في وقت ستلعب الغواصات اليابانية التي يصعب اكتشافها، دوراً حيوياً في إغراق السفن الصينية. 

وسيلعب الهجوم الصيني على القواعد الأميركية في اليابان، دوراً أساسياً في إنهاء التردد الياباني، إلا أن بعض المحللين العسكريين الأميركيين واليابانيين يشيرون إلى عدم وجود أي ضمانة بأن الأمر سيتجه وفق هذا السيناريو.

وأكثر ما يقلق طوكيو بشأن التورط في القتال هو خطر التصعيد، مثل احتمال مهاجمة روسيا أو كوريا الشمالية المتحالفتان مع الصين، اليابان، أو التهديد باستخدام الأسلحة النووية.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات