بتهم فساد.. قادة بأخطر وحدات الجيش الصيني في مرمى نيران شي

الرئيس الصيني شي جين بينج في صورة تذكارية مع ضباط قيادة المسرح الشرقي في مقاطعة جيانجسو شرق البلاد. 6 يوليو 2023 - Xinhua.cn
الرئيس الصيني شي جين بينج في صورة تذكارية مع ضباط قيادة المسرح الشرقي في مقاطعة جيانجسو شرق البلاد. 6 يوليو 2023 - Xinhua.cn
دبي-الشرق

أطلق الرئيس الصيني شي جين بينج حملة جديدة لفرض الانضباط واستئصال الفساد في الجيش يرتقب أن تطيح بقادة بارزين، فيما يسعى لتوطيد سلطته على الجيش، بحسب "فاينانشال تايمز".

وقالت الصحيفة إن الحملة الجديدة تشير إلى أن الجهود التي بذلها شي جين بينج طيلة العقد الأخير لفرض سيطرة شخصية مطلقة على الجيش لم تحقق أهدافها.

وقال شي خلال اجتماعين رفيعي المستوى مع قيادة الجيش في بكين خلال يوليو الماضي، إنه يجب "التركيز على حل المشكلات البارزة التي ما زالت مستمرة في مؤسسات الحزب على جميع المستويات، فيما يتعلق بفرض قيادة مطلقة للحزب على الجيش".

وخلال زيارة تفقدية لقيادة الجيش الغربية بمقاطعة شيتشوان قبيل الاحتفال، وجّه شي بـ"اتخاذ خطوات صارمة لتحسين سلوك الحزب وفرض الانضباط به"، بحسب ما أفادت وكالة الأنباء الصينية "شينخوا" الأحد.

وفي وقت سابق من يوليو، دعت اللجنة العسكرية المركزية، وهي أعلى هيئة بالجيش ويترأسها شي،  إلى إنشاء "آلية تحذير مبكر لمخاطر النزاهة في الجيش"، وأعلنت عن فتح تحقيق بشبهات فساد في مجال توريد المعدات تعود إلى نحو 6 سنوات.

استهداف "القوة الصاروخية"

تأتي حملة شي الجديدة لفرض الانضباط داخل الحزب في وقت اختفى عن الأنظار عدد من كبار ضباط "القوة الصاروخية" (Rocket Force) التابعة للجيش، والتي تشرف على ترسانات الصواريخ النووية والتقليدية للبلاد.

وأشارت "فاينانشال تايمز" إلى أن التوقف عن الظهور العام لمثل هؤلاء المسؤولين في الصين يكون في العادة مؤشراً على خضوعهم للتحقيق.

ولم يرد اسم لي يوتشاو، قائد "القوة الصاروخية" ضمن الجنرالات الذين تمت ترقيتهم من قبل الرئيس شي أواخر يونيو الماضي، في حفل كان من المتوقع أن يحضره يوتشاو. 

وفقاً لـCercius، وهي شركة استشارات كندية تتعقب السياسة الصينية، فإن وضع حوالي 10 مسؤولين حاليين وسابقين في "القوة الصاروخية" غير واضح، بما في ذلك قائد القوة لي يوتشاو ونائبه ليو جوانجبين.

ورجح رود لي، مدير الأبحاث بمعهد الدراسات الفضائية الصينية التابع لجامعة القوات الجوية الأميركية والخبير في "القوة الصاروخية" للجيش الصيني، أن "يكون بعض هؤلاء الأفراد إن لم يكن جميعهم، بما في ذلك القادة الحاليين والسابقين، قيد التحقيق بسبب قضايا تتعلق بالانضباط أو الفساد".

وكانت صحيفة "ساوث شاينا مورننينج بوست"، أفادت الجمعة، بأن العديد من الضباط الحاليين والسابقين في القوة الصاروخية، بما في ذلك قائد القوة لي يوتشاو ونائبه ليو جوانجبين، تم استهدافهم في تحقيق غير معلن يتعلق بشبهات فساد، مشيرةً إلى أن التحقيق بدأ بعد فترة قليلة من مارس الماضي.

اعتقالات

واعتبرت Cercius أن حملة اعتقالات وتوقيف جرت أواخر العام الماضي واستهدفت مسؤولين من مستوى أدنى مرتبطين بالقوة الصاروخية كانت بمثابة إشارة إلى وجود تحقيق أوسع.

ولفتت الشركة الاستشارية إلى أنه من الشائع أن يعقب التحقيق مع صغار المسؤولين اعتقال مسؤولين كباراً بتهم الفساد في غضون بضعة أشهر.

