توصية استخباراتية لواشنطن بكبح الصيد الصيني بأميركا اللاتينية

قارب صيد يُشتبه في أنه صيني، ضبطته البحرية الإكوادورية على حدود المنطقة الاقتصادية لجزر غالاباغوس في المحيط الهادئ، 7 أغسطس 2020 - REUTERS
قارب صيد يُشتبه في أنه صيني، ضبطته البحرية الإكوادورية على حدود المنطقة الاقتصادية لجزر غالاباغوس في المحيط الهادئ، 7 أغسطس 2020 - REUTERS
دبي-الشرق

قال موقع "أكسيوس" الأميركي، إن وكالة استخباراتية أميركية أوصت بضرورة أن تبحث الولايات المتحدة  قيادة تحالف متعدد الأطراف مع دول في أميركا الجنوبية، لكبح ممارسات صينية غير قانونية، في الصيد والتجارة.

ولفت الموقع الأميركي إلى أن الصيد "غير القانوني" الذي تمارسه بكين، هو الأضخم في العالم، إذ جعلت من الصيد في المياه البعيدة، أولوية جيوسياسية، كما تعتبر أن أساطيل الصيد الصينية الخاصة تمكّنها من توسيع نفوذها إلى أبعد بكثير من سواحلها.

ونقل "أكسيوس" عن مسؤول بارز في الإدارة الأميركية، قوله إن وكالات حكومية كثيرة "تناقش هذا الأمر، في ضوء أولويات الرئيس جو بايدن، التي تتضمّن توثيق التعاون مع حلفاء وشركاء، بشأن التحديات التي يواجهها الاقتصاد والأمن القومي في الولايات المتحدة".

محتجون في الإكوادور بعد احتجاز طاقم لقارب صيني يصطاد بشكل غير شرعي قبالة سواحل جزر غالاباغوس - 25 أغسطس 2017 - REUTERS
محتجون في الإكوادور بعد احتجاز طاقم قارب صيني يصطاد بشكل غير قانوني قبالة سواحل جزر غالاباغوس، 25 أغسطس 2017 - REUTERS

وأشار الموقع، إلى أن أساطيل ضخمة، تضمّ مئات من السفن الصينية، تمارس الصيد بشكل غير قانوني في المياه الإقليمية لدول بأميركا الجنوبية، بما في ذلك قبالة جزر غالاباغوس التابعة للإكوادور. 

"توحيد قوات الدفاع"

واعتبرت دول في أميركا الجنوبية هذه الأساطيل تحدياً لأمنها الاقتصادي والبيئي، لكن أساطيلها البحرية تفتقر غالباً إلى الموارد اللازمة لمراقبة مياهها وحراستها بشكل فعّال. 

وفي العام الماضي، أعلنت تشيلي، وكولومبيا، والإكوادور، وبيرو، أنها ستوحّد قواتها، للدفاع عن مياهها الإقليمية من توغلات السفن الصينية.

وفي وثيقة مؤرخة في الـ5 من فبراير الماضي، صُنّفت بأنها حساسة لكنها غير سرية، رجّح مسؤولون من "مكتب الاستخبارات والتحليل"، وهو وكالة استخباراتية تابعة لوزارة الأمن الداخلي، أن "ترحّب دول في أميركا الجنوبية بجهود تشكيل تحالف لتكثيف ضغوط تجارية على الصين من أجل تطبيق معايير الصيد". 

تفتيش سفينة صينية عُثر فيها على 300 طنّ من أنواع بحرية، كثير منها يواجه خطر الانقراض، في جزر غالاباغوس - 13 أغسطس 2017 - AP
تفتيش سفينة صينية عُثر فيها على 300 طنّ من أنواع بحرية، كثير منها يواجه خطر الانقراض، في جزر غالاباغوس، 13 أغسطس 2017 - AP

وتوقّعت الوثيقة، أن "يؤدي ضغط أحادي تمارسه الولايات المتحدة، إلى فرض الصين عقوبات مماثلة، كما فعلت بكين عندما أقرّت قانوناً جديداً لمواجهة قيود أميركية على شركات التكنولوجيا الصينية".

وأشارت الوثيقة، ومصادر حكومية، إلى أن مكاتب ووكالات كثيرة تتعاون في هذا الصدد، بما في ذلك خفر السواحل الأميركي، و"مكتب الاستخبارات البحرية"، و"الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي"، ووزارة الخارجية.

