ما هي خلفيات التغييرات الأمنية والعسكرية في الجزائر؟

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يترأس اجتماعاً للمجلس الأعلى للأمن - 4 يناير 2021 - FACEBOOK@AlgerianPresidency
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يترأس اجتماعاً للمجلس الأعلى للأمن - 4 يناير 2021 - FACEBOOK@AlgerianPresidency
الجزائر-أمين حمداوي

أجرى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، خلال اليومين الماضيين، تغييرات في مديرية الأمن الوطني ووزارة الدفاع، قبل نحو ثلاثة أشهر من الانتخابات التشريعية، وبعد أيام من عودة التظاهرات الشعبية.

وأعلنت وزارة الداخلية، الثلاثاء، إنهاء مهام المدير العام للأمن الوطني خليفة أونيسي الذي شغل المنصب منذ أغسطس 2019، بعد تنحي الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة عن السلطة تحت ضغط الشارع.

وقالت الوزارة إن الرئيس عبد المجيد تبون عيّن فريد زين الدين بن الشيخ، الذي كان  يشغل منصب مفتش جهوي للشرطة منذ سبتمبر 2019، خلفاً لأونيسي على رأس مديرية الشرطة، من دون أن تذكر أسباب هذه التغيرات.

وتضمن  العدد الأخير من الجريدة الرسمية، الثلاثاء، مرسوماً رئاسياً يقضي بإنهاء مهام قائد المصلحة الوطنية لحرس السواحل العميد عبد العزيز شعال، وتعيين العميد زين الدين بناط في المنصب. كما تم بموجب القرار الرئاسي تعيين اللواء لعفيد حساني نائباً لقائد الناحية العسكرية الثانية اعتباراً من 21 سبتمبر 2020.

وقبل يوم من هذه التغييرات، عيّن الرئيس تبون اللواء محمد الصالح بن بيشة أميناً عاماً لوزارة الدفاع بالنيابة، خلفاً للواء عبد الحميد غريس الذي كان يشغل المنصب منذ سبتمبر 2018.

وكان محمد الصالح بن بيشة يشغل منصب مدير الخدمة الوطنية بوزارة الدفاع الوطني، قبل تنحيته في يوليو 2020. كما تقلد اللواء في السابق منصب مدير المستخدمين والموارد البشرية بوزارة الدفاع.

وأناب الفريق السعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش، عن الرئيس الجزائري في التنصيب الرسمي للّواء محمد الصالح بن بيشة، أميناً عاماً لوزارة الدفاع.

ويخوّل القانون الجزائري الأمين العام لوزارة الدفاع "الاضطلاع بأية صلاحية أو مهمة خاصة قـد يسندها إليه وزير الدفاع"، الذي يشغله وفق الدستور الجزائري رئيس الجمهورية.

كما يمكن للأمين العام لوزارة الدفاع في حدود صلاحياته التوقيع باسم وزير الدفاع على جميع العقود والقرارات، حسب تعديلات أقرها تبون في أمر رئاسي أصدره شهر أبريل 2020.

مقربون من قايد صالح

وأثارت هذه التغييرات تساؤلات حول دلالتها، خصوصاً أنها جاءت قبيل الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في 12 يونيو المقبل، بالتزامن مع تجدد تظاهرات الحراك الأسبوعية، وفي ظل حملة تغييرات بدأها الرئيس الجزائري تبون، طاولت قيادات عسكرية محسوبة على قائد أركان الجيش الجزائري سابقاً أحمد قايد صالح وفق مراقبين.

واعتبر الكاتب الصحافي صابر بليدي، في تصريح لـ"الشرق"، أن "إقالة المدير العام للشرطة  جاءت في ظل تصاعد موجة انتقادات داخلية وخارجية، بسبب تعامل قوات الشرطة مع تظاهرات الحراك الأسبوعية" التي استؤنفت في 22  فبراير الماضي، تزامناً مع الذكرى الثانية للحراك.

وكانت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة دعت السلطات الجزائرية في وقت سابق من شهر مارس الجاري إلى وقف ما وصفته بـ"الاعتقالات" و"العنف" ضد متظاهرين سلميين.

ولفت صابر بليدي إلى أن "تغيير المدير العام للشرطة من المرجح أن يكون محاولة لبعث رسائل طمأنة للداخل والخارج، تؤكد نية السلطة الجزائرية تغيير مقاربتها الأمنية تجاه الحراك".

تحديات أمنية

في المقابل، يرى محمد سي بشير، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر، أن هذه التغييرات "تدخل في إطار صلاحيات الرئيس تبون في تعيين الأفضل والأكفأ، وفق ما يعتقد أنه مناسب مع تحديات المرحلة المقبلة ومقتضياتها".

وقال محمد سي بشير لـ"الشرق" إن "تغيير المدير العام للشرطة يهدف إلى تأمين الانتخابات التشريعية المقبلة، لما يملكه من مؤهلات علمية وخبرة واسعة في ظل عودة تظاهرات الحراك الشعبي".

وفي ظل تداول أوساط إعلامية أخباراً حول مرض اللواء عبد الحميد غريس، اعتبر محمد سي البشير أن "هذه التغييرات أصبحت أمراً تمليه التحديات الأمنية على الحدود الجزائرية في الظرف الحالي".

وفي السياق نفسه، قال أحمد كروش العقيد السابق والمراقب الدولي السابق في بعثة الأمم المتحدة للسلام، إن هذه التغييرات "تأتي في الإطار العادي وفي سياق التداول على الوظائف والمناصب، وفق معايير الجدارة والاستحقاق".

سلسلة إقالات

وتأتي التغييرات الأخيرة ضمن سياق تعديلات بدأها الرئيس عبد المجيد تبون منذ وصوله إلى سدة الحكم في ديسمبر 2019، شملت القيادة العسكرية، وإدارة قسم الأمن الداخلي والخارجي للاستخبارات.

وأطاحت التغيرات السابقة بمسؤولين محسوبين على فترة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وقائد أركان الجيش الجزائري الراحل  أحمد قايد صالح الذي لعب دوراً هاماً في المرحلة التي أعقبت استقالة الرئيس بوتفليقة في 28 أبريل 2019.