بعد تفعيل "إيكواس" قوات الاحتياط.. هل تندلع الحرب في النيجر؟

جندي في قوة إيكواس الإقليمية في بانجول، جامبيا. 22 يناير 2017 - REUTERS
جندي في قوة إيكواس الإقليمية في بانجول، جامبيا. 22 يناير 2017 - REUTERS
دبي-الشرق

أعلن قادة جيوش المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس"، مساء الأربعاء، بدء تفعيل القوات الاحتياطية للمجوعة "لاستعادة النظام الدستوري" في النيجر، فيما استبعد خبراء لـ"الشرق"، إمكانية إقدام المجموعة على شن حرب لإعادة الرئيس المحتجز محمد بازوم إلى السلطة.

وقالت المجموعة في بيان عبر "فيسبوك"، إن "لجنة قادة أركان جيوش إيكواس، شرعت في تفعيل القوة الاحتياطية للمجموعة الاقتصادية، "لاستعادة النظام الدستوري في النيجر".

وأضاف البيان أنه "تحقيقاً لهذه الغاية، ستعقد لجنة قادة أركان الدفاع التابعة لإيكواس اجتماعاً استثنائياً في العاصمة الغانية أكرا، بين 17 إلى 18 أغسطس الجاري، لوضع اللمسات الأخيرة على خطط نشر قوة الاحتياط".

وأمرت "إيكواس"، الأسبوع الماضي، بتفعيل قوة احتياط، تحسباً لتدخل عسكري محتمل في النيجر، لإنهاء الانقلاب العسكري.

وتجاور النيجر 7 دول، بينها مالي وبوركينا فاسو، العضوتين في "إيكواس"، واللتان أعلنتا رفضهما لأي تدخل عسكري محتمل.

وأعلن الاتحاد الإفريقي وفرنسا ودول عدة، تأييد قرارات "إيكواس" بشأن النيجر، فيما حذرت روسيا من أي تدخل عسكري، قائلة إنه قد يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة.

ضعف موارد "إيكواس"

وأثار الإعلان عن اجتماع قادة جيوش المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس"، في العاصمة الغانية أكرا، الخميس، حالة من الترقب بشأن إمكانية ترتيبهم "تدخلاً عسكرياً محتملاً" في النيجر.

واستبعد خبراء لـ"الشرق"، إمكانية إقدام "إيكواس" على شن حرب لإنهاء الانقلاب، وإعادة الرئيس المحتجز محمد بازوم إلى السلطة، عازين الأمر إلى ضعف موارد جيوش دول المجموعة، فضلاً عن عدم وجود توافق بين دولها.

وقال الباحث الفرنسي بالمركز الوطني للبحث العلمي في جامعة "تورز الفرنسية"، مارك لافيرن، إن "خطوة التحرك العسكري مستبعدة وغير متوقعة خلال الأيام المقبلة".

وأضاف لافيرن لـ"الشرق"، أن ضمان نجاح أي عملية عسكرية لمجموعة "إيكواس"، يستلزم تأييداً داخلياً في النيجر، يشمل القوى السياسية والمدنية والقبلية، وليس فقط من العسكريين.

وفي الآونة الأخيرة سُلط الضوء على نيجيريا التي يحتمل أن تكون مركزاً لأي هجوم على النيجر المجاورة لها، لكن لافيرن، يقول إنه "لا يمكن التصور أن قوات التحالف ستدخل النيجر، لا من جهة الجنوب (نيجيريا) ولا من أي جهة أخرى".

رئيس مؤسسة "بورنهام جلوبال"، جون سيكو، وهي شركة متخصصة في تدريب وتأهيل القوات الأمنية حول العالم، ومقرها دبي، أكد أن دول "إيكواس"، لا تملك الجرأة الكافية للدخول في صراع عسكري ضد النيجر.

وأوضح سيكو لـ"الشرق"، أن فرص العمل العسكري "ضئيلة إن لم تكن معدومة"، مرجعاً السبب إلى أن "جيوش (إيكواس) تمتلك موارد قليلة، وقابلية محدودة للتشغيل البيني".

عائق نيجيريا

من جانبه، قلّل الباحث النيجيري بمركز الديمقراطية والتنمية الوطني، دينجيفا أنجالابو، من أهمية تهديدات "إيكواس"، مشدداً على أن "التدخل العسكري غير مرجح في النيجر"، لأن معظم السكان والمؤسسات في بلدان تلك المنطقة، وخاصة نيجيريا، يعارضون تلك الخطوة.

وأشار إلى أن الرئيس النيجيري طالب البرلمان في بلاده بالموافقة على عملية عسكرية، لكن طلبه قوبل بالرفض.

وذكر أنجالابو لـ"الشرق"، أن العمل العسكري ضد النيجر "شبه مستحيل" بدون دعم نيجيريا، لافتاً إلى أن معظم تمويل مجموعة "إيكواس" يأتي من أبوجا، وفي حال أي نشر محتمل للقوات ستكون مساهمتها أكبر.

وأوضح الباحث النيجيري أن المجتمعات الحدودية بين نيجيريا والنيجر مترابطة بشكل وثيق، وتتقاسم الكثير من الروابط الثقافية والدين والزيجات المختلطة.

وتابع: "هذه المجتمعات الحدودية تسبق بكثير تشكيل نظام الدولة الحديث، ما يجعل أي عدوان عسكري في النيجر بمثابة حرب من نيجيريا على نفسها".

ولفت إلى أن الجغرافيا السياسية للمنطقة، تؤكد صعوبة شن هجوم على النيجر، خاصة عاصمتها نيامي، دون أن تفتح مالي وبوركينا فاسو وبنين ونيجيريا منفذاً.

وأشار أنجالابو، أنه في ظل دعم مالي وبوركينا فاسو للنيجر ضد أي عدوان خارجي، تظل نيجيريا نقطة دخول واحدة من أكثر الخيارات قابلية للتطبيق.

وأضاف أن "أي محاولة للعدوان على النيجر ستكون لها تداعيات كبيرة على أبوجا، وستشكل بداية السقوط السياسي للرئيس النيجيري".

وتطرق أنجالابو، إلى تصريحات رئيس كوت ديفوار بشأن مساهمة بـلاده بـ850 جندياً في القوة الاحتياطية، معتبراً أنها "ليست ذات مغذى، لأن العدد صغير جداً، ولا يمكنه إحداث أي تأثير في حال حدوث تدخل عسكري.

واستبعد أستاذ العلوم السياسية المصري والخبير بالشؤون الدولية، طارق فهمي، وقوع صدام عسكري في النيجر، لأن قوات "إيكواس" غير مؤهلة، وتحتاج إلى قرار دولي، أو موافقة من الاتحاد الأفريقي.

وأضاف لـ"الشرق"، أن الرسائل العسكرية لها "دلالات رمزية، وليست فعلية"، مدللاً على ذلك بأن "إنذار السبعة أيام، الذي أطلقته مجموعة (إيكواس) انتهى، ولم تحرك المجموعة ساكناً".

التدخل الفرنسي

وأكد فهمي أن فرنسا هي الوحيدة حالياً التي تمتلك القوة للتدخل عسكرياً ضد النيجر، وإعادة الرئيس بازوم إلى منصبه، مستدركاً: "لكن ستظل المشكلة في فرض الأمن داخلياً".

وقال إن "فرنسا مؤهلة للتدخل المباشر، لأن لديها قوات على الأرض وقوات نخبوية"، معتبراً أن المشهد مفتوح على كافة التغيرات.

في المقابل، رفض سيكو، فكرة أن تكون فرنساً طرفاً محتملاً ومباشراً للصراع في النيجر، إلا إذا تعرضت مصالحها أو مصالح مواطنيها للتهديد، وهو ما قد يجبر باريس على الرد بشكل محدود فقط.

الباحث الفرنسي، مارك لافيرن، أكد أن القاعدة الفرنسية في منطقة غرب إفريقيا لن تتيح لها القدرة على التدخل عسكرياً في النيجر، مشيراً إلى أن "باريس تشعر بإحراج كبير، بسبب التضاؤل في نفوذها بتلك المنطقة أخيراً".

دور روسيا

وأثار الانقلاب في النيجر الشكوك، بشأن دور روسيا في الانقلاب الأخير بنيامي، لكن الولايات المتحدة نفت ضلوع موسكو بدور في التمرد.

وفي أكتوبر الماضي، ذكرت صحيفة "التايمز" البريطانية، أن النيجر ربما تكون المحطة التالية لروسيا لإقصاء النفوذ الفرنسي، ووضع موطأ قدم هناك.

