"مؤتمر روما" يتفق على خطوات للحد من الهجرة غير الشرعية

مؤتمر الهجرة والتنمية في روما،  23 يوليو 2023 - facebook/Presidence.tn
مؤتمر الهجرة والتنمية في روما، 23 يوليو 2023 - facebook/Presidence.tn
روما/ دبي- الشرقرويترز

اتفق المجتمعون في مؤتمر الهجرة والتنمية في روما، على سلسلة خطوات تهدف لإبطاء الهجرة غير الشرعية، ومعالجة بعض الضغوط التي تدفع الناس للانفصال عن جذورهم، ومحاولة الوصول إلى أوروبا.

واستضافت العاصمة الإيطالية روما، الأحد، مؤتمراً دولياً للتنمية والهجرة، بمشاركة دول من أوروبا وجنوب البحر المتوسط وإفريقيا والخليج العربي. ويأمل الاتحاد الأوروبي، في الحد من تدفق المهاجرين غير النظاميين إلى أراضيه، انطلاقاً من سواحل البحر المتوسط.

وأظهرت مسودة نتائج الاجتماع الذي استمر ليوم واحد وترأسته رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني، التزاماً بقمع تهريب البشر، وكذلك تحسين التعاون بين الدول الأوروبية والإفريقية في مجالات مثل الطاقة المتجددة لمكافحة تغير المناخ وتحسين مستقبل الدول الفقيرة.

ووافق المشاركون في الاجتماع، والذين يمثلون أكثر من 20 دولة، على توفير التمويل اللازم لدعم مشاريع التنمية، فيما أطلقت عليه ميلوني اسم "عملية روما" التي ستستمر لعدة سنوات.

ولفتت إلى أن المشاركين اتفقوا على أن آثار تغير المناخ، تهدد التنمية المستدامة، وأكدوا على التزامهم بتنفيذ اتفاقية باريس المناخية. 

كما أظهرت الوثيقة أن المشاركين اتفقوا على إتاحة التمويل لتطوير الدول التي ينطلق منها المهاجرون، ودول العبور.

وأشارت ميلوني في مؤتمر صحافي بعد انتهاء المؤتمر، إلى تنظيم مؤتمر للمانحين في أعقاب مؤتمر الهجرة، مشيرة إلى إنشاء صندوق سيتم تمويله في المؤتمر، في مبادرة ساهمت فيها الإمارات بمئة مليون يورو.

اتفاقات جديدة

وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين دعت، الأحد، إلى إبرام اتفاقات جديدة للتصدي للهجرة غير النظامية، بعد أسبوع من توقيع الاتحاد الأوروبي اتفاق شراكة مع تونس، في وقت أعلنت إيطاليا استعدادها لإطلاق مشاريع تنموية هدفها دعم الدول الإفريقية.

وخلال المؤتمر قالت فون دير لايين، إنه "لمواجهة تحدي الهجرة في أوروبا، نحتاج إلى شراكات استراتيجية جديدة، مثل تلك التي بدأناها مع تونس".

ووقّع الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي، مذكرة تفاهم مع تونس بشأن اتفاق "شراكة استراتيجية"؛ تشمل تضييق الخناق على مهربي البشر، وتشديد الرقابة على الحدود.

وأوضحت فون دير لايين، أن جميع العوامل المتعلقة بالهجرة غير النظامية "تتطلب طريقة جديدة في التفكير، وتطوير شراكات استراتيجية وعالمية جديدة بين شواطئ البحر المتوسط".

ردع المهربين

وأعلنت ميلوني، أن بلادها تستعد لإطلاق مشاريع تنموية هدفها دعم الدول الإفريقية، مشددةً على ضرورة "تشديد القوانين الرامية لردع المهربين".

ودعت إلى "تعاون أوسع من أجل دعم التنمية في إفريقيا، وبشكل عام الدول التي تعد مصدراً لدفق المهاجرين غير الشرعيين"، مشددةً على ضرورة "التعامل مع الأسباب الجذرية للهجرة غير الشرعية".

وأكدت ميلوني ضرورة "ملاحقة مهربي البشر"، وأن "نطور القوانين في حال كانت غير كافية، إذ لا يجوز لهذه الشبكات أن تستفيد من الثغرات القانونية"، موضحةً أن "الهجرة الجماعية غير الشرعية تلحق الضرر بدولنا".

الهجرة الشرعية

وأوضحت ميلوني أن من وسائل مكافحة الهجرة غير الشرعية "فتح مجال للهجرة الشرعية"، لافتةً إلى حاجة "إيطاليا وأوروبا إلى الهجرة النظامية".

وأعربت رئيسة وزراء إيطاليا عن انفتاح بلادها للهجرة الشرعية، وقالت: "ضاعفنا 3 مرات أعداد المسموح لهم بالدخول إلى إيطاليا، كما أننا وضعنا حزمة معنية للدول التي سوف تساعدنا في مكافحة الهجرة غير الشرعية".

