أعلنت إيطاليا معارضتها لأي تدخل عسكري للغرب في النيجر، رداً على الانقلاب العسكري الذي شهدته البلاد الأسبوع الماضي، فيما يلتقي مسؤولون عسكريون للدول الأعضاء في المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا "إيكواس"، الأربعاء، في عاصمة نيجيريا أبوجا، لمناقشة الوضع السياسي، بعدما هدّد التكتل باستخدام القوة لاستعادة النظام الدستوري.
وقال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني للتلفزون الإيطالي، الأربعاء، إنه يجب استبعاد أي تدخل عسكري للغرب في النيجر. وأضاف: "يجب علينا العمل لاستعادة الديمقراطية في النيجر، يجب علينا استبعاد أي تدخل عسكري غربي، لأنه سيتم النظر إليه على أنه استعمار جديد".
ويأتي ذلك، فيما قالت "إيكواس" في بيان، إن لجنة رؤساء أركان قوات دفاع المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا سيلتقون في أبوجا من الأربعاء حتى الجمعة، بشأن الوضع السياسي في جمهورية النيجر.
وأضاف البيان أن الاجتماع يأتي بناء على قرارات القمة الاستثنائية لقادة المجموعة الاقتصادية، الأحد الماضي.
وقرر قادة المجموعة خلال القمة الاستثنائية، الأحد، إمهال قادة الإنقلاب العسكري في النيجر أسبوعاً للإفراج عن الرئيس محمد بازوم، وإعادته للسلطة، واستعادة النظام الدستوري بالكامل، وهددوا باتخاذ إجراءات من ضمنها "استخدام القوة" في حال عدم الالتزام بذلك.
ولم يصدر أي تعليق من رئيس النيجر محمد بازوم، منذ فجر الخميس، حين جرى احتجازه داخل القصر الرئاسي، لكن الاتحاد الأوروبي وفرنسا وآخرون، يقولون إنهم ما زالوا يعترفون به رئيساً شرعياً.
وقررت "إيكواس" كذلك تجميد أصول جمهورية النيجر في البنوك المركزية للدول الأعضاء بها، كما فرضت عقوبات مالية وحظر سفر على قادة الانقلاب العسكري.
تحركات أميركية
وأشادت الولايات المتحدة بقرارت القمة، وقالت إنها ترحب بـ"القيادة القوية لرؤساء دول وحكومات إيكواس للدفاع عن النظام الدستوري في النيجر، وإجراءاتهم التي تحترم إرادة شعب النيجر، وتتماشى مع مبادئ عدم التسامح مطلقاً مع التغييرات اللادستورية التي تكرسها مجموعة إيكواس، والاتحاد الإفريقي".
وتتكون المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) من 15 عضواً، بجانب الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا، المؤلف من 8 أعضاء.
والنيجر واحدة من أفقر دول العالم، وتتلقى مساعدات تنموية رسمية تقدر قيمتها بنحو ملياري دولار سنوياً، وفقاً للبنك الدولي.
وناقش وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الثلاثاء، التطورات في النيجر مع رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فقي.
وجاء في بيان للخارجية الأميركية أن بلينكن وفقي أكدا على الأولوية المشتركة للولايات المتحدة والاتحاد الإفريقي المتمثلة في الإطلاق الفوري لرئيس النيجر محمد بازوم.
وأطاح الانقلاب في النيجر الأسبوع الماضي بالرئيس الموالي للغرب محمد بازوم، وأنشأ قادة الانقلاب مجلساً عسكرياً بقيادة الجنرال عمر تياني، الذي كان يدير الحرس الرئاسي سابقاً.
وكان بازوم سمح للقوات الأميركية والفرنسية باستخدام النيجر كقواعد لتنفيذ عمليات "مكافحة الإرهاب" في جميع أنحاء المنطقة.
نهج مختلف
ويشير تلويح "إيكواس" باستخدام الخيار العسكري في أزمة النيجر إلى نهج مختلف في سياسة التكتل، الذي لا يصدر في العادة مثل هذه التهديدات العسكرية، بحسب "فاينانشيال تايمز".
ويرجع محللون هذا التحول إلى الانتقادات التي واجهها "إيكواس" لفشله في اتخاذ موقف قوي، تجاه الانقلابات السابقة في غرب إفريقيا.