"ممارسات استغلالية"

وقدّرت الوثيقة "بثقة بالغة" أن عمليات الصيد الصينية في مياه أميركا الجنوبية، من شأنها أن "تسبّب أضراراً اقتصادية مستمرة لمصايد الأسماك المحلية الأميركية، نتيجة أساليب مانعة للمنافسة".

ورجّحت الوثيقة بـ"ثقة متوسطة" أن "تواصل الصين ممارسات صيد استغلالية في مياه أميركا الجنوبية، على الرغم من الإجراءات التي اتخذتها أخيراً حكومات ومنظمات حكومية دولية، للحدّ من هذه النشاطات". وقدّرت الوثيقة بـ"ثقة متوسطة" أيضاً، أن دولاً في القارة سترحّب بتشكيل تحالف لتعزيز تطبيق معايير الصيد.

ونقل "أكسيوس" عن المسؤول البارز، قوله إن "هذه المشكلة غير مفهومة بشكل صحيح، بوصفها مشكلة عالمية، وبأن مصايد الأسماك مرهقة". 

وأشار المصدر، إلى أن إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب "بدأت العمل لمكافحة الدور الصيني عالمياً"، في "الصيد غير القانوني، أو غير المبلغ عنه، أو غير الخاضع للوائح تنظيمية"، بعدما برز الصينيون بوصفهم "أكبر مرتكبين لهذه الممارسة". وأضاف أن إدارة بايدن تواصل التعامل مع هذا الأمر باعتباره أولوية. 

صناعة استراتيجية

كان الرئيس الصيني السابق، هو جينتاو، دعا إلى تحويل بلاده إلى قوة بحرية عظمى. وفي عام 2013، رفعت الحكومة الصينية قطاع صيد الأسماك إلى مستوى صناعة استراتيجية. 

الرئيس الصيني هو جينتاو خلال زيارة لهونغ كونغ - 29 يونيو 2012 - Bloomberg
الرئيس الصيني السابق هو جينتاو خلال زيارة لهونغ كونغ، 29 يونيو 2012 - Bloomberg

وتقدّم الحكومة الصينية، إعانات للقطاع، تُمكّن القوارب من تغطية تكاليف وقود الإبحار إلى سواحل بعيدة، بما في ذلك قرب غرب أفريقيا وأميركا الجنوبية.

ونقل "أكسيوس" عن تابيثا مالوري، الرئيسة التنفيذية لشركة "تشاينا أوشن إنستيتيوت" للاستشارات، والأستاذة بجامعة واشنطن، قولها: "يرى القادة الصينيون في أساطيل المياه البعيدة وسيلة لإبراز الحضور في العالم، بحيث يكون رأيهم مسموعاً لدى صوغ الأطر التنظيمية لعمليات الصيد".

عمل قسري

وأشار "أكسيوس" إلى أن الولايات المتحدة أولت في السنوات الأخيرة، اهتماماً بالغاً بأساطيل الصيد الصينية المتزايدة في المياه العميقة بالعالم. 

ويعكس قانون إنفاذ الأمن البحري ومصايد الأسماك، الذي أُقرّ في ديسمبر 2019، "مقاربة الحكومة" لمحاربة "الصيد غير القانوني، أو غير المبلّغ عنه، أو غير الخاضع للوائح تنظيمية".

سفينة للبحرية الإكوادورية تحيط بقارب صيد، يُرجّح أنه صيني، على حدود المنطقة الاقتصادية لجزر غالاباغوس - 7 أغسطس 2020 - REUTERS
سفينة للبحرية الإكوادورية تحيط بقارب صيد، يُرجّح أنه صيني، على حدود المنطقة الاقتصادية لجزر غالاباغوس، 7 أغسطس 2020 - REUTERS

وفي مايو 2020، أصدر ترمب أمراً تنفيذياً بمكافحة عمليات الصيد غير المشروعة في المياه العميقة، والمساعدة في تعزيز القدرات التنافسية للولايات المتحدة في هذا القطاع. 

وفي سبتمبر 2020، أضافت وزارة الخارجية الأميركية، الأسماك التي سحبتها أساطيل الصيد الصينية في المياه البعيدة، إلى لائحة السلع المُنتجة من خلال عمل قسري، وهذا أيضاً مصدر قلق محتمل أثارته وثيقة وزارة الأمن الداخلي.