دعم اللاجئين

وشددت رئيسة الوزراء الإيطالية على أهمية "دعم اللاجئين، فهو واجب ولا يمكن لأحد أن يتهرب منه"، لافتة إلى أن "الذين يعانون من ظواهر مثل المجاعة وغيرها، لهم الحق في طلب الإنقاذ، حتى لو دعا ذلك عبور الحدود"، معتبرةً ذلك "حقاً إنسانياً".

لكنها أضافت: "هذا الحق لا يعني أن هناك احتمال للترحيب بهم في أي مكان بالعالم، فعبء هذا الأمر يكون على الدول المجاورة"، مشيرةً إلى ضرورة "دعم دول مثل تركيا التي تحتضن أكبر عدد من اللاجئين"، وبولندا التي احتضنت عدداً كبيراً من الأوكرانيين.

وأعلنت ميلوني خلال المؤتمر أنها ستطلق مشاريع تنموية لدعم الدول الإفريقية والدول المطلة على البحر المتوسط، مشيرةً إلى أنها تستهدف قطاعات "الزراعة والطاقة والبنية التحتية والتعليم والتدريب والصحة والمياه"، معربةً عن سعيها لـ"إنشاء صندوق لدعم هذه المشاريع".

وتكافح إيطاليا للتعامل مع عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين يصلون إلى أراضيها، وخاصة جزيرة إلى لامبيدوزا الواقعة في أقصى الجنوب.

لكنها تعاني أيضاً من ارتفاع نسبة الشيخوخة بين سكانها وتناقص عددهم، وتحتاج إلى المزيد من العمال لدعم اقتصادها.

وتعهدت إيطاليا، في وقت سابق من هذا الشهر، بإصدار 452 ألف تأشيرة عمل جديدة للأفراد من خارج الاتحاد الأوروبي بين 2023 و2025، مما يزيد عدد تصاريح العمل المتاحة سنوياً إلى 165 ألفاً في 2025. وأصدرت إيطاليا 30850 تأشيرة فقط في 2019، أي قبل ظهور جائحة كورونا.

وارتفع عدد الوافدين إلى إيطاليا هذا العام، مع وصول أكثر من 83 ألف شخص إلى شواطئها، مقارنة مع نحو 34 ألفاً في الفترة نفسها من العام الماضي.

"مسار روما"

وأعلن رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد، خلال مشاركته في المؤتمر، مساهمة بلاده بمبلغ 100 مليون دولار لدعم المشاريع التنموية في الدول المتأثرة من ظاهرة الهجرة غير الشرعية، والمبادرات المطروحة في "مسار روما"، بحسب وكالة أنباء الإمارات.

الشيخ محمد بن زايد رئيس الإمارات خلال لقائه رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين على هامش مؤتمر الهجرة والتنمية في روما، 23 يوليو 2023 - twitter/vonderleyen
الشيخ محمد بن زايد رئيس الإمارات خلال لقائه رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين على هامش مؤتمر الهجرة والتنمية في روما، 23 يوليو 2023 - twitter/vonderleyen

وقال الشيخ محمد بن زايد، إن المؤتمر "يؤكد رغبة دولنا في تعزيز التعاون والتكامل والعمل المشترك بشأن قضية دولية على درجة كبيرة من الأهمية والحساسية، وهي قضية الهجرة غير النظامية، بما يخدم تطلعات الشعوب نحو الاستقرار والتنمية والازدهار".

وأشار إلى أن "التعامل مع حالات النزوح، من لجوء أو هجرة، يتطلب تعزيز الجهود المشتركة لمعالجة المسببات الرئيسية، عبر جهود تنموية شاملة، وتعاون وثيق بين جميع الدول المتأثرة، والتي تشمل دول المصدر والعبور والدول المستضيفة للاجئين والمهاجرين".

"نظام جديد"

ودعا الرئيس التونسي قيس سعيد إلى ضرورة وضع حد لظاهرة "الهجرة غير الإنسانية والقضاء على أسبابها العميقة والتصدي للشبكات الإجرامية التي تقف وراءها".

اعتبر سعيد أن "الواجب يقتضي منا اليوم، والأمم المتحدة على وجه الخصوص، إنشاء مؤسسة مالية عالمية يتم تمويلها من القروض بعد إلغاءها، ومن الأموال المنهوبة بعد استرجاعها، بهدف إرساء نظام إنساني جديد".

وأشار سعيد إلى بروز "شبكات الاتجار بالبشر وبأعضاء البشر خلال أعوام، إذ صار النشاط يحتل المركز الثالث في الأرباح بعد تجارة السلاح والمخدرات"، لافتاً إلى أنها "تدر لهم أكثر من 150 مليار دولار من العائدات سنوياً".