وقال بول ميلي، خبير شؤون الساحل في معهد تشاتام هاوس للدراسات: "بعد أن فشلت التكتيكات القوية في مواجهة المجلس العسكري الحاكم في مالي، حاول إيكواس انتهاج سياسة ناعمة في التعامل مع بوركينا فاسو وغينيا بعد الانقلابات هناك، وهي سياسة أثبتت عدم فاعليتها كذلك، إذ نجحت القيادة العسكرية في البلدين في الاستمرار".
وأشار ميلي إلى أن "إيكواس تعود الآن لاعتماد النهج القوي الذي اعتمدته مع مالي، مع وجود اختلاف يتمثل في القيادة الجديدة للتكتل"، في إشارة إلى الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو الذي تولى رئاسة مجموعة إيكواس في يوليو الماضي خلفاً للرئيس البيساو غيني عمارو سيسوكو إمبالو.
اختبار رئاسة نيجيريا
ونقلت "فايننشيال تايمز" عن أفولابي أديكاياوجا، محلل في مركز الديمقراطية والتنمية، قوله إن الانقلاب يعد بمثابة "لحظة حاسمة لإيكواس وقدرة التكتل على الحد من محاولات الاستيلاء غير الدستوري على السلطة في المنطقة".
وأشار إلى أن الرئيس النيجيري تينوبو يحاول الذهاب بعيداً في هذه المساعي، قائلاً إنه يريد "أن يُنظر إليه على أنه الرجل الذي أعاد الديمقراطية إلى النيجر، وهو ما سيعزز كذلك مكانة وقوة نيجيريا في المنطقة".
وقال عضو بارز في حزب تينوبو لـ"فاينانشيال تايمز"، إن الرئيس النيجيري الجديد لديه فرصة لإحياء السياسة الخارجية القوية، التي طالما قال في خطاباته إن نيجيريا افتقدتها منذ أن غادر الرئيس السابق أولوسيجون أوباسانجو الرئاسة في عام 2007.
وساعد أوباسانجو، الذي توسط مؤخراً في تسوية لإنهاء الحرب الأهلية في إثيوبيا، على تعزيز الديمقراطية في المنطقة، كما ساهم في إعادة الرئيس المعزول في ساو تومي وبرينسيبي إلى بلاده، بعد أن تمت الإطاحة به في انقلاب من قبل جنود ثائرين في عام 2003.
وقال حليف تينوبو في الحزب: "لقد جعل أوباسانجو نيجيريا ذات أهمية في القارة وفي العالم، ونحن بحاجة للعودة إلى تلك المكانة".
انقسامات
وأشارت "فاينانشيال تايمز" إلى وجود انقسامات في تكتل غرب إفريقيا حول كيفية التعامل مع النيجر، على الرغم من البيان القوي الذي أصدرته إيكواس الأحد.
وقالت بوركينا فاسو ومالي، التي عُلقت عضويتهما بالمجموعة عقب صعود قيادتي البلدين إلى السلطة عبر الانقلابات، إنهما سيعتبران العملية العسكرية في النيجر "إعلان حرب"، بينما وصف المجلس العسكري الحاكم في غينيا العقوبات على النيجر بأنها "غير شرعية وغير إنسانية".
ومع ذلك، تحظى نيجيريا بتأثير كبير في مجموعة دول غرب إفريقيا. ووفقاً لبنك إيكواس للاستثمار والتنمية، فإن نيجيريا تمثل 63٪ من الناتج الاقتصادي للكتلة، أي أكثر من باقي الدول الـ14 مجتمعة.
كما تملك نيجيريا أكبر جيش في المنطقة قوامه 223 ألف جندي، وعدد من الطائرات المقاتلة المصنوعة في الولايات المتحدة والصين وألمانيا. وفي حال تم اتخاذ قرار بالتدخل العسكري في النيجر، فإنه سيتم الاعتماد بشكل كبير على قوات نيجيريا، بحسب "فاينانشيال تايمز".
ودانت القوى الغربية ودول إفريقية الانقلاب في النيجر، ولكن لم تعلن أي منها موقفاً من التدخل العسكري.
ونقلت الصحيفة عن محلل زار النيجر مؤخراً، إن فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، لن تعارض تدخل إيكواس العسكري، بالرغم من أنها تحذر منه. وقال: "لن ترغب فرنسا في أن يُشتبه في تورطها" في دعم التدخل العسكري.
وأكد مسؤولون لـ"فاينانشيال تايمز" أن الدبلوماسية لا تزال الخيار الأول لإيكواس للتوسط، لكن مع اقتراب موعد انتهاء المهلة التي حددتها الكتلة خلال قمة الأحد، لاستعادة النظام الدستوري، تتزايد الضغوط على الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة.
اقرأ أيضاً: