نفذه قراصنة صينيون.. واشنطن تكشف عن "أخطر اختراق بتاريخ اليابان"

رسم توضيحي يظهر رجلاً يمسك بجهاز كمبيوتر وفي الخلفية رموز إلكترونية. 13 مايو 2017 - REUTERS
رسم توضيحي يظهر رجلاً يمسك بجهاز كمبيوتر وفي الخلفية رموز إلكترونية. 13 مايو 2017 - REUTERS
دبي-الشرق

اكتشفت وكالة الأمن القومي الأميركية أن قراصنة إلكترونيين تابعين للجيش الصيني نجحوا عام 2020 في اختراق شبكات دفاعية سرية في اليابان، في عملية هي الأخطر من نوعها في تاريخ اليابان الحديث.

وأفادت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية بأن الولايات المتحدة وصفت عملية الاختراق بـ"الخطيرة جداً"، وأثارت قلق واشنطن، التي تعتبر اليابان أهم حليف استراتيجي لها في شرق آسيا.

وقال 3 مسؤولين أميركيين كبار سابقين، للصحيفة بشرط عدم الكشف عن هوياتهم بسبب حساسية الأمر، إن القراصنة تمكنوا بشكل مستمر من الوصول إلى خطط وقدرات وتقييمات لأوجه القصور في الجيش الياباني، وبدا أنهم يحاولون الوصول إلى أي شيء يمكنهم الحصول عليه.

ووصف مسؤول عسكري أميركي سابق، تم إطلاعه على عمليات القرصنة الإلكترونية، الأمر بأنه "سيء بشكل صادم"، وفقاً للصحيفة. 

واتخذت طوكيو خطوات لتقوية شبكاتها الدفاعية، لكنها ما زالت غير آمنة بما يكفي من "أعين المتطفليين الصينيين"، والتي -وفقاً لمسؤولين- قد تعرقل المزيد من تبادل المعلومات الاستخباراتية بين وزارتي الدفاع في الولايات المتحدة واليابان. 

استنفار أميركي

وكان الاختراق مقلقاً للغاية، لدرجة أن الجنرال بول ناكاسوني، رئيس وكالة الأمن القومي بالقيادة الإلكترونية الأميركية، وماثيو بوتينجر، نائب مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض في ذلك الوقت، أسرعا إلى طوكيو وأخبرا وزير الدفاع الياباني، الذي كان قلقاً للغاية لدرجة أنه رتب لهما موعداً لإبلاغ رئيس الوزراء بالأمر. 

وأخبر ناكاسوني وبوتينجر المسؤولين اليابانيين بأن الصين اخترقت شبكات الدفاع اليابانية، في واحدة من أخطر عمليات الاختراق التي تعرضت لها اليابان في تاريخها الحديث. 

وقال مسؤول دفاعي كبير سابق مطلع على الأمر إن اليابانيين فوجئوا بالأمر، لكنهم قالوا إنهم سيبحثونه.

وعاد ناكاسوني وبوتينجر إلى الولايات المتحدة وهما على قناعة بأنهما أنجزا مهمتهما.

وكان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب منشغلاً في هذا الوقت بالطعن على فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية، بينما كان مسؤولو الإدارة يستعدون لمرحلة انتقالية، بحسب الصحيفة. 

وواجهت إدارة بايدن سلسلة من المشكلات، من بينها كيفية مواجهة عمليات الاختراق الروسية لشبكات الوكالات الأميركية التي تم اكتشافها خلال فترة ترمب. وشعر بعض المسؤولين الأميركيين بأن اليابانيين يأملون فقط في التخلص من المشكلة. 

واستقرت إدارة بايدن مطلع عام 2021، وأدرك مسؤولو الأمن السيبراني والدفاع أن المشكلة تفاقمت لأن الصينيين لا يزالوا متواجدين في شبكات طوكيو. 

ومنذ ذلك الوقت، أعلن اليابانيون تعزيز أمن الشبكات وزيادة ميزانية الأمن السيبراني 10 أضعاف على مدى السنوات الخمس المقبلة، وزيادة قوة الأمن السيبراني في الجيش 4 أضعاف لتصل إلى 4000 شخص. 

قدرات الصين السيبرانية

وأطلقت الصين صواريخ باليستية على منطقة اليابان الاقتصادية الخالصة في أغسطس 2022، بعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي آنذاك، نانسي بيلوسي، إلى تايوان

وتعمل الصين، التي تتفاخر بامتلاك أكبر مجموعة من القراصنة الذين ترعاهم دولة في العالم، على تعزيز قدراتها السيبرانية.

ومنذ منتصف عام 2021، وثقت الحكومة الأميركية وشركات الأمن السيبراني الغربية عمليات الاختراق الصينية المتزايدة للبنية التحتية الحيوية في الولايات المتحدة، وجزيرة جوام، ومناطق أخرى في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. 

واخترق قراصنة من الصين أخيراً البريد الإلكتروني الخاص بوزيرة التجارة الأميركية جينا ريموندو، والسفير الأميركي لدى الصين، ودبلوماسيين كبار آخرين، حتى في ظل الجهود التي تبذلها إدارة بايدن لتحسين العلاقات الفاترة مع بكين. 