وشدد سعيد على أن تونس "لن تقبل أبداً بأن تكون ممراً ولا مستقراً لمن هم خارج القانون، وخفر سواحلنا لن يحرس إلا سواحلنا"، موضحاً الحاجة لـ"جهود جماعية وليست فردية".

وتعاني تونس، التي تواجه أزمة اقتصادية خانقة، من تدفق المهاجرين غير النظاميين القادمين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، والذين يأملون في الوصول للأراضي الأوروبية هرباً من الصراعات والفقر في بلدانهم، وبحثاً عن حياة أفضل.

لا للتوطين

إلى ذلك، دعا رئيس الحكومة المقالة من قبل البرلمان في ليبيا عبد الحميد الدبيبة إلى إقامة "شراكة متوازنة" مع مفوضية الاتحاد الأوروبي في مكافحة الهجرة غير النظامية.

وقال الدبيبة في كلمة أمام المؤتمر: "لا تتضمن رؤيتنا أي اقتراح لتوطين المهاجرين في مناطق العبور ومنها ليبيا... فهذا يتعارض مع مبدأ السيادة الوطنية".

وأضاف: "سنطالب بحق ليبيا في الحصول على الدعم الدولي في ملف الهجرة أمنياً وسياسياً ومادياً"، مشيراً إلى أن ليبيا أطلقت عملية عسكرية ضد شبكات تهريب الوقود والبشر.

ووفقاً للدبيبة، تستضيف ليبيا مليوني لاجئ تقريباً من جنسيات عربية وإفريقية وآسيوية، بينهم ما يقرب من تسعة آلاف فقط يقيمون في مراكز الإيواء.

ودعا محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، الدول الغنية لمد يد العون. وقال: "مستعدون للمشاركة بفاعلية لوقف معاناة المهاجرين".

دعم لا يكفي

كذلك، اعتبر رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، أن الدعم الدولي لمصر في ملف التعامل مع اللاجئين والوافدين "لا يتناسب مع حجم الأعباء التي تتحملها".

وأضاف في كلمته أمام المؤتمر الدولي للهجرة والتنمية في روما، نيابة عن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أن مصر تستضيف أكثر من 9 ملايين مهاجر ولاجئ، بنسبة تتجاوز 8% من تعداد السكان، مؤكداً أنهم يستفيدون من الخدمات التي تقدمها الحكومة مثل التعليم والصحة، على قدم المساواة مع المصريين.

وأوضح رئيس الوزراء المصري، أن زيادة تدفقات الهجرة غير الشرعية، تتطلب "عقد شراكات مستدامة تحقق المنفعة المشتركة"، مشيراً إلى أن مصر انتهجت طريقة في التعامل مع ظاهرة الهجرة غير الشرعية؛ أسفرت عن عدم إبحار أي مركب يقل مهاجرين غير شرعيين من السواحل المصرية، منذ سبتمبر 2016.

وأشار مدبولي إلى أن مصر استقبلت مؤخراً ما يقرب من 40% من إجمالي الفارين من أعمال العنف في السودان، و "لم تتوانَ عن تقديم الدعم وتوفير الخدمات الأساسية للوافدين السودانيين، على الرغم من التحديات الاقتصادية المتزايدة".

تحذير

من جانبه، قال رئيس الوزراء الجزائري أيمن بن عبد الرحمن أن بلاده تحولت من بلد مصدر وعبور إلى بلد استقبال واستقرار للمهاجرين القادمين من دول منطقة الساحل والصحراء، ومن بعض مناطق النزاع في بعض البلدان العربية.

وأضاف أن الجزائر تبنت لعدة سنوات "بحكم تضامنها الدائم مع دول الجوار" سياسة متساهلة إلى حد ما تجاه هذه التدفقات، ما أدى لارتفاع غير مسبوق في أعداد المهاجرين غير الشرعيين الذين استقروا على أرضها، مشيراً إلى تداعيات ذلك على مختلف الأصعدة.

وحذر من تفاقم الظاهرة ما لم يتم اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهتها، موضحاً أن المعالجة الأمنية للهجرة غير الشرعية لا تساهم بشكل مستدام في معالجة الظاهرة، داعياً إلى تبني حلول شاملة تضمن تحقيق الاستقرار والدفع بالتنمية وخلق فرص العمل للشباب، عبر التعاون بين دول الشمال والجنوب، مشيراً إلى قرار الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بتخصيص مليار دولار لدعم التنمية والاندماج في دول إفريقيا.

وحث على حشد المزيد من التمويل، بما في ذلك من خلال أدوات الاتحاد الأوروبي للتعاون الدولي والتنمية، "من أجل تنفيذ المشاريع الاجتماعية والاقتصادية، واعادة الإدماج"، و"لغرض مكافحة شبكات تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات