قالت وزارة البنية التحتية الأوكرانية، الأحد، إنَّ 218 سفينة في المجمل "توقفت فعلياً" بسبب قرار روسيا تعليق مشاركتها في اتفاق تصدير الحبوب، وسط محاولات تركية لإعادة إحياء الاتفاق، وإصرار روسي على تعليقه إلى حين استكمال التحقيقات في هجمات تقول موسكو إنَّ أسطولها تعرض لها.
وأعلنت روسيا، السبت، تعليق مشاركتها في الاتفاق الذي توسَّطت فيه الأمم المتحدة وتركيا لتصدير المنتجات الزراعية من الموانئ الأوكرانية، وذلك في أعقاب هجمات بطائرات مسيرة تعرض لها أسطول البحر الأسود الروسي الذي يقع مقره في ميناء سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم التي ضمَّتها روسيا من أوكرانيا.
وأوضحت وزارة البنية التحتية الأوكرانية عبر تطبيق تيلجرام أنه نظراً لعدم الحصول على تصاريح من مركز التنسيق المشترك للعبور من خلال الممر الآمن فإنَّ "218 سفينة توقفت في مواقعها الحالية".
وذكرت الوزارة أن 95 سفينة محملة بالحبوب سبق أن غادرت الموانئ الأوكرانية تنتظر حالياً التفتيش للإبحار باتجاه المستهلك النهائي، وأن 101 سفينة فارغة تنتظر التفتيش لدخول الموانئ الأوكرانية، مضيفة أنَّ 22 سفينة محمَّلة بالسلع الزراعية تنتظر لمغادرة الموانئ الأوكرانية.
وأكدت أوكرانيا أنَّ تعليق روسيا العمل بالاتفاق يجعل إبحار الناقلات المحمّلة بهذه المنتجات أمراً "مستحيلاً"، مشيرة إلى أن الاتفاق، الذي أتاح فتح ثلاثة موانئ على البحر الأسود، أتاح لها بتصدير نحو تسعة ملايين طن من السلع الزراعية حتى الآن.
وعلى تويتر قال وزير الخارجية الأوكراني ديديترو كوليبا، إن روسيا تمنع إبحار "176 سفينة حبوب توجد حالياً في البحر"، مشيراً إلى أن الحمولات تكفي لإطعام سبعة ملايين شخص.
محاولات إحياء الاتفاق
ويُجري وزير الدفاع التركي محادثات مع نظيريه في موسكو وكييف في مسعى لإحياء الاتفاق الذي توسطت فيه الأمم المتحدة، وذلك حسبما قالت وزارة الدفاع التركية في بيان الأحد.
وجاء في البيان أنَّ خلوصي أكار (وزير الدفاع التركي)، طلب من الطرفين تجنُّب أي "استفزاز" قد يؤثر على استمرار الاتفاق.
وقال البيان إن "تفتيش السفن المحملة بالحبوب التي تنتظر أمام مضيق البوسفور سيستمر اليوم وغداً".
ورغم تعليق الاتفاق، أشار البيان إلى أنَّ "العاملين الروس في مركز التنسيق المشترك موجودون حالياً في المركز".
وأكد المركز المكلف بالإشراف على تطبيق الاتفاق عدم تسجيل أي حركة لسفن شحن تنقل الحبوب الأوكرانية في البحر الأسود الأحد.
وامتنع المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف عن التعليق على تقارير تفيد بأنَّ روسيا وتركيا تتفاوضان بشأن وضع اتفاق الحبوب، معتبراً أنَّ هذا الأمر من تخصص وزارة الخارجية، وذلك بحسب ما ذكرته وكالة "تاس" الروسية.
وكانت وكالة "بلومبرغ" الأميركية نقلت في وقت سابق الأحد، عن مصادر تركية قولها إنَّ موسكو وأنقرة تجريان محادثات بشأن وضع الاتفاق.