في بداية يونيو الماضي، أعلنت اللجنة المركزية لفحص الانضباط، وهي أعلى هيئة رقابية لدى الحزب الشيوعي، اعتقال أكثر من 39 مسؤولاً عسكرياً وسياسياً كبيراً منذ مؤتمر الحزب في أكتوبر الماضي، لكنها لم تنشر أسماء كل الأشخاص الذين يواجهون المحاكمة.

وخلال عهد الرئيس شي، تم استخدام الحملات القضائية ضد الفساد لأغراض مزدوجة، بحسب "فاينانشال تايمز"، التي أشارت إلى أنها تحولت إلى وسيلة إلى الإطاحة بالخصوم السياسيين للرئيس شي فضلاً عن مكافحة الفساد.

وبدأ شي حملته ضد الفساد لدى وصوله إلى السلطة قبل 10 سنوات، واعداً بإسقاط "النمور"، في إشارة إلى كبار القادة، و"الذباب" في إشارة إلى صغار الموظفين، متهماً إياهم بتقاضي رشاوى واختلاس أموال.

ومنذ ذلك الحين، أسفرت الحملة عن توقيف نحو 5 ملايين من المسؤولين الصغار وآلاف "النمور"، وحققت الصين تقدماً في ترتيب منظمة الشفافية الدولية لمؤشر الفساد.

تسريب معلومات عسكرية

بحسب "فاينانشال تايمز"، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان تركيز شي المتجدد على الجيش نتيجةَ لحالة خاصة أو لقلق أكبر بشأن الولاء السياسي.

وأشارت الصحيفة إلى أن "القوة الصاروخية" هي واحدة من أكثر وحدات الجيش الصيني أهمية من الناحية الاستراتيجية، لتوليها مسؤولية الردع النووي الذي يتوسع بسرعة في الصين بالإضافة إلى تحكمها في نظم الصواريخ الحاسمة في أي هجوم محتمل على تايوان.

وقال مسؤولان بحكومة أجنبية على علم بالمعلومات الاستخبارات ذات الصلة لـ"فاينانشال تايمز"، إن قادة "القوة الصاروخية يخضعون لتحقيق بتهمة تسريب معلومات عسكرية".

وقال أحد المسؤلين إن "الدافع وراء التحقيق كان حقيقة توفرنا، نحن خارج الصين، على فهم مفصل وجيد لهيكل القوة الصاروخية"، مضيفاً أن  "الأمر يتعلق بالكشف عن الأسرار".

ومنذ توليه السلطة، ركز شي على إحكام قبضته على الجيش بعدما كان بدأ في الخروج عن سيطرة الحزب الشيوعي، وفقاً لفيليب ساوندرز، مدير مركز دراسة الشؤون العسكرية الصينية في جامعة الدفاع الوطنية الأميركية الذي أشار إلى اعتقالات شملت قيادة الجيش منذ ذلك الحين بتهم الفساد.

وأضاف ساوندرز: "بعد مرور 10 سنوات على تولي شي السلطة، بات هناك جيلاً جديداً من القادة في الجيش، فيما تلاشى الخوف من حملات الفساد ".

وأشار إلى أن شي ربما يعتبر أن "هناك حاجة من وقت لآخر لإعادة إطلاق الحملات ضد الفساد وإعادة التأكيد سياسياً على ضرورة ولاء قادة الجيش للحزب".

الولاء المطلق

على مدى العقد الماضي، نقل شي مسؤولية الرقابة العسكرية مثل مكتب التدقيق ولجنة فحص الانضباط مباشرة إلى اللجنة العسكرية المركزية، التي يترأسها بنفسه، وذلك لمنع أي تواطؤ بين أقسام الجيش.

ومع اقتراب الاحتفال بيوم الجيش الصيني الذي يوافق الأول من أغسطس المقبل، نشرت وسائل الإعلام الرسمية في الصين سلسلة مقالات تحض على "تعزيز الحوكمة العسكرية".

وقال لايل موريس المدير السابق لشؤون الصين بمكتب وزير الدفاع الأميركي إن حديث وسائل الإعلام الرسمية عن مشاكل متعلقة بالحوكمة في الجيش "مؤشر على أن ولاء الجيش المطلق للحزب لم يتم تحقيقه".

واعتبر أن الرئيس شي "عزز سيطرته الشخصية على جيش التحرير الشعبي الصيني بطرق غير مسبوقة. لكن هذا لا يعني أنه حقق سيطرة كاملة".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات