قالت وكالة أسوشيتد برس إن هناك تساؤلات بشأن مصير كيم يو جونغ، الشقيقة النافذة للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، بعد غياب اسمها عن تشكيلة المكتب السياسي لحزب العمال الشيوعي الحاكم في البلاد، التي نُشرت قبل أيام.
وأفادت الوكالة بأن بعضهم يتكهنّ بأن كيم جونغ أون، قد يكون خفّض مرتبة شقيقته، نتيجة إخفاقات سياسية عامة، فيما يعتقد آخرون بأنه قد يكون قلقاً بشأن صعودها السريع وشهرتها المتزايدة، في وقت يحاول تعزيز سلطته، في مواجهة تحديات اقتصادية متزايدة في كوريا الشمالية.
ونقلت الوكالة عن أوه غيونغ سيوب، وهو محلل في "معهد كوريا للتوحيد الوطني" (مقرّه سيول)، قوله إن شائعات تفيد بأن كيم يو جونغ هي وريث شقيقها، قد تكون خطرة لأنها "تثير مسألة سيطرة كيم على السلطة، ووضعه الصحي في كوريا الشمالية". ورأى أن ذلك دفعه إلى إبطاء صعودها في مراتب السلطة.
واعتبرت أسوشيتد برس أن هذا التطوّر يشكّل مفاجأة، نتيجة تكهنات واسعة بأن كيم يو جونغ، التي باتت عضواً مناوباً في المكتب السياسي العام الماضي، ستحصل على عضوية كاملة في المكتب، خلال أول مؤتمر يعقده الحزب الشيوعي منذ 5 سنوات، وانتهى الثلاثاء.
المكتب السياسي
وعضوية المكتب السياسي حاسمة، بالنسبة إلى القياديين، الذين يأملون بالبروز في حكومة كيم جونغ أون، إذ اتخذ قرارات أساسية خلال اجتماعات للمكتب، بما في ذلك إعدام عمه النافذ جانغ سونغ تايك في عام 2013، وعزله قائد الجيش ري يونغ هو في عام 2012.
ولدى افتتاح المؤتمر، الذي استمر 8 أيام، جلست كيم يو جونغ، التي يُعتقد بأن عمرها نحو 32 عاماً، على منصة القيادة، وسط قياديين مسنّين من الرجال غالباً في الحزب. ولكن عندما أعلن المؤتمر الاثنين لائحة تضمّ أسماء 30 عضواً مناوباً وكاملاً في المكتب السياسي، بما في ذلك كيم جونغ أون (37 عاماً)، كان اسمها غائباً.
ولفتت أسوشيتد برس إلى أن كيم يو جونغ لم تُعزل، أو تُرغم على اعتزال السياسة، وهذا مصير لقيه قياديون خلال عهد شقيقها، مضيفة أنها لا تزال تحتفظ بعضويتها في اللجنة المركزية للحزب، وهي أيضاً هيئة بارزة. ولكن عندما أصدرت بياناً الأربعاء، ينتقد كوريا الجنوبية، وصفتها وسائل الإعلام الرسمية بأنها "نائبة مدير الإدارة" في الحزب، وهذه رتبة أدنى من لقبها السابق "النائب الأول لمدير الإدارة".
ويحضّ كيم جونغ أون مواطنيه على مساندته، للتغلّب على ما وصفه بـ "أسوأ" صعوبات تواجهها كوريا الشمالية، التي عانت مشكلات اقتصادية، نتيجة فيروس كورونا المستجد، وكوارث طبيعية، إضافة إلى عقوبات تفرضها الولايات المتحدة، بسبب برنامجَيها النووي والصاروخي. وخلال مؤتمر الحزب الشيوعي، تعهد كيم بتوسيع الترسانة النووية لبيونغ يانغ، وبناء اقتصاد أقوى يعتمد على نفسه.