وأشارت المصادر إلى أنَّ المفاوضات ستستمر حتى الاثنين (31 أكتوبر)، معتبرة أنَّ هناك أسباباً للتفاؤل، على الرغم من قرار روسيا تعليق مشاركتها في الصفقة.
التحقيق أولاً
وقال مسؤول في وزارة الخارجية الروسية، الأحد، إن الخطوات التالية بشأن الاتفاق لا يمكن تحديدها إلا بعد تحقيق كامل في هجوم السبت على أسطول روسيا في البحر الأسود.
وفي تصريحات للصحافيين نقلتها "بلومبرغ"، لم يستبعد نائب وزير الخارجية أندريه رودينكو صراحة العودة إلى الاتفاق.
وقال رودنكو إن أي عودة يجب أن يسبقها تحقيق شامل في غارة تمت السبت بطائرات مسيرة على سفن روسية في سيفاستابول في شبه جزيرة القرم. ولم يتضح من تصريحاته من الذي ينبغي أن يجري التحقيق.
"وحدات ملاحية كندية"
وسبق أن أعلنت وزارة الدفاع الروسية، الأحد، أن عدداً من المسيرات التي استُخدمت لمهاجمة أسطولها في القرم كان يضم "وحدات ملاحية كندية الصنع"، قائلة إنها عثرت على حطام بعضها في البحر.
وذكرت الوزارة أن خبراءها "قاموا بفحص وحدات الملاحة الكندية الصنع المثبّتة على المسيّرات البحرية".
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، الأحد، عن "قلقه البالغ حيال الوضع الحالي المرتبط بمبادرة الحبوب في البحر الأسود"، وفقاً لما أفاد به المتحدث باسمه الذي أوضح أن جوتيريش قرر تأجيل مغادرته لحضور القمة العربية في الجزائر لمدة يوم "من أجل التركيز على هذه القضية".
والأحد، حضّ كل من الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي "ناتو" روسيا على "العودة عن قرارها".
ووصف الرئيس الأميركي جو بايدن، السبت، قرار روسيا الانسحاب من الاتفاق بأنه "مشين"، واعتبر وزير خارجيته أنتوني بلينكن أن روسيا تستخدم مجدداً "الغذاء سلاحاً" في الحرب، على حد تعبيره.
"لا يزال سارياً"
وكانت كييف والأمم المتحدة اعتبرتا في وقف سابق أن الاتفاق لا يزال سارياً. وأكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أنَّ القرار الروسي "يعكس نية واضحة لدى روسيا للتلويح مجدداً بهاجس المجاعة على نطاق واسع في إفريقيا وآسيا".
واستُهدفت سيفاستوبول الواقعة في شبه جزيرة القرم التي ضمّتها موسكو في مارس 2014، مراراً خلال أكتوبر.
وتشكل شبه جزيرة القرم مقراً لأسطول البحر الأسود الروسي وقاعدة خلفية لوجستية لغزو أوكرانيا.
وقال الجيش الروسي إنه "دمّر" تسع طائرات مسيّرة وسبع مسيّرات بحرية" استخدمت في الهجوم على الميناء صباح السبت، وهو ما وصفته كييف بأنه "حجة كاذبة".
وقال حاكم سيفاستوبول الموالي لروسيا ميخائيل رازفوجايف، إن هجوم السبت كان "الأكبر" الذي تعرّضت له القرم.
واتّهم الجيش الروسي خبراء بريطانيين مقرهم في أوتشاكوف في منطقة ميكولايف الأوكرانية بمساعدة كييف وتدريب قواتها على تنفيذ الضربة. كذلك اتّهمت القوات الروسية لندن بالضلوع في الانفجارات التي تسببت بتسرب في خطي أنابيب نورد ستريم 1 و2 لنقل الغاز الروسي في بحر البلطيق في سبتمبر.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن السفن المستهدفة في قاعدة القرم كانت مشمولة باتفاق تصدير الحبوب.
وأخيراً وجّهت روسيا انتقادات لاتفاق تصدير الحبوب، مشيرة إلى أن صادرتها من الحبوب تضررت جراء العقوبات الغربية.