وقال مسؤول أميركي بارز للصحيفة: "على مر السنين، نشعر بالقلق إزاء برنامج التجسس، لكن الصين تعمل على تطوير قدراتها في شن الهجمات الإلكترونية، والتي يمكن استخدامها لتعطيل الخدمات الحيوية لدى الولايات المتحدة وحلفائها الآسيويين الرئيسيين أو تشكيل عملية اتخاذ القرارات في حالة حدوث أزمة أو نزاع". 

وتخلت اليابان عن سياساتها الدفاعية التقليدية لمواجهة العدوان الصيني، وتعمل على تطوير قدراتها لشن هجمات مضادة قادرة على الوصول إلى أهداف في الصين، كما أعلنت أنها ستشتري صواريخ من طراز "توماهوك" من الولايات المتحدة. 

وقال رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، في مؤتمر صحافي مع بايدن، في يناير الماضي، إن اليابان والولايات المتحدة تواجهان حالياً البيئة الأمنية الأكثر صعوبة وتعقيداً في التاريخ الحديث.

وأضاف أن استراتيجية الأمن القومي الجديدة لليابان تعزز ميزانيتها وقدراتها الدفاعية. 

وقال مسؤول دفاعي أميركي كبير للصحيفة: "نرى استثمارات وجهوداً هائلة من اليابانيين في هذا المجال، ولكن لا يزال هناك عمل يتعين القيام به، الوزارة لديها رأي واضح بشأن أهمية الأمن السيبراني لقدرتنا على إجراء عمليات عسكرية مشتركة، والتي تمثل جزءاً أساسياً من التحالف بين الولايات المتحدة واليابان".

إقرار بالمشكلة

عندما تولت إدارة بايدن المسؤولية، واجهت سلسلة من الأزمات المتعلقة بالأمن السيبراني. وكانت الولايات المتحدة تناقش كيفية الرد على اختراق شركة "سولارويندز" من قبل قراصنة روس، وبعد فترة قصيرة، اخترق قراصنة صينيون خوادم شركة "مايكروسوفت" الخاصة بخدمة البريد في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك 30 ألف كيان في الولايات المتحدة فقط، ما هدد بعرقلة الشركات الصغيرة والمتوسطة والوكالات الحكومية. 

وفي ربيع عام 2021، تسبب هجوم إلكتروني شنته مجموعة إجرامية روسية على خط أنابيب "كولونيال بايبلاين" في إغلاق أحد أكبر خطوط أنابيب الوقود في البلاد لمدة 6 أيام. 

وفي خضم ذلك، عرضت القيادة الإلكترونية على اليابان إرسال فريق من المحققين في جرائم الهجمات الإلكترونية للمساعدة في تقييم نطاق الاختراق والبدء في تطهير شبكاتها من البرامج الخبيثة الصينية. 

ولكن اليابانيين كانوا يشعرون بالقلق. وقال المسؤول العسكري السابق إن اليابانيين "لم يشعروا بالارتياح لوجود جيش دولة أخرى على شبكاتهم". 

وتوصل الجانبان إلى حل توافقي يتمثل في استعانة اليابانيين بشركات تجارية محلية لتقييم نقاط الضعف، ثم يتولى فريق مشترك من وكالة الأمن القومي والقيادة الإلكترونية مراجعة النتائج وتقديم إرشادات عن كيفية سد الثغرات. 

وتبادل موظفو الأمن القومي في البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي في طوكيو المعلومات التقنية والمكالمات لمتابعة أحدث التطورات في القضية. 

وفي خريف 2021، كشفت واشنطن عن معلومات جديدة تؤكد خطورة انتهاك الصين لأنظمة الدفاع في طوكيو، وأن اليابان لم تحرز تقدماً كبيراً في حمايتها.

تحذير من واشنطن

وفي نوفمبر 2022، سافرت آن نويبرجر، نائب مستشار الأمن القومي للأمن السيبراني، ومجموعة من المسؤولين الأميركيين الآخرين إلى طوكيو، حيث التقوا مسؤولين عسكريين، واستخباراتيين، ودبلوماسيين بارزين، وفقاً لعدة أشخاص مطلعين على الزيارة. 

ولم تتمكن نويبرجر من إخبار اليابانيين صراحة بكيفية معرفة وكالات التجسس الأميركية بعملية الاختراق الصينية، لحماية المصادر، وحاولت طمأنة طوكيو بأن الأميركيين ليسوا متواجدين في شبكاتهم، ولكن الشكوك ظلت مستمرة. وفي النهاية، أدرك اليابانيون، مثل غيرها من الحلفاء، أن الولايات المتحدة تتجسس على شركائها. 

وقال نوريوكي شيكاتا، المتحدث باسم مجلس الوزراء الياباني، لـ"واشنطن بوست" إن الحكومة تسعى إلى تعزيز قدراتها في مجال الاستجابة للمشكلات المتعلقة بالأمن السيبراني لتكون مساوية لمستوى الدول الغربية الرائدة أو تفوقها. 

اقرأ أيضاً:

تصنيفات