بروز كيم يو جونغ
وقال كو يونغ هوان، وهو نائب سابق لرئيس "معهد استراتيجية الأمن القومي" الذي تديره أجهزة الاستخبارات في كوريا الجنوبية، خلال برنامج تلفزيوني الاثنين: "يستهدف المؤتمر ترسيخ قيادة كيم جونغ أون. إذا أصبحت كيم يو جونغ عضواً كاملاً في المكتب السياسي، لسُلّطت كل الأنظار عليها... ويُحتمل أن يكون كيم جونغ أون رأى في ذلك عبئاً".
وكانت كيم يو جونغ غير معروفة للأجانب، وبرزت سياسياً منذ ورث شقيقها الحكم، بعد وفاة والدهما كيم جونغ إيل أواخر عام 2011، علماً أن جدهما كيم إيل سونغ أسّس النظام في كوريا الشمالية، في عام 1948.
وبرزت كيم يو جونغ على الساحة الدولية، بعد لقاءات شقيقها، مع الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والكوري الجنوبي مون جاي إن، في عامَي 2018 و2019. وخلال تلك الاجتماعات، أثار قربها من كيم جونغ أون تكهنات بأنها مديرة لمكتبه.
خلافة كيم جونغ أون
في كوريا الجنوبية، روّجت لنفسها بوصفها داعية سلام، بعدما حضرت افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بيونغتشانغ عام 2018، لتصبح أول فرد من الأسرة الحاكمة في كوريا الشمالية يزور الشطر الجنوبي، منذ نهاية الحرب الكورية (1950-1953).
لكن كيم يو جونغ بدّلت فجأة مسارها في العام الماضي، إذ أدلت بتصريحات عنيفة ضد سيول، وضغطت على واشنطن لتقديم تنازلات، في ظلّ تعثر التسوية الدبلوماسية بين الجانبين. وأوردت وسائل الإعلام الرسمية في كوريا الشمالية أنها كانت مسؤولة عن العلاقات مع كوريا الجنوبية، فيما تكهّن خبراء خارج كوريا الشمالية، بأنها ربما تتولّى ملف الولايات المتحدة أيضاً.
وفي بيانها الأربعاء، اتهمت سيول باستفزاز بيونغ يانغ، بعد إعلانها أنها رصدت معلومات استخباراتية، أفادت بأن كوريا الشمالية نظمت هذا الأسبوع عرضاً عسكرياً، أو بروفة لعرض مشابه.
وبعد تداول إشاعات العام الماضي، بشأن الوضع الصحي لكيم جونغ أون، رجّح مراقبون أن تتولّى كيم يو جونغ الحكم في كوريا الشمالية، إذا عجز شقيقها عن مواصلة مهماته. واعتبرت أجهزة الاستخبارات الكورية الجنوبية أنها عملياً المسؤول الثاني في كوريا الشمالية، مستدركة أنها لم تُعيّن وريثة لشقيقها.
واشنطن وسيول
ونقلت أسوشيتد برس عن كيم يول سو، وهو محلل في "معهد كوريا للشؤون العسكرية"، قوله: "يُحتمل أن كيم جونغ أون حمّل شقيقته مسؤولية تدهور العلاقات (الخارجية لبلاده)، إذ لم تحقق إنجازات في العلاقات مع الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية".
بصرف النظر عن سبب غيابها عن المكتب السياسي، يرجّح خبراء أن يبقى نفوذها السياسي بلا تغيير، بفضل انتمائها إلى السلالة الحاكمة. وثمة شعور أيضاً بأن كيم جونغ أون قد يمنحها منصباً آخر بارزاً.
واعتبر أوه غيونغ سيوب، المحلل في "معهد كوريا للتوحيد الوطني"، أن كيم يو جونغ قد تكون ثاني أقوى امرأة في تاريخ كوريا الشمالية، بعد كيم سونغ آي، الزوجة الثانية الراحلة لكيم إيل سونغ.
وأضاف: "تستطيع كيم يو جونغ أن تلتقي كيم جونغ أون وتتحدث إليه بحرية في أي وقت... لذلك لا يمكننا القول سوى إن لديها تأثيراً هائلاً. ومع تقدّمها في السنّ، ستصبح أدوارها أكبر". واستدرك أن صعودها قد ينتهي إذا سعت إلى مزيد من السلطة، قائلاً: "عليها أن تكون حذرة في هذا الصدد".