دعا الرئيس اللبناني ميشال عون، الأربعاء، رئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري، إلى تشكيل الحكومة الجديدة بشكل فوري، أو التنحي وإفساح المجال "أمام كل من هو قادر" على ذلك، حسب تعبيره، بينما اتهم الحريري الرئيس برفضه الاتفاق على الحكومة التي اقترحها ودعا إلى انتخابات رئاسية مبكرة.
وكُلّف سعد الحريري بتشكيل حكومة في أكتوبر، لكن ثمّة خلافات بينه وبين رئيس الجمهورية ميشال عون، حالت دون إعلان أعضائها لبدء المهام ومباشرة الإصلاحات.
وقال عون، في كلمة وجهها إلى الشعب اللبناني، إن "رئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري تقدم بعناوين مسوّدة حكومية لا تُلبي الحد الأدنى من التوازن الوطني والميثاقية، ما أدخل البلاد في نفق التعطيل".
خياران لا ثالث لهما
وأضاف عون: "أدعو الحريري إلى قصر بعبدا (الرئاسي)، من أجل التأليف الفوري للحكومة بالاتفاق معي، وفق الآليّة والمعايير الدستوريّة المعتمدة في تأليف الحكومات دون تحجج أو تأخير".
وتابع الرئيس اللبناني: "أما في حال وجد نفسه (الحريري)، في عجز عن التأليف وترؤس حكومة إنقاذ وطني تتصدّى للأوضاع الخطيرة التي تعاني منها البلاد والعباد، فعليه أن يُفسح المجال أمام كل قادر على التأليف"، لافتاً إلى أن ذلك يعود إلى "مسؤوليّته الدستوريّة وضميره الإنساني والوطني".
وأكد عون على أن دعوته "مصمّمة وصادقة للرئيس المكلّف إلى أن يبادر فوراً إلى أحد الخيارين المتاحين"، مشدداً على ضرورة إنقاذ لبنان.
وأوضح الرئيس اللبناني أن هذه الدعوة تأتي بعد أن بلغت معاناة الشعب اللبناني "مستويات لا قُدرة له على تحمّلها"، مضيفاً أن "الشعب أصبح أسير اليأس والإحباط".
الحريري يرد
من جانبه، ردّ الحريري على خطاب عون ببيان، قال فيه إنه "تفاجأ" بتصريحات الرئيس اللبناني عبر خطاب تلفزيوني، في وقت كان ينتظر فيه اتصالاً من عون لمناقشة تشكيلة الحكومة التي اقترحها عليه قبل أسابيع.
وجاء في بيان الحريري: "بعد أسابيع عديدة على تقديمي تشكيلة متكاملة لحكومة اختصاصيين غير حزبيين قادرة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة لوقف الانهيار.. منتظراً اتصالاً هاتفياً من فخامة الرئيس ليناقشني في التشكيلة المقترحة لإصدار مراسيم الحكومة الجديدة (..)، تفاجأت، كما تفاجأ اللبنانيون جميعاً، بفخامة الرئيس وهو يدعوني عبر كلمة متلفزة إلى القصر الجمهوري، من أجل التأليف الفوري بالاتفاق معه وفق الآلية والمعايير الدستورية المعتمدة".
وقال الحريري إنه سيزور الرئيس عون في قصر بعبدا "إذا سمح جدول مواعيده بذلك، لمناقشته في التشكيلة الموجودة بين يديه منذ أسابيع عديدة، والوصول الفوري إلى إعلان تشكيل الحكومة".
ودعا الحريري الرئيس عون إلى "مصارحة اللبنانيين بالسبب الحقيقي الذي يدفعه لمحاولة تعطيل إرادة المجلس النيابي الذي اختار الرئيس المكلف، والذي يمنعه منذ شهور طويلة عن إفساح مجال الخلاص أمام المواطنين، وأن يختصر آلامهم ومعاناتهم عبر إتاحة المجال أمام انتخابات رئاسية مبكرة".
وشدد الحريري على أن الانتخابات الرئاسية المبكرة "هي الوسيلة الدستورية الوحيدة القادرة على إلغاء مفاعيل اختياره من قبل النواب لرئاسة الجمهورية قبل خمسة أعوام، تماماً كما اختاروني (النواب) رئيساً مكلفاً لتشكيل الحكومة قبل خمسة أشهر".
أزمات متفاقمة
وتفاقمت الأزمات في لبنان عقب انفجار ميناء بيروت في أغسطس 2020 الذي ألحق دماراً هائلاً بأجزاء واسعة من بيروت، وأودى بحياة 200 شخص، وأجبر الحكومة على الاستقالة، وهو ما جعل البلاد بلا دفة توجيه بينما تغوص في أعماق الأزمة المالية.
وغرق لبنان في دائرة من الجمود السياسي، بعد استقالة حكومة حسان دياب، في أغسطس الماضي. وجرى تكليف سعد الحريري، برئاسة الوزراء في أكتوبر الماضي، لكنه لم ينجح بعد في تشكيل حكومة جديدة بسبب أزمة سياسية مع الرئيس اللبناني ميشال عون.