ومع ذلك، رفض سيكو أن تكون روسيا متورطة في الانقلاب العسكري بالنيجر، معتبراً أن التحرك كان مدفوعاً بقضية داخلية، وليس تحريضاً من موسكو أو أي قوى خارجية.

وقال رئيس مؤسسة "بورنهام جلوبال" المتخصصة في تدريب وتأهيل القوات الأمنية حول العالم، أن التطورات في النيجر تفيد قوات "فاجنر" الروسية، "لكن ليس إلى حد محاولة موسكو التحريض على انقلاب".

وأضاف سيكو، أن "فاجنر" ليس لديها من القوة ما يكفي لتثبيت طرف أو دعمه عسكرياً.

في المقابل، أكد أستاذ العلوم السياسية المصري طارق فهمي، أن "فاجنر" تستطيع دعم طرف على حساب الآخر في إفريقيا، مشدداً على أن "لديها مصالح كبرى في التعامل مع المشهد سواء في دول الساحل أو غرب إفريقيا"، وأنها "ستملأ الفراغ بعد انسحاب القوات الفرنسية".

ورغم مصالح "فاجنر" في المنطقة، أكد فهمي، أن تطورات الأوضاع في النيجر مدفوعة بأسباب داخلية، نتيجة تمرد بعض الضباط، والاعتراض على مجمل سياسات التعامل مع الأوضاع الداخلية، والعلاقات مع فرنسا أو غيرها.

ونبه فهمي إلى أن التطورات في النيجر لن تحسم بسهولة عودة الرئيس مرة أخرى إلى السلطة.

وتتواجد "فاجنر" حالياً في عدة دول إفريقية، أبرزها مالي وبوركينا فاسو، بطلب رسمي من السلطات هناك، لدعم حكمها وتدريب جنودها، وحمايتها من التنظيمات الإرهابية المنتشرة في تلك المنطقة.

حرب معلومات 

ولم تظهر الولايات المتحدة ولا حليفتها فرنسا صاحبة النفوذ والوجود التاريخي في المنطقة، أي نوايا للتدخل العسكري في النيجر.

وقال الباحث النيجيري أنجالابو، إن تصرفات واشنطن وباريس تشير إلى استعدادهما للعمل "كأحزاب ظل"، متوقعاً "بدء نوع آخر من الحرب، خلال الأيام المقبلة، وهو حرب المعلومات".

وأوضح أنه سيتم الترويج للكثير من المعلومات الخاطئة والمغلوطة، لتصوير روسيا على أنها تنشر الاستبداد دون احترام للحقوق والحريات، وعلى النقيض سيقال إن الولايات المتحدة وفرنسا تستخدمان الديمقراطية كغطاء لاستغلال موارد الشعوب.

"حرج أميركي"

ورأى الباحث الفرنسي لافيرين أن "الولايات المتحدة لا تريد التدخل عسكرياً في النيجر، حتى لو كان لديها قوات عسكرية أو قاعدة هناك".

وأشار إلى أن "الأميركيين ليسوا قلقين فحسب، بل محرجين أيضاً من تفاقم الوضع هناك، نظراً لأن قاعدتهم العسكرية هناك ليست مجهزة لتدخل عسكري، ولا موجهة ضد النيجر بشكل خاص، ولكن تجاه كل إفريقيا".

وتوقع لافيرين أن واشنطن ستحاول في الوقت الحالي تهدئة الأوضاع، في ظل مخاوف كبيرة من تفاقم الأزمة.

وأكد سيكو، أن القوات الأميركية في النيجر تشارك في تدريب وعمليات محدودة ضد الجماعات المتمردة على الأرض، لكن بموجب القانون عليها تعليق التعاون العسكري حتى عودة الحكم المدني.

وشدد على عدم وجود فرصة لأي تدخل عسكري أميركي لهزيمة الانقلاب، إلا إذا تعرضت المصالح الأميركية للهجوم، مثل السفارة، أو تدخل لإجلاء مواطنين.

من جانبه، رأى الباحث النيجيري، أنجالابو، أن تدخل واشنطن عسكرياً في أي دولة بغرب إفريقيا لإنهاء انقلاب بشكل صريح "سيواجه مقاومة شديدة".

وأوضح أن الانقلابات الأخيرة في غرب إفريقيا مختلفة، لأنها تحمل مشاعر معادية للغرب، نظراً لأن المتمردين العسكريين يعتبرون أنفسهم يحررون بلدانهم من الميول الاستعمارية الجديدة